سحر الحكايات فى رمضان.. شهر زاد تروى أولى رحلات السندباد الحمال

الإثنين، 04 يونيو 2018 06:00 م
سحر الحكايات فى رمضان.. شهر زاد تروى أولى رحلات السندباد الحمال رحلات السندباد البحرى
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نستكمل اليوم، حكاية شهرزاد عن السندباد الحمال من ليالى ألف ليلة وليلة، والتى نقتطف حكاياتها فى سلسلة سحر الحكايات فى رمضان.

قالت: بلغنى أيها الملك السعيد، أن السندباد الحمال لما قبل الأرض بين أيديهم وقف منكس الرأس متخشع فأذن له صاحب المكان بالجلوس فجلس وقد قربه إليه وصار يؤانسه بالكلام ويرحب به، ثم إنه قدم له شيئاً من أنواع الطعام المفتخر الطيب النفيس فتقدم السندباد الحمال وسمى وأكل حتى اكتفى وشبع وقال: الحمد لله على كل حال ثم إنه غسل يديه وشكرهم على ذلك.

فقال صاحب المكان: مرحبا بك ونهارك مبارك فما يكون اسمك وما تعانى من الصنائع؟ فقال له: يا سيدى اسمى السندباد الحمال وأنا أحمل على رأسى أسباب الناس بالأجرة، فتبسم صاحب المكان وقال له: اعلم يا حمال أن اسمك مثل اسمى فأنا السندباد البحرى ولكن يا حمال قصدى أن تسمعنى الأبيات التى كنت تنشدها وأنت على الباب، فاستحى الحمال وقال له: بالله عليك لا تؤاخذنى فإن التعب والمشقة وقلة ما فى اليد تعلم الإنسان قلة الأدب والسفه.

فقال له: لا تستحى فأنت صرت أخى فانشد هذه الأبيات فإنها أعجبتنى لما سمعتها منك وأنت تنشدها على الباب فعند ذلك أنشده الحمال تلك الأبيات فأعجبته وطرب لسماعها وقال له: اعلم أن لى قصة عجيبة وسوف أخبرك بجميع ما صار لى وما جرى لى من قبل أن أصير فى هذه السعادة واجلس فى هذا المكان الذى ترانى فيه فإنى ما وصلت إلى هذه السعادة وهذا المكان، إلا بعد تعب شديد ومشقة عظيمة وأهوال كثيرة، وكم قاسيت فى الزمن الأول من التعب والنصب وقد سافرت سبع سفرات وكل سفرة لها حكاية تحير الفكر وكل ذلك بالقضاء والقدر وليس من المكتوب مفر ولا مهروب.

أول رحلات السندباد البحرى
 

الحكاية الأولى من حكايات السندباد البحرى وهى أول السفرات اعلموا يا سادة يا كرام، أنه كان لى أب تاجر وكان من أكابر الناس والتجار وكان عنده مال كثير ونوال جزيل وقد مات وأنا ولد صغير وخلف لى مالاً وعقاراً وضياعاً فلما كبرت وضعت يدى على الجميع وقد أكلت أكلاً مليحاً وشربت شرباً مليحاً وعاشرت الشباب وتجملت بلبس الثياب ومشيت مع الخلان والأصحاب واعتقدت أن ذلك يدوم لى وينفعني، ولم أزل على هذه الحالة مدة من الزمان ثم إنى رجعت إلى عقلى وأفقت من غفلتى فوجدت مالى قد مال وحالى قد حال وقد ذهب جميع ما كان عندى، ولم أستفق لنفسى إلا وأنا مرعوب مدهوش.

وقد تفكرت حكاية كنت أسمعها سابقاً وهى حكاية سيدنا سليمان بن داود عليه السلام فى قوله: ثلاثة خير من ثلاثة، يوم الممات خير من يوم الولادة، وكلب حى خير من سبع ميت والقبر خير من القصر.

ثم إنى قمت وجمع ما كان عندى من أثاث وملبوس وبعته ثم بعت عقارى وجميع ما تملك يدى، فجمعت ثلاثة آلاف درهم وقد خطر ببالى السفر إلى بلاد الناس وتذكرت كلام بعض الشعراء حيث قال: بقدر الكد تكتسب المـعـالـى ومن طلب العلا سهر الليالى يغوص البحر من طلب اللآلئ ويحظى بالسـيادة والـنـوال ومن طلب العلا من غير كـد أضاع العمر فى طلب المحال فعند ذلك هممت فقمت واشتريت لى بضاعة ومتاعاً وأسباباً وشيئاً من أغراض السفر وقد سمحت لى نفسى بالسفر فى البحر فنزلت المركب وانحدرت إلى مدينة البصرة مع جماعة من التجار وسرنا فى البحر أياماً وليالى وقد مررنا بجزيرة بعد جزيرة ومن بحر إلى بحر ومن بر إلى بر وفى كل مكان مررنا به نبيع ونشترى ونقايض بالبضائع فيه.

وقد انطلقنا فى سير البحر إلى أن وصلنا إلى جزيرة كأنها روضة من رياض الجنة فأرسى بنا صاحب المركب على تلك الجزيرة ورمى مراسيها وشد السقالة فنزل جميع من كان فى المركب فى تلك الجزيرة وعملوا لهم كوانين وأوقدوا فيها النار واختلفت أشغالهم، فمنهم من صار يطبخ ومنهم من صار يغسل ومنهم من صار يتفرج، وكنت أنا من جملة المتفرجين فى جوانب الجزيرة.

وقد اجتمع الركاب على أكل وشرب ولهو ولعب، فبينما نحن على تلك الحالة وإذا بصاحب المركب واقف على جانبه وصاح بأعلى صوته: يا ركاب السلامة أسرعوا واطلعوا إلى المركب وبادروا إلى الطلوع واتركوا أسبابكم واهربوا بأرواحكم وفوزوا بسلامة أنفسكم من الهلاك فإن هذه الجزيرة التى أنتم عليها ما هى جزيرة وإنما هى سمكة كبيرة رست فى وسط البحر فبنى عليها الرمل فصارت مثل الجزيرة وقد نبتت عليها الأشجار من قديم الزمان فلما أوقدتم عليها النار أحست بالسخونة فتحركت، وفى هذا الوقت تنزل بكم فى البحر فتغرقون جميعاً فاطلبوا النجاة لأنفسكم قبل الهلاك. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة