سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 يونيو 1926.. شيخ الأزهر يرفع إلى النائب العمومى تقريراً يتهم طه حسين بنشر الإلحاد فى كتاب «الشعر الجاهلى»

الثلاثاء، 05 يونيو 2018 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 يونيو 1926.. شيخ الأزهر يرفع إلى النائب العمومى تقريراً يتهم طه حسين بنشر الإلحاد فى كتاب «الشعر الجاهلى» محمد أبوالفضل الجيزاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسل فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، محمد أبوالفضل الجيزاوى، خطابًا إلى النائب العمومى يوم 5 يونيو «مثل هذا اليوم» 1926، به تقرير رفعته لجنة العلماء التى شكلها لدراسة كتاب «فى الشعر الجاهلى»، حسبما يؤكد خيرى شلبى فى كتابه «محاكمة طه حسين».
 
جاء هذا الخطاب بعد أيام من بلاغ للشيخ خليل حسنين، الطالب بالقسم العالى بالأزهر، حول نفس الموضوع يوم 30 مايو 1926، ووفقًا لمحمود عوض فى كتابه «أفكار ضد الرصاص» عن «دار المعارف - القاهرة»، قال الشيخ خليل فى بلاغه: «فى هذا الكتاب طعن صريح فى القرآن العظيم».
 
ويعتقد شلبى أنه كان من الممكن حفظ بلاغ الشيخ خليل، لولا بلاغ شيخ الأزهر، وحسب مصطفى صادق الرافعى فى كتاب «تحت راية القرآن» عن «دار الكتاب العربى - القاهرة»، فإن أعضاء هذه اللجنة الذين وقعوا على التقرير، هم محمود الدينارى، عبدالمعطى الشرشيمى، محمد عبدالسلام القبانى، عبدربه مفتاح، عبدالحكيم عطا، محمد هلالى الأبيارى، عبدالرحمن المحلاوى، محمد على سلامة.
 
رأى التقرير أن «الكتاب، 183 صفحة، كله مملوء بروح الإلحاد والزندقة، وفيه مغامز عديدة ضد الدين مبثوثة فيه، لا يجوز بحال أن تلقى إلى تلامذة لم يكن عندهم من المعلومات الدينية ما يتقون به هذا التضليل المفسد لعقائدهم، والموجب للخلف والشقاق فى الأمة، وإثارة فتنة عنيفة دينية ضد دين الدولة ودين الأمة»، ويضيف التقرير: «الكتاب وضع فى ظاهره لإنكار الشعر الجاهلى، ولكن المتأمل قليلًا يجد دعامة من دعائم الكفر ومعولًا لهدم الأديان، وكأنه ما وضع إلا ليأتى عليها من أصولها، وبخاصة الدين الإسلامى، فإنه تذرع بهذا البحث لإنكار أصل كبير من أصول اللغة العربية من الشعر والنثر قبل الإسلام، مما يرجع إليه فى فهم القرآن والحديث، هذا ما يرمى إليه الكتاب فى جملته».
 
أوردت اللجنة أمثلة فى تقريرها على ما وصفته بالروح الإلحادية فى الكتاب، وردودها عليها، وقالت إنه فى صفحة 26 قال حسين: «للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضًا، ولكن ورود هذين الاسمين فى التوراة والقرآن لا يكفى لإثبات وجودهما التاريخى، فضلًا عن إثبات هذه القصة التى تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة»، وفى صفحة 27 قال: «كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول مثل هذه الأسطورة - الهجرة المذكورة»، وفى صفحة 29 قوله: «ليس ما يمنع قريشًا من أن تقبل هذه الأسطورة التى تفيد بأن الكعبة من تأسيس إسماعيل وإبراهيم، كما قبلت روما من قبل ذلك ولأسباب مشابهة أسطورة أخرى صنعتها لها اليونان، تثبت أن روما متصلة بإينياس بن بريام صاحب طروادة، أمر هذه القصة إذًا واضح، فهى حديثة العهد قبيل الإسلام واستغلها الإسلام لسبب دينى، وقبلتها مكة لسبب دينى وسياسى أيضًا».
 
وفى صفحة 33 قال: «هناك شىء بعيد الأثر لو أن لدينا أو لدى غيرنا من الوقت ما يمكننا من استقصائه أو تفضيل القول فيه، وهو أن القرآن الذى تلى بلغة واحدة ولهجة واحدة هى لغة قريش ولهجتها لم يكد يتناوله القراء من القبائل المختلفة حتى كثرت قراراته، وتعددت اللهجات فيه، وتباينت تباينًا كثيرًا»، إلى أن قال: «إنما يشير إلى اختلاف آخر فى القراءات ويسيغه النقل، وتقتضيه ضرورة اختلاف اللهجات بين قبائل العرب التى لم تستطع أن تغير حناجرها وألسنتها وشفاهها لتقرأ القرآن كما يتلوه النبى وعشيرته من قريش، فقرأته كما كانت تتكلم»، وعلقت اللجنة: «هذا تصريح منه بأن القرارات لم تكن منقولة كلها عن النبى صلى الله عليه وسلم، بل هى من اختلاف لهجات القبائل، فالسبع المتواترة ليست عنده واردة عن النبى، ومعلوم فى أصول الدين أن السبع متواترة وأن طريقها الوحى فمنكرها كافر». 
 
اعتبرت اللجنة أن ما سطره حسين «كفر صريح» و«إلحاد وزندقة»، غير أنه محمد نور بك، رئيس نيابة مصر، قرأ تقرير الأزهر قبل أن يبدأ التحقيق مع طه حسين، وبعد تحقيقاته قرر حفظ التحقيق، وحسب سامح كريم فى كتابه «معارك طه حسين الأدبية والفكرية»، قال نور بك: «أنكر المؤلف فى التحقيق أنه يقصد الطعن على هذا الدين، وذكر أنه ورد فى كتابه على سبيل البحث العلمى من غير تقيد بشىء، وأنه لا يرتاب فى وجود إبراهيم وإسماعيل، ولا فيما جاء عنهما فى القرآن، ولكنه كعالم مضطر أن يذعن لمناهج البحث، فلا يسلم بالوجود العلمى التاريخى لإبراهيم وإسماعيل»، ويضيف نور بك: «العقاب على الخطأ فى الرأى مكروه». 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة