مواجهات مفتوحة وأزمات مرشحة للتفاقم شابت العلاقات التى تجمع إمارة قطر والدول الأوروبية، والتى بدأت قبل عام رحلة طويلة من الشك إلى اليقين بعدما أدركت دوائر صنع القرار داخل عواصم القارة العجوز الدور القطرى الواضح فى دعم وتمويل الإرهاب، خاصة بعد اختيار دول الرباعى العربى الذى يضم مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين مواجهة نظام تميم بن حمد، فى الخامس من يونيو العام الماضى، وفرض قائمة بـ13 مطلبًا لوقف تمويل الكيانات والتنظيمات المتطرفة نظير عودة العلاقات.
وأمام صمود دول الرباعى، وعناد تنظيم الحمدين، تكشف على مدار عام كامل الوجه الحقيقى لإمارة قطر ودورها فى نشر التطرف والإرهاب الذى طالت نيرانه ليس فقط دول العالمين العربى والإسلامى، بل دولاً أوروبية خاصة إسبانيا وفرنسا وغيرها من بلدان القارة العجوز.
وعن دور الدوحة المشبوه فى دعم وتمويل الإرهاب، قال الخبير البريطانى فى مكافحة الإرهاب الكولونيل تيم كولينز، إن قطر استقبلت قيادات فى جماعة الإخوان الإرهابية بعد هروبهم من دولهم، مؤكدًا خلال مشاركته السابقة فى أحد جلسات مجلس اللوردات أن "النظام القطرى كان ملاذا لقيادات الإخوان بعد هروبهم من دولهم، بسبب ملاحقتهم قانونيا على خلفية المشاركة والتخطيط لأعمال إرهابية والترويج للأفكار المتشددة".
وأضاف كولينز مؤسس منظمة نيو سينشرى، أن لقطر علاقات قوية مع المسؤولين الكبار فى جماعة الإخوان، وأن هروب قيادات الإخوان من مصر أعقبه دعم لا محدود من قطر، حيث قدمت الدوحة العون الكبير لقادة الجماعة لترويج أفكارهم المتشددة وآرائهم الداعية لنشر العنف والإرهاب.
وتحدث الخبير فى مكافحة الإرهاب عن خطورة تمويل الجماعات الإرهابية، موضحًا أن تمويل الإخوان هو المشكلة الكبرى فى بريطانيا، مشيرًا إلى أن حوالى 120 مليون يورو قدمت إلى هذه الجماعة، كاشفا عن أن حمد آل ثانى، قدم 20 مليون يورو لبناء مسجد فى كوبنهاجن تديره جماعة الدنمارك التابعة لما يعرف بالفيدرالية الإسلامية التى ترتبط بالإخوان.
وقال كولينز، إن الداعية الإخوانى يوسف القرضاوى كان قد دعا إلى إنفاق الأموال لدعم الإخوان والجماعات المرتبطة بها، كاشفا أن أمير قطر قدم 2.8 مليون يورو للدراسات الإسلامية فى جامعة أكسفورد، للإبقاء على الروابط بين هذه المؤسسات والإخوان.
وأكد كولينز، على أن جمعيات خيرية عدة قدمت الملايين لبناء مسجد فى شيفلد وهى مرتبطة بالإخوان، مشيرًا إلى أن "التمويل القطرى للإخوان فى أوروبا يصل إلى 350 مليون يورو".
ومن جانبه طالب زاك جولدسميث، وزير الدولة البريطانى لشئون الشرق الأوسط، قطر بإجابات بشأن دعمها للإرهاب، بعد ظهور العديد من الدلائل والإدانات، وقال جولدسميث: "لا يمكننا غض الطرف عن سلوك قطر".
كما شكك جولدسميث فى مزاعم الحكومة القطرية بأنها نفذت جميع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المتعلقة بتصنيف أفراد بأنهم إرهابيون أو داعمون للإرهاب، مشيرًا إلى أن القائمة القطرية لشخصيات وكيانات على قائمة الإرهاب المعلن عنها فى مارس الماضى لم تشمل خليفة السبيعى "ممول وميسر للإرهاب يعيش فى قطر".
وأوضح جولد سميث، أن قطر لديها استثمارات اقتصادية كبيرة ومصالح إعلامية فى بريطانيا، قائلًا: "لذلك أحثكم على إثارة هذه الأمور مع نظيركم القطرى فى أقرب فرصة ممكنة".
ومن لندن إلى باريس، لم تختلف الصورة كثيرا على مدار عام المواجهة مع إرهاب قطر، حيث عان فرنسا من الهجمات الارهابية الممولة من قطر بشكل مباشر وغير مباشر، وشهدت ضحايا وقتلى بالمئات، وهو ما دفع الرئيس الشاب إيمانويل ماكرون قبل توليه الرئاسة إلى الاعتراف بأن الدوحة راعية وممولة للإرهاب، ووعد بأن يقيد مصالحها وتجارتها فى البلاد، على الرغم من كونها ثانى اكبر مستثمر بالجمهورية الفرنسية.
وبخلاف لندن وباريس، لم تسلم مدريد من سموم تنظيم الحمدين الإرهابى، حيث عانت أسبانيا على مدار السنوات القليلة الماضية من أئمة التطرف المنتشرين فى العديد من مساجد مدريد وكتالونيا على حد سواء، والذين يتلقون تمويلات مباشرة وآخرى غير مباشرة من إمارة قطر، ومن بينهم الشيخ الجزائرى الأصل عبدالله ازهخر سنقرا، إمام مسجد "لاردة"، والذى تتهمه السلطات الأسبانية بنشر التطرف وممارسة نشاط يحرض على العنف والإرهاب.
وانتقدت دوائر إعلامية وسياسية عدة داخل مدريد الصمت الحكومى حيال قطر ودورها فى نشر الإرهاب داخل أوروبا، مشيرة إلى أن الدوحة تخطط لتمويل بناء 150 مسجداً فى أسبانيا بحلول عام 2020، خاصة فى مدريد وبرشلونة، واستغلال تلك المنابر ودور العبادة للدفع بدعاة ووعاظ موالين لتنظيم الحمدين بهدف نشر الفوضى واستقطاب الشباب للإنضمام لصفوف الكيانات الإرهابية ومن بينها داعش والقاعدة وغيرهما.
ورغم التحذيرات التى أطلقها مسئولين أوروبيين من دور إمارة قطر المشبوه، ورغم ما أبدته العديد من الحكومات الأوروبية من تأييد لمطالب دول الرباعى العربى الـ13 إلا أن العلاقات الرسمية ما تزال قائمة ، إلا أن مراقبون يتوقعون المزيد من التصعيد حيال نظام تميم بن حمد، والذى ارتكب العديد من الجرائم، ليس فقط حيال دول الجوار ، وإنما أيضا تجاه شعبه الذى يعانى ولا يزال من آلة قمع ممنهج واستقواء بالعناصر الأجنبية وفى مقدمتها تلك القادمة من إيران وتركيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة