تقع دولة الفاتيكان، أصغر دولة فى العالم، داخل العاصمة الإيطالية روما، وهى دولة ذات أهمية روحية لدى المسيحيين (الكاثوليك) فى العالم، وتحل اليوم الذكرى الـ89 على تأسيسها بشكل رسمى.
ورغم الوجود التاريخى للفاتيكان، فإن هذا الوجود لم يصبح بالشكل المستقل المتعارف عليه اليوم، قبل 7 يونيو سنة 1929 حين تم توقيع ثلاث معاهدات فى قصر لاتران بين الحكومة الإيطالية بقيادة بينيتو موسيلينى وممثل البابا بيوس الحادى عشر، الكاردينال بيترو كاسبارى، وعرفت هذه الاتفاقيات باسم اتفاقية لاتران، ونظمت الاتفاقيات الثلاث العلاقة بين الفاتيكان والدولة الإيطالية، ونصت على أن يكون الفاتيكان بحدوده الحالية، جزء مستقل عن الدولة الإيطالية ومدار من قبل البابا، وأشهر البابوات الذين حكموا دولة الفاتيكان هم:
البابا بيوس الحادى عشر
هو بابا الكنيسة الكاثوليكية رقم تسع وخمسون بعد المائتان لحبرية طويلة دامت من 1922 وحتى وفاته عام 1939.
واتخذ البابا شعاره "سلام المسيح، فى مملكة المسيح"، وأهم منجزات عهده هى اتفاقية لاتران مع الدولة الإيطالية والتى أوجدت الفاتيكان بالشكل المتعارف عليه اليوم، وتحديده الأحد الأخير من شهر أكتوبر عيدًا للمسيح الملك، كما أنشأ عددًا من المبانى الفاتيكانية المهمة، مثل متحف العلوم الحديثة ومتحف الرسالات، وكذلك أنشأ المرصد الفاتيكانى.
بيوس الثانى عشر
بابا الكنيسة الكاثوليكية رقم 260 لحبرية طويلة دامت تسعة عشر عامًا بين 1939 – 1958، ولد باسم جيوفانى باتشيلى فى روما، وانخرط فى سلك الإكليروس باكرًا، تقلب فى مناصب عدة فى قطاع العلاقات الخارجية للكرسى الرسولى، فعيّن سفيرًا بابويًا فى ألمانيا بين 1917 - 1929، ثم وزير خارجية دولة الفاتيكان.
أبرم بيوس الثانى عشر خلال وزارته العديد من المعاهدات المهمة مع دول أوروبا وأمريكا اللاتينية، كان أبرزها الاتفاقية مع ألمانيا النازية، التى سعت من خلالها الكنيسة لحفظ موقعها فى ألمانيا النازية، وعين أخيرًا أمين سر دولة الفاتيكان وكاردينالاً، وانتخب بابا بعد وفاة سلفه بيوس الحادى عشر فى اليوم التالى من انعقاد المجمع المغلق.
يوحنا الثالث والعشرون
بابا الكنيسة الكاثوليكية رقم 261، فى الفترة بين 28 أكتوبر 1958 و3 يونيو 1963 فى أقصر بابويّة خلال القرن العشرين بعد يوحنا بولس الأول، غير أنها كانت حافلة سيّما بعد دعوة البابا لعقد المجمع الفاتيكانى الثانى، ويعتبر من البابوات الأكثر شعبيّة فى التاريخ المعاصر.
ولد باسم أنجيلو جيوسيبى رونكالى عام 1881 فى إيطاليا وانخرط فى سلك الكهنوت باكرًا وأصبح أسقفًا ثم زائرًا رسوليًا فبطريركًا للبندقية عام 1953.
خلف البابا بيوس الثانى عشر فى رئاسة الكنيسة الكاثوليكية عام 1958، وكتب خلال حبريته عدد كبير من الرسائل والدساتير العامّة وعمل إلى تغيير وانفتاح الكنيسة الكاثوليكية على العالم.
غير أنه لم يعش لير ختام أعمال المجمع الذى دعا إليه بل توفى بعد ختام الدورة الأولى منه مباشرة، ليكمل خليفته بولس السادس سائر دورات المجمع.
أعلن طوبايًا وهى المرحلة التى تسبق مرحلة إعلان القداسة وفق العقائد المسيحية، فى 3 سبتمبر 2000 على يد البابا يوحنا بولس الثانى.
بولس السادس
باب الكنيسة الكاثوليكية رقم 262، فى الفترة بين 21 يونيو 1963 و6 أغسطس 1978، دعى باسم "بابا الإصلاح" و"بابا الحوار" و"بابا المصالحة" و"البابا الرحالة" و"بابا المجمع".
فأما "بابا الإصلاح"، للإصلاحات الإدارية والطقسيّة العديدة التى أدخلها مبتدئًا بالقداس الإلهى حسب الطقس اللاتينى والذى لم يكن قد عدل منذ مجمع ترنت عام 1563 مرورًا بغيرها من القضايا الطقسية البارزة التى أقرها المجمع الفاتيكانى الثانى على رأسها لغة الطقوس الدينية، إلى جانب الإصلاحات الإدارية التى شملت الكوريا الرومانية ومجمع الكرادلة إلى جانب الرهبنات وإشراك العلمانيين فى إدارة الكنيسة بشكل أكبر.
فضلاً عن تخفيف مظاهر العظمة والبذخ المرافقة لشخص البابا مثل التيرا واستحداث إدارات ولجان ومجامع جديدة فى الفاتيكان ومأسستها.
و"بابا الحوار" و"بابا المصالحة" لأنه أبدى انفتاحًا كبيرًا على غير الكاثوليك سيمّا الكنائس الأرثوذكسية الشرقية توجت برفع الحرم المتبادل منذ العام 1054 بين الكنيستين من مكان إعلانه فى آيا صوفيا، وكذلك الحال مع الإنجليكان.
وأما "البابا الرحالة" لأنه أول بابا يغادر الفاتيكان فى رحل خارجيّة حول العالم منذ أن اعتكف البابا بيوس التاسع عام 1870، كما أنه أكثر بابا قام برحلات حتى زمنه، شملت مناسبات هامة كإلقاء أول خطاب لبابا الكنيسة الكاثوليكية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويعرف باسم "بابا المجمع" نسبة إلى المجمع الفاتيكانى الثانى الذى أكمل دوراته الثانية والثالثة والرابعة وختم أعماله وأصدرها بدساتير ووثائق، فى 8 ديسمبر 1965، وأشرف على تطبيق مقرراته.
يوحنا بولس الأول
يوحنا بولس الأول (1912 - 1978) هو بابا الكنيسة الكاثوليكية الثالث والستون بعد المائتان بين 26 أغسطس 1978 و28 سبتمبر 1978 فى واحدة من أقصر الحبريات التى عرفتها البابوية الكاثوليكية. عرف عن هذا البابا كونه حبر إصلاحي، وعزم على تطبيق مقررات المجمع الفاتيكانى الثانى بقوّة، لكن وفاته المبكرة حالت دون تحقيق ذلك، وقيل أن الماسونيون فى إيطاليا قد قتلوه، فى حين أن تحقيقات الفاتيكان الرسمية تنكر ذلك
انخرط البابا فى السلك الكهنوتى باكرًا، وشارك فى المجمع الفاتيكانى الثاني، وشغل قبل انتخابه، عددًا من المناصب المهمة فى الكنيسة الكاثوليكية كان أعلاها "بطريرك البندقية".[2] يعتبر البابا أول بابا ولد فى القرن العشرين وكذلك آخر بابا توفى فيه، كما يعتبر حتى الآن آخر بابا إيطالي، إذ إن الباباوات الذين خلفوه يوحنا بولس الثانى هو بولندى وبندكت السادس عشر ألمانى وفرنسيس الأول أرجنتيني؛ عُرف هذا البابا بين الإيطاليين باسم البابا الباسم أو بسمة الله، وأطلقت عليه عدد من الوسائل الإعلام العالمية منها مجلة التايم اسم بابا سبتمبر.
يوحنا بولس الثانى
بابا الكنيسة الكاثوليكية رقم 264 تولى منذ 16 أكتوبر 1978 وحتى وفاته فى 2 أبريل 2005 فى حبرية طويلة دامت ستًا وعشرين عامًا، ولد فى 18 مايو 1920 باسم كارول جوزيف فوتيلا فى بولندا، وانخرط فى سلك الكهنوت عام 1946 وأصبح أسقفًا عام 1958 ثم كاردينالاً عام 1967 وأخيرًا حبرًا أعظم للكنيسة الكاثوليكية خلفًا للبابا يوحنا بولس الأول، وعند انتخابه كان البابا غير الإيطالى الأول منذ عهد إدريان السادس (1522 - 1523) كما كان البابا البولندى الأول فى تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.
اعتبر البابا يوحنا بولس الثانى واحدًا من أقوى عشرين شخصية فى القرن العشرين، وقد لعب دورًا بارزًا فى إسقاط النظام الشيوعى فى بلده بولندا وكذلك فى عدد من دول أوروبا الشرقية، وكذلك فقد ندد "بالرأسمالية المتوحشة" فى تعليمه الاجتماعى، ونسج علاقات حوار بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الآنجليكانية إلى جانب الديانة اليهودية والإسلامية، على الرغم من أنه انتقد من قبل بعض الليبراليين لتسمكه بتعاليم الكنيسة ضد وسائل منع الحمل الاصطناعى والإجهاض والموت الرحيم وسيامة النساء ككهنة، كذلك فقد انتقد من بعض المحافظين بسبب دوره الأساسى فى المجمع الفاتيكانى الثانى والإصلاحات التى أدخلت إثره على بنية القداس الإلهي، ولكسره عددًا وافرًا من التقاليد والعادات البابوية.
كذلك فقد كان البابا واحدًا من أكثر قادة العالم سفرًا خلال التاريخ، إذ زار خلال توليه منصبه 129 بلدًا. وكان يجيد الإيطالية والألمانية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والروسية والكرواتية إلى جانب اللاتينية والبولندية لغته الأم.
بندكت السادس
ولد باسم جوزيف راتزنجر وهو البابا الـ 265 فى الكنيسة الكاثوليكية، انتخب لمنصب البابا بعد خلوة انتخابية قصيرة فى 19 أبريل 2005، وأقام القداس الإلهى لتنصيبه فى 24 أبريل وتسلم مقاليد السلطة وفق التقليد الكاثوليكى يوم 7 مايو فى كاتدرائية القديس يوحنا اللاترانى فى روما، ويتمتع بالجنسية الألمانية وكذلك جنسية دولة الفاتيكان وحقوق المواطنة فى ولاية بافاريا، وكان خليفة البابا يوحنا بولس الثانى.
درس بندكت السادس عشر الفلسفة واللاهوت، وأصبح محاضرًا فى عدة جامعات ألمانية بشكل أساسى فى جامعة ريجينسبرغ، وسيم كاهنًا عام 1951، ثم أصبح خلال حبرية البابا بولس السادس رئيس أساقفة ميونخ ثم كاردينالاً عام 1977، لاحقًا فى العام 1981 انتقل إلى روما حيث أصبح رئيس مجمع العقيدة والإيمان أحد أهم مجامع الكوريا الرومانية، وظلّ كرئيسه حتى انتخابه 2005، وكان عمدة مجمع الكرادلة خلال انتخابات العام 2005 والمرشح الأول لشغل لمنصب.
كسابقه البابا يوحنا بولس الثاني، يعتبر البابا بندكت السادس عشر من المحافظين فى الكنيسة الكاثوليكية فى تعليمه اللاهوتى والاجتماعي، وقد كتب قبل انتخابه بابا، عددًا كبيرًا من المؤلفات فى شرح العقائد الكاثوليكية والقيم المسيحية، ويرى البابا أن الابتعاد عن الله وفقدان المبادئ الأخلاقية المشكلة الأساسية فى القرن الحادى والعشرين.
يدير البابا أيضًا، مؤسسة راتزنجر الخيرية، التى تقوم بتحويل عوائد بيع كتبه ومؤلفاته إلى صناديق دعم الثقافة خصوصًا لطلاب الجامعات.
استقال البابا فى 28 فبراير 2013 نتيجة تقدّمه بالسن، ليكون أول بابا يستقيل منذ ستة قرون.
البابا فرانسيس
ولد باسم خورخى ماريو بيرجوليو، هو بابا الكنيسة الكاثوليكية الـ 266، بدءًا من 13 مارس 2013.
انتخب البابا فرنسيس فى أعقاب مجمع انتخابى هو الأقصر فى تاريخ المجامع المغلقة، ويعتبر أول بابا من العالم الجديد وأمريكا الجنوبية والأرجنتين، كما أنه أول بابا من خارج أوروبا .
شغل منصب رئيس أساقفة بيونس آيرس قبل انتخابه بابا، وكان يوحنا بولس الثانى قد منحه الرتبة الكاردينالية عام 2001. اختار البابا اسم فرنسيس تأسيًا بالقديس فرنسيس الأسيزى، أحد معلمى الكنيسة الجامعة، «والمدافع عن الفقراء، والبساطة، والسلام».
تم تنصيب البابا بشكل رسمى فى ساحة القديس بطرس يوم 19 مارس 2013، فى عيد القديس يوسف فى قداس احتفالي؛ وعرف عنه على الصعيد الشخصى وكذلك كقائد ديني، التواضع ودعم الحركات الإنسانية والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتشجيع الحوار والتواصل بين مختلف الخلفيات والثقافات. بعد انتخابه حبرًا أعظم، ألغى الكثير من التشريعات المتعلقة بالبابوية على سبيل المثال أقام فى بيت القديسة مرثا لا فى المقر الرسمى فى القصر الرسولي، ووصف بكونه "البابا القادر على إحداث تغييرات".