تتجه أنظار العالم إلى فندق كابيلا فى جزيرة سنتوسا السنغافورية لمتابعة القمة الأمريكية ـ الكورية الشمالية المقرر لها أن تنعقد يوم الثلاثاء المقبل، والتى من المقرر أن تسفر عن نتائج من شأنها قلب موازين السياسة الدولية، ولأن إيران ملف حاضر فى كل المناسبات ترى أصوات أمريكية أنه من اللازم الحديث عن التعاون النووى الإيرانى ـ الكورى الشمالى ودور علماء إيران النوويين فى تطوير منظومات كوريا الشمالية.
فمن جانبه رأى الباحث والكاتب الأمريكى جيمس روبينز فى مقالة له بموقع "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكى أن القمة فرصة سانحة لترامب للكشف عن دور إيران فى تسليح كوريا الشمالية.
وأضاف أن طبيعة ومدى العلاقة غير المشروعة بين كوريا الشمالية وإيران ليست معروفة بشكل علنى، ولكن يمكن تصحيح ذلك بسهولة بمساعدة بيونج يانج، بعد قمة يوم الثلاثاء المقبل والتى يترقبها متابعو السياسة الدولية حول العالم.
وتساء روبينز، هل الطريق إلى طهران يقاد إليه عبر سنغافورة؟ وأجاب أنه من المتوقع أن تبدأ قمة الأسبوع المقبل بين الرئيس ترامب والزعيم الكورى الشمالى "كيم جونج أون" عملية تقود إلى نزع الأسلحة النووية بشكل كامل وقابل للتحقق ولا رجعة فيه من شبه الجزيرة الكورية، ومع ذلك بإمكان كوريا الشمالية أيضاً أن تلعب دوراً رئيساً فى الجهود العالمية الأوسع ضد الانتشار النووى.
جيمس روبينز
فعندما يتعلق الأمر ببرامج الأسلحة النووية غير المشروعة، فإن كوريا الشمالية هى سيد بلا منازع. على الرغم من كل الجهود التى بذلتها، فشلت إدارات هيلارى كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما فى منع بيونج يانج من الحصول على أسلحة نووية وصواريخ باليستية. فقد تلاعبت أسرة كيم بالمفاوضات، وتهربت من العقوبات، وتلاعبت، وتوسلت، واقتربت وسلكت طريقها إلى النادى النووى. وقد فعلت ذلك على الرغم من وجود واحدة من أضعف الاقتصاديات وأكثرها تخلفًا فى العالم.
والآن نريد أن نعرف كيف فعل النظام ذلك؟ والأهم من ذلك، من آخر من ساعد النظام على تحقيق هذا الهدف؟ تعرض مستشار الأمن القومى جون بولتون لانتقادات بسبب حديثه عن "خيار ليبيا" لنزع السلاح النووى فى كوريا الشمالية.
وقد ركز منتقدوه بشكل خاطئ على مصير معمر القذافى المروع بعد الإطاحة به وقتله فى عام 2011 بمساعدة الناتو. لكن موت القذافى كان نتاج سياسة إدارة أوباما الخاطئة التى أسفرت عن زعزعة استقرار ليبيا وتحويلها إلى ملعب للإرهابيين.
ورأت الكاتب أن خيانة القذافى كانت خسارة فادحة خطيرة للولايات المتحدة فى المنطقة، معتبرا أن تعليقات هيلارى كلينتون المتعجرفة من قبيل "لقد جئنا، رأينا، مات"، ساهمت فى تدهور الوضع. من الواضح أن هذا لم يكن ما يعنيه بولتون.
يعود الخيار الليبى ذى الصلة إلى عام 2003، عندما كان بولتون وكيلاً لوزارة الخارجية من أجل التحقق وتحديد الأسلحة. فى ديسمبر من ذلك العام، وافق القذافى على التخلى عن برنامجه للأسلحة النووية غير المشروعة وسلم أكثر من طن من الأجهزة والوثائق التى تفصّل كل جانب من جوانب تعهّداته.
وقد ساعد الكشف عن هذه المعلومات الاستخباراتية على كشف حلقة الانتشار النووى التى يديرها العالم النووى الباكستانى عبد القدير خان، والتى عززت برامج الأسلحة فى ليبيا وكوريا الشمالية وإيران. وكان تفكيك شبكة خان أكثر أهمية من إنهاء البرنامج النووى البدائى للقذافى، وفقا للكاتب.
مع ذلك، فإن فقدان الدعم من شبكة خان لم يمنع كوريا الشمالية فى نهاية المطاف من تطوير الأسلحة النووية واختبارها، حتى فى ظل معاناتها فى ظل عقوبات دولية صارمة. وبالتالى، فإن أى صفقة لنزع الأسلحة النووية من بيونج يانج يجب أن تشمل منح المحللين الأمريكيين إمكانية الوصول إلى السجلات النووية لكوريا الشمالية، بما فى ذلك معلومات عن كيفية تهرب مملكة هيرميت (اصطلاح يطلق على الدول التى تعانى من عزلة سياسية دولية واشتهرت به العائلة الحاكمة فى كوريا الشمالية) من العقوبات، ومن عمل معها للحصول على مكونات نووية، ومدى تعاونها مع الدول الأخرى أو موظفون فاسدون.
عليه ليس من المستغرب أن يهرع الرئيس السورى بشار الأسد إلى تحديد موعد لقائه مع كيم، لأن سوريا كانت جزءًا من شبكة الانتشار الكورية الشمالية. ففى سبتمبر 2007، دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية مفاعل "الكبر" للبلوتونيوم فى محافظة دير الزور الشرقية ذات الكثافة السكانية المنخفضة فى ما أسموه "عملية خارج الصندوق".
أجهزة الطرد المركزية فى المفاعلات الإيرانية
وقد تم تصميم المفاعل وبنائه من قبل فنيين من كوريا الشمالية، وعشرة خبراء منهم قتلوا فى الهجوم. قد يتوجه الأسد إلى بيونج يانج بحثا عن تأكيدات من كيم بأن تفاصيل العلاقة النووية بين البلدين ستبقى فى الخفاء، لذلك يجب على الولايات المتحدة أن تصر على إظهار تلك الحقائق، وفقا للكاتب.
ونوه الباحث إلى أن أحد المنشقين الإيرانيين كشف عن أن طهران قامت بتشييد مفاعل "الكبر"، ويشير هذا إلى ثورة استخباراتية ثانية أكثر إثارة للعيان، وهى: كشف تعاون كوريا الشمالية مع إيران فى برامج الصواريخ النووية والباليستية.
لقد كانت كوريا الشمالية المورد الرئيس لإيران لتكنولوجيا الصواريخ، وربما كانت تعطى مادة قابلة للانشطار للجمهورية الإسلامية أيضًا. وذكر تقرير للأمم المتحدة تم تسريبه فى عام 2011 أن البلدين يتبادلان أجزاء الصواريخ غير القانونية المهربة.
وبحسب ما ورد كان أكبر عالم نووى إيرانى، وهو محسن فخرى زادة ماهابادى، حاضراً فى التجربة النووية الثالثة لكوريا الشمالية فى 2013 أثناء عمله فى مشروع لتطوير رأس حربى يمكن أن يلائم صواريخ كوريا الشمالية.
وتكهن مسؤول أمريكى لم يذكر اسمه فى ذلك الوقت بأنه "من المحتمل جدًا أن يختبر الكوريون الشماليون الأمر فى دولتين"، وربما يمكننا الآن معرفة الإجابة على هذا السؤال.
واختتم الباحث مقالته بالقول إن طبيعة ومدى العلاقة غير المشروعة بين كوريا الشمالية وإيران ليست معروفة بشكل علنى، ولكن يمكن تصحيح ذلك بسهولة بمساعدة بيونج يانج وتشمل الأسئلة المهمة: إلى أى مدى تتعاون الدول فى برامجها النووية؟ هل اشتركت إيران مع كوريا الشمالية فى إجراء بعض جوانب برنامجها فى الخارج للتهرب من التفتيش الدولى؟ ما هى التكنولوجيا التى تم نقلها، ومن الذى قام بذلك؟ ما هى الدول الأخرى التى ساعدت فى تسهيل هذه العلاقة الإجرامية؟ وما هى المعلومات التى لدى بيونج يانج عن طهران والتى اعتقد الإيرانيون أن العالم لن يرها أبدا؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة