آية و5 تفسيرات.. فإذا مس الإنسان ضر دعانا

السبت، 09 يونيو 2018 07:00 م
آية و5 تفسيرات.. فإذا مس الإنسان ضر دعانا قرآن كريم
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نواصل، اليوم، سلسلة "آية و5 تفسيرات" التى بدأناها منذ أول رمضان، ونتوقف عند آية من الجزء الرابع والعشرين، هى الآية رقم 49من سورة الزمر، والتى يقول فيها الله سبحانه وتعالى "" فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِى فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"

تفسير بن كثير

يقول تبارك وتعالى مخبراً عن الإنسان أنه فى حال الضراء يتضرع إلى اللّه عزَّ وجلَّ، وينيب إليه ويدعوه، وإذا خوّله نعمة منه بغى وطغى، وقال: {إنما أوتيته على علم} أى لما يعلم اللّه تعالى من استحقاقى له، ولولا أنى عند اللّه خصيص لما خولنى هذا، قال قتادة: {على علم عندى} على خير عندى، قال اللّه عزَّ وجلَّ: {بل هى فتنة} أى ليس الأمر كما زعم، بل إنما أنعمنا عليه بهذه النعمة لنختبره فيما أنعمنا عليه أيطيع أم يعصى؟ مع علمنا المتقدم بذلك فهى {فتنة} أى اختبار {ولكن أكثرهم لا يعلمون}،  فلهذا يقولون ويدعون ما يدعون، {قد قالها الذين من قبلهم} أى قد قال هذه المقالة وادعى أن هذه الدعوى كثير ممن سلف من الأمم، {فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون} أى فما صح قولهم ولا نفعهم جمعهم وما كانوا يكسبون، {فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء} أى من المخاطبين {سيصيبهم سيئات ما كسبوا}،  أى كما أصاب أولئك {وما هم بمعجزين}،  كما قال تبارك وتعالى مخبراً عن قارون {قال إنما أوتيته على علم عندى أو لم يعلم أن اللّه قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون}؟ وقال تعالى: {وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين}،  وقوله تبارك وتعالى: { أو لم يعلموا أن اللّه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} أى يوسعه على قوم ويضيقه على آخرين، {إن فى ذلك لقوم يؤمنون} أى لعبراً وحججاً.


تفسير الجلالين

{فإذا مسَّ الإنسان} الجنس {ضر دعانا ثم إذا خوّلناه} أعطيناه {نعمة} إنعاما {منا قال إنما أوتيته على علم} من الله بأنى له أهل {بل هى} أى القولة {فتنة} بلية يبتلى بها العبد {ولكن أكثرهم لا يعلمون} أى التخويل استدراج وامتحان.


تفسير الطبرى

الْقَوْل فِى تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَان ضُرّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَة مِنَّا} يَقُول تَعَالَى ذِكْره: فَإِذَا أَصَابَ الْإِنْسَان بُؤْس وَشِدَّة دَعَانَا مُسْتَغِيثًا بِنَا مِنْ جِهَة مَا أَصَابَهُ مِنْ الضُّرّ، {ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَة مِنَّا} يَقُول: ثُمَّ إِذَا أَعْطَيْنَاهُ فَرَجًا مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ الضُّرّ، بِأَنْ أَبْدَلْنَاهُ بِالضُّرِّ رَخَاء وَسَعَة، وَبِالسَّقَمِ صِحَّة وَعَافِيَة، فَقَالَ: إِنَّمَا أُعْطِيت الَّذِى أُعْطِيت مِنْ الرَّخَاء وَالسَّعَة فِى الْمَعِيشَة، وَالصِّحَّة فِى الْبَدَن وَالْعَافِيَة، عَلَى عِلْم عِنْدِى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِى عَلَى عِلْم مِنْ اللَّه بِأَنِّى لَهُ أَهْل لِشَرَفِى وَرِضَاهُ بِعَمَلِى ( عِنْدِى ) يَعْنِى: فِيمَا عِنْدِى، كَمَا يُقَال: أَنْتَ مُحْسِن فِى هَذَا الْأَمْر عِنْدِى: أَى فِيمَا أَظُنّ وَأَحْسِب، وَبِنَحْوِ الَّذِى قُلْنَا فِى ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 23239- حَدَّثَنَا بِشْر، قَالَ: ثنا يَزِيد، قَالَ: ثنا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة ، قَوْله: { ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَة مِنَّا } حَتَّى بَلَغَ { عَلَى عِلْم } عِنْدِى: أَى عَلَى خَيْر عِنْدِى.

 تفسير القرطبى

قوله تعالى: { فإذا مس الإنسان ضر دعانا} قيل: إنها نزلت فى حذيفة بن المغيرة. { ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم} قال قتادة: {على علم} عندى بوجوه المكاسب، وعنه أيضا { على علم} على خير عندي. وقيل: { على علم} أى على علم من الله بفضلي. وقال الحسن: {على علم} أى بعلم علمنى الله إياه. وقيل: المعنى أنه قال قد علمت أنى إذا أوتيت هذا فى الدنيا أن لى عند الله منزلة؛ فقال الله: { بل هى فتنة} أى بل النعم التى أوتيتها فتنة تختبر بها. قال الفراء: أنث { هى} لتأنيث الفتنة، ولوكان بل هو فتنة لجاز. النحاس: التقدير بل أعطيته فتنة. { ولكن أكثرهم لا يعلمون} أى لا يعلمون أن إعطاءهم المال اختبار. قوله تعالى: { قد قالها} أنث على تأنيث الكلمة. { الذين من قبلهم} يعنى الكفار قبلهم كقارون وغيره حيث قال: { إنما أوتيته على علم عندي}. { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون} { ما} للجحد أى لم تغن عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئا. وقيل: أى فما الذى أغنى أموالهم؟ فـ { ما} استفهام. { فأصابهم سيئات ما كسبوا} أى جزاء سيئات أعمالهم. وقد يسمى جزاء السيئة سيئة. { والذين ظلموا} أى أشركوا { من هؤلاء} الأمة { سيصيبهم سيئات ما كسبوا} أى بالجوع والسيف. { وما هم بمعجزين} أى فائتين الله ولا سابقيه. وقد تقدم. قوله تعالى: { أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون} خص المؤمن بالذكر؛ لأنه هو الذى يتدبر الآيات وينتفع بها. ويعلم أن سعة الرزق قد يكون مكرا واستدراجا، وتقتيره رفعة وإعظاما.
 

تفسير الوسيط لـ طنطاوى

لنستمع إلى السورة الكريمة وهى تحكى أحوالهم فى السراء والضراء فتقول: فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا، ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ....
والمراد بالإنسان هنا هو جنس الكفار، بدليل سياق، الآيات وسباقها ويصح أن يراد به جنس الإنسان عموما، ويدخل فيه الكفار دخولا أوليا.
أى: فإذا أصاب الإنسان ضر، من مرض أو فقر أو نحوهما، دعانا قاعدا أو قائما. لكى نكشف عنه ما نزل به من بلاء.
ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا.. أى: ثم إذا أجبنا لهذا الإنسان دعوته وكشفنا عنه الضر وأعطيناه على سبيل التفضل والإحسان نعمة من عندنا، بأن حولنا مرضه إلى صحة، وفقره إلى غنى.
قالَ هذا الإنسان الظلوم الكفار إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ منى بوجوه المكاسب، أو على علم منى بأن سأعطى هذه النعمة، بسبب استعدادى واجتهادى وتفوقى فى مباشرة الأسباب التى توصل إلى الغنى والجاه.
وقال- سبحانه-: خَوَّلْناهُ لأن التخويل معناه العطاء بدون مقابل، مع تكراره مرة بعد مرة.
وجاء الضمير فى قوله أُوتِيتُهُ مذكرا مع أنه يعود إلى النعمة. لأنها بمعنى الإنعام.
أى: إذا خولناه شيئا من الإنعام الذى تفضلنا به عليه، قال إنما أوتيته على علم وتبوغ عندي.
وقوله- تعالى- بَلْ هِى فِتْنَةٌ رد لقوله ذلك، وزجر لهذا الجاحد عما تفوه به.
أى: ليس الأمر كما زعم هذا الجاحد، فإننا ما أعطيناه هذه النعم بسبب علمه- كما زعم- وإنما أعطيناه ما أعطيناه على سبيل الإحسان منا عليه، وعلى سبيل الابتلاء والاختبار له، ليتبين قوى الإيمان من ضعيفه، وليتميز الشاكر من الجاحد.
وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ أى: ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقائق، ولا يفطن إليها إلا من استنارت بصيرته، وطهرت سريرته.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت ما السبب فى عطف هذه الآية بالفاء، وعطف مثلها فى أول السورة بالواو؟ قلت: السبب فى ذلك أن هذه وقعت مسببة من قوله. إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ. على معنى أنهم يشمئزون من ذكر الله، ويستبشرون بذكر الآلهة. فإذا مس أحدهم ضر دعا من اشمأز من ذكره، دون من استبشر بذكره، وما بينهما من الآى اعتراض.
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة