"اعترف المتهم بأنه استخدم خيطاً طويلاً متيناً وربط فى طرفه حبة قمح، وجعل يتربص بدجاجة مارة فى أحد الأزقة، فما أن عثرت الدجاجة بحبة القمح حتى ابتلعتها، وعندئذ جذب المتهم الخيط، وإذا الدجاجة قد صارت فى يده بلا مشقة"
يروى توفيق الحكيم فى كتابه "عدالة وفن" عن قصص قضائية طريفة عاشها حينما كان فى مقعد النيابة العامة، بإحدى محاكم الأقاليم فى ثلاثينيات القرن الماضى، فى تلك الفترة عُرضت على المحكمة جنحة سرق فيها المتهم دجاجة، حينها نظر القاضى للمتهم، وقال معقبًا بعد أن اطلع على الأوراق: "يعنى اصطدت الفرخة بطعم وشبه سنارة كأنها سمكة"
- فرد المتهم بثقة: وهو صيد السمك حرام يا سعادة القاضى؟!
-القاضى: صيد السمك مش حرام، لكن صيد الفراخ حرام؛ لأن السمك فى البحر ليس له صاحب.. لكن الفرخة لها صاحب".
-المتهم: ما كانش لها صاحب.. كانت ماشية تايهة فى الحارة، يعنى يا سعادة البك لو لقيت من غير مؤاخذة كلب تايه فى الحارة وأخذته أبقى حرامى.
-القاضى: الكلاب غير الفراخ، سمعنا عن كلاب ضالة، لكن فراخ ضالة لم يحصل أبداً.
-المتهم: يعنى الكلب يضل والفرخة ما تضلش؟!.. تبقى الفرخة أفطن من الكلب؟!
-عنف القاضى المتهم قائلاً: يا رجل وقت المحكمة ضيق وأنت متهم بالسرقة.
صمم السارق نفى التهمة عن نفسه قائلاً: أنا يا حضرة القاضى ما سرقتهاش هى إلى بلعت قمحتى من جوعها لو كان لها صاحب كان يسيبها فى السكك تلقط قمح الناس، كان لازم يعمل طوق فى رقبتها زى الكلاب اللى ليها صاحب ولا أنا غلطان.
وتابع المتهم فى دفاعه عن نفسه: السرقة لما أكون أخدت حاجة من بيت واحد، أو من جيبه لكنى إلى يرمى حاجة فى السكة كأنه رماها فى البحر، تبقى من نصيب أى وأحد فقير زى حالاتى، وبالعقل يا سعادة القاضى أنا رحت للفرخة ولا الفرخة جاءت لى، لو كنت رحت بنفسى للمسروق كنت أكون صحيح حرامى، لكن المسروق حضر بنفسه لحد عندى، أكون سارقه بأى صفة.
انتهى القاضى من مداولة الجنحة وتحرير حيثيات حكمه وقضى بحبس المتهم 3 أشهر مع الشغل.
عدالة وفن
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة