لم تكد تمر ساعات قليلة على خفوت أزمة المرسوم الجمهورى بمنح الجنسية اللبنانية لنحو 400 شخص، والمعروفة بأزمة "مرسوم التجنيس" والتى كانت تتصدر الشأن اللبنانى على مدى الأيام العشرة الماضية، حتى ظهرت أزمة جديدة، غطت بدورها على تشكيل الحكومة - تتعلق بموقف وزير الخارجية جبران باسيل واشتباكه مع (المفوضية العليا لشئون اللاجئين فى لبنان) بإيقافه طلبات الإقامة المقدمة من المفوضية بدعوى أن المفوضية تعرقل جهود لبنان فى عودة النازحين السوريين إلى بلدهم .
وتأتى هذه الأزمة على الرغم من وجود ما يشبه الإجماع والاتفاق فى الرؤى بين مختلف الفرقاء من القوى السياسية اللبنانية، من أزمة النازحين السوريين داخل لبنان ، برفض توطينهم داخل لبنان وكذلك رفض اندماجهم داخل المجتمع وأن تبدأ عودتهم إلى سوريا بعد استقرار الأوضاع فى العديد من الأراضى السورية فى ما يعرف بـ "المناطق الآمنة".
واعتبر سياسيون ، خاصة بتيار المستقبل الذى يرأسه سعد الحريرى رئيس الحكومة المكلف ، أن وزير الخارجية اللبنانى جبران باسيل أقدم على "تصرف منفرد" بالتصعيد ضد مفوضية اللاجئين، معتبرين أن هذا الأمر يضع لبنان فى مواجهة مع المجتمع الدولى بأسره، فى حين ارتأى آخرون مؤيدون لقرار "باسيل" أنه اتخذ قرارا بما يتفق مع صلاحياته كوزير للخارجية وأنه أعلى مصلحة لبنان.
واعتبر وزير الدولة لشئون النازحين معين المرعبى أن المشكلة مع مفوضية اللاجئين "افتعلها جبران باسيل الذى يتصرف وكأنه الآمر الناهى فى البلد، وكأن لا وجود لحكومة أو وزارات معنية ولا رئيس جمهورية ولا رئيس حكومة معنيين يأخذون القرار فى هذا الموضوع" .
وأضاف "المرعبي" أن لبنان لا يمكن أن يدخل فى اشتباك مع المجتمع الدولى والأمم المتحدة، وأن مثل هذه القرارات يجب أن تصدر عن مجلس الوزراء، معتبرا أن باسيل قام بتوريط لبنان فى مشكلة مع المجتمع الدولى.
واتفق وزير التربية والتعليم مروان حماده مع "المرعبى" معتبرا أن "باسيل" أطلق سياسة جديدة للبنان، ولم يتقيد "بأننا مجرد وزراء لتصريف الأعمال وبالمعنى الضيق للأمر لحين تشكيل الحكومة الجديدة، وأعلن حرب إلغاء على المؤسسات الدولية".
وقال "حماده" إن وزير الخارجية لم يحسب التداعيات والخسائر التى قد يتعرض لها لبنان جراء هذا الموقف الذى أطلقه.. مؤكدا أنه لا يجوز أن يتم استخدام المنابر لتهديد المنظمات الدولية، وأنه لا ينبغى أن ينفرد وزير واحد بشأن يعنى به وزراء الداخلية والدفاع والعدل والتربية والصحة.
وقال مستشار رئيس الحكومة لشئون النازحين نديم المنلا ، إن الإجراء الذى اتخذه وزير الخارجية، أحادى الجانب ولا يعكس سياسة الحكومة اللبنانية أو رئيسها، وأن "الحريري" أبلغ "باسيل" أنه ضد هذا الإجراء وأنه يتعين عليه العودة عن هذا القرار.
وعلى الجانب الآخر، تلقى وزير الخارجية جبران باسيل تأييدا لقراره من وزيرى العدل والطاقة سليم جريصاتى وسيزار أبى خليل، حيث قال الأول: "فى مسألة النزوح السوري، تسمو المصلحة اللبنانية العليا على كل اعتبار.. أخبرهم يا جبران لماذا لم يوقع لبنان لحينه ودول الطوق العربى اتفاقية جنيف 1951 وبروتوكول 1967، فى حين سارعت إسرائيل الى التوقيع.. لعلهم يفهمون."
وقال الوزير أبى خليل: "يستشيط بعض الزملاء فى إطلاق المواقف من قرارات الوزير جبران باسيل لتغطية عجز أو تواطؤ، بات عليكم الاعتياد على وزراء تمارس صلاحياتها انطلاقا من المصلحة الوطنية والسيادة اللبنانية دون غيرهما".
كما قال النائب السابق أمل أبو زيد معلقا على الإجراء: "لعلها من المرات النادرة يتجرأ فيها وزير خارجية لبنانى ويتخذ تدبيرا صارما بحق منظمة دولية كمفوضية شئون اللاجئين، ردا على التمادى فى سياسة تخويف النازحين السوريين فى لبنان من العودة الى ديارهم، إنه العهد القوى".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة