يضمن قانون الصحافة الجديد للصحفى حرية أداء عمله بالشكل الذى ينظمه الدستور والقانون ويكفل له الحفاظ على حرية مصادره بينما يشدد على وضعية خاصة للصحافة فى زمن الحرب والتعبئة العامة وهى الظروف الاستثنائية المعمول بها فى التعامل مع تلك الأوقات الحساسة فى شتى دول العالم فى ظل ما قد تلعبه وسائل الإعلام من أدوار ترفع الحالة المعنوية للجنود المحاربين أو تحط منها إذا ما تحلت بعدم المسئولية
لكن اللافت فى هذا القانون، هو تلك الصياغات المحددة الواردة فى المادة التالية:
"ويشترط فى الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة، وتكون الأسهم جميعًا فى الحالتين اسمية ومملوكة للمصريين وحدهم، ولا يقل رأسمال الشركة المدفوع عن ثلاثة ملايين جنيه إذا كانت الصحيفة يومية، ومليون جنيه إذا كانت أسبوعية، و(500) ألف جنيه إذا كانت شهرية، و(500) ألف جنيه للصحيفة الالكترونية، و(500) ألف جنيه للصحيفة الإقليمية اليومية و(200)ألف جنيه للأسبوعية و(100) ألف جنيه للشهرية، على أن تطبع فى مطابع فى ذات الإقليم ولا توزع إلا فى داخله. ويودع رأس المال بالكامل قبل إصدار الصحيفة فى أحد البنوك المصرية."
القانون لا يقلل التنافسية بين صناع الصحف
قد يرى بعض القائمين على مهنة الصحافة أن تلك النفقات التي تبدو كبيرة وهي غير ذلك بأرقام الـ2018 تحد من انتشار الصحف والمواقع الإلكترونية وتقلل منها الأمر الذى يحد من المنافسة ومن تطور المهنة بشكل عام وهو أمر عار من الصحة إذا نظرنا له في إطار واقع الصحافة الحالى.
لا نبالغ إذ قلنا أن كل يوم في مصر يظهر موقع إلكتروني جديد، بعضها جادة والكثير منها غير ذلك، مواقع للهواة أو من يستطيعون تحويل "بوستات " الفيس بوك لموضوعات مقروءة بعيدة كل البعد عن ميثاق المهنة وقوانينها وذلك العقد الاجتماعي بيننا وبين القراء وهي أمور لا يمكن للصحفي الجاد أن ينخرط فيها
القانون يضمن الانحياز لقيم مهنية
كيف لمن تعلم قيم ومعايير المهنة بالممارسة أو بالأكاديميا أن يلقى كل ذلك خلف ظهره لأن السوق له قوانينه الخاصة تلك القوانين التي تجعل الصحافة تنزلق للمسار التجاري البعيد عن المهنية والقيم.
ينهي هذا القانون حالة السفه التي يمارسها هؤلاء الهواة الذين يخطئون في أبسط قواعد اللغة العربية لصالح مؤسسات جادة تدفع مرتبات صحفييها بانتظام ، وتدفع بهم لعضوية نقابة الصحفيين، وتتولى الأخيرة معاقبتهم إن تجاوزوا معايير وميثاق الشرف المهني وتقضي الدولة في تلك الحالة على منابر بث الشائعات والفتن والبلبلة ويصبح المجد وحده للمؤسسات والعمل المؤسسي والقيم والمعايير المهنية
القانون يقضى على الهواة ويشجع الاستثمار فى الإعلام
تنتهي _بتطبيق هذا القانون_ ظاهرة الصحفي الهاوي الذي لا يكلفه الأمر سوى وصلة انترنت منزلية وجهاز لابتوب ينتج من خلاله محتوى يتم تداوله على الانترنت فى الوقت الذي يتكبد فيه صحفى المؤسسة عناء يوم شاق وطويل من العمل يبدأ من منزله صباحًا وحتى مقر عمله مرورًا بمقابلة مصادره الصحفية وتلك العملية الشاقة المرهقة
نودع مع تطبيق هذا القانون تلك الفوضى التي خلقتها مواقع "بئر السلم" ممن تنافس الجادين في صنعتهم دون ضابط أو رابط أو معيار مهني، ونبدأ بعدها عصر جديد للمؤسسات الصحفية يشجع المستثمرين فى الإعلام على تلك المخاطرة إذ ينسحب من السوق كل الباحثين عن "سبوبة مؤقتة" لصالح مستثمر النفس الطويل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة