يعتبر المرض النفسى من الأمراض المنتشرة بأنواعها وأشكال مختلفة، كما يعتبر مدخلا للإصابة بالأمراض العضوية مثل القولون العصبى وقرحة الفم، وغيرها من الأمراض، وقد يصل الأمر إلى تهديد حياة المريض، الذى قد يفكر فى الانتحار بسبب إصابته بالاكتئاب.
ويجهل البعض أهمية المرض النفسى وعلاجه، وقد يعتبره وصمة يجب عدم الإعتراف بها، وإنكارها، ووفقاً لآخر ما توصل له بحث قامت به الأمانة العامة للصحة النفسية فى مصر بالتعاون مع منظمات دولية مختلفة، بالفترة الأخيرة، والذى كشف عن نسب وأعداد ربما لا تكن دقيقة بالكامل بسبب عدم تبليغ الكثيرين عن أمراضهم النفسية نسبة لوصمة العار من المجتمع ولكنها تعتبر مقاربة للواقع.
وأشارت الإحصائية التى نشرت عام 2017، إلى أن نسبة انتشار الأمراض النفسية بين البالغين "من سن 18 الى 64 سنة" من 10 إلى 12% بمتوسط عدد السكان، تبلغ مايقرب من 8 ملايين شخص يعانى من مرض نفسى، منهم يتم حجزه ومنهم من لا يحتاج سوى للتردد على العيادات والمتابعة مع الطبيب، وأن مصر تحتاج بواقع عدد المرضى 16600 سرير، موضحة أن عدد مستشفيات الصحة النفسية تبلغ 18 مستشفى ومركز بالإضافة إلى 5 مشاريع قيد الانتهاء منها.
التوهم الضلالى والإكتئاب.. من الأمراض النفسية المنتشرة بمصر
الدكتور محمد هانى، ستشارى الأمراض النفسية، قال فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية المنتشرة فى مصر وبنسبة 45% الاكتئاب الحاد، وبعض المرضى يعرضون أنفسهم على أطباء نفسيين للعلاج والبعض الآخر يرفض التوجه للعيادات النفسية، لأنه يعتقد أن المرض النفسى وصمة اجتماعية، يترك نفسه للظروف الإجتماعية والنفسية القاسية، مشيراً إلى أن الإصابة بالاكتئاب بداية للإصابة بأمراض نفسية أخرى.
وأشار إلى أن أسباب الإصابة بالاكتئاب عديدة، منها ظروف إجتماعية، التعرض لصدمات بالعمل أو علاقات عاطفية، وإحباط ويـأس وغيرها من الأسباب التى تكتشف عند إجراء الفحوصات الطبية.
وأضاف أن من الأمراض النفسية المنتشرة والغريبة مرض التوهم الضلالى، وهو عبارة عن نوبات يتعرض لها المريض لمدة 10 دقائق، ومن أعراضها الشعور بالضعف والكسل وعدم القدرة على العمل، وهو فى الواقع سليم صحياً ولايعانى من أمراض، وهذا المرض يسبب أضرار اجتماعية للمريض منها عدم القدرة على تكوين علاقات اجتماعية، والرغبة فى الانعزال عن المجتمع .
ويعتبر مرض التوهم الضلالى، أحد أنواع الاضطرابات النفسية الذهنية، التى يصاحبها نوبات هلع وخوف من الموت والمرض وحدوث تشنجات نفسية وعصبية والانعزال عن الناس وعدم القدرة على الكلام لمدة تصل 10 دقائق، وأسبابه الحرمان العاطفى وفقدان الحب والحنان، الشعور بالفشل فى حياته العملية، الحساسية الزائدة عند بعض الأفراد.
وأشار إلى أنه من الأمراض النفسية الغريبة والتى أصبحت منتشرة، أيضاً مرض انفصام الشخصية، الناتج عن مرور الشخص بمشاكل وظروف اجتماعية، وصدمات نفسية، ومن أشهر أعراضه هى أن تجد الشخص يتحدث فى موضوع معين، ثم يتجه للتحدث عن موضوع آخر، فى نفس الوقت دون أن يكمل الأول، بالإضافة إلى أنه يتوهم برؤية أشخاص ويتحدث معهم، أو التوهم بسماع أصوات.
وأضاف، أن أغلب الفئات التى تعانى من الأمراض النفسية، هما الشباب الذين تتراوح أعمارهم مابين 20 إلى 40 عاما، والمعروف فى هذه المرحلة العمرية بالحيوية والنشاط وحب الحياة، لذلك عندما يتعرضون لصدمة نفسية قوية، سواء فى العمل أو الأسرة أو الفشل فى علاقة عاطفية، فأن تأثيرها يكون فوى عليه يصاب بالاكتئاب الذى يعتبر البوابة الرئيسية للإصابة بأمراض نفسية أخرى.
إدمان
إدمان المخدرات والترامادول ..السبب الأول فى انتشار الأمراض النفسية
الدكتور محمد الشامى، استشارى الأمراض النفسية، أكد أن نسب الأمراض النفسية مختلفة على مستوى العالم، وتعتبر أكثر الأمراض النفسية، المنتشرة فى مصر، هى الاكتئاب بنسبة 1 من كل عشرة أشخاص، وخاصة فى الفئة العمرية التى تتتراوح مابين 60 إلى 65 عاما ، نتيجة التقاعد واضطرابات الشيخوخة، والإصابة بالزهايمر والأمراض الأخرى التى تصاحب هذه المرحلة العمرية مثل الكلى والقلب، وواحد من كل 13 شخص يعانى من قلق بدرجة مرضية، تحتاج لتدخل طبى، وتعتبر أكثر فئة إصابة بالأمراض النفسية هما المراهقين، من سن 13 إلى 20 عام، وذلك نتيجة الحماس والطاقة والحيوية التى تقابلها التعرض لصدمات نفسية وإجتماعية، مما يسبب إصابة المراهقين بأمراض نفسية، ولكن الأهالى يرفضون الاعتراف بإصابة أولادهم بمرض نفسى، وحاجتهم للعلاج، وانتشار تعاطى المخدرات والترامادول بين الشباب والمراهقين وتعاطيه فى الأفراح الشعبية والمناسبات الأخرى، واستخدام البعض كمسكن للآلام بعد إجراء عملية جراحية، وقد امتد الأمر إلى إدمانه، وبحسب إحدى الدراسات فإن نسبة تعاطى المواد المخدرة فى مصر تزايدت فى الفترة الأخيرة.
ومن المعروف، أن المخدرات تؤثر على وظائف المخ، مما تسبب فى الإصابة بأمراض نفسية مثل الهلاوس والاعتقاد بأفكار غريبة، مثل أحد الشباب الذى ظل يعانى من هلاوس وضلالات المصاحبه بتخيل رؤية أشخاص وأشياء وذلك نتيجة تعاطى حشيش، وأستمر علاجه لمدة عامين، مشيراً إلى أن من أسباب إنتشار تعاطى المخدرات هى مصاحبة أصدقاء السوء وإظهار مدى تأثيرها المبهج الذى يؤدى إلى أضرار صحية فى الأفلام والأغانى .
الاضطرابات الجنسية عند المرأة
الاضطرابات الجنسية والانفصامية.. أمراض نفسية تهدد العلاقات الأسرية
الدكتور جمال فرويز، استشارى الأمراض النفسية، قال فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن الأمراض العقلية انتشرت خلال هذه الفترة، بسبب انتشار تعاطى المخدرات التى تسببت فى الإصابة بالأمراض النفسية، مشيراً إلى أن الذكور أكثر عرضة للإصابة بأمراض العقلية، مشيراً إلى أن تغير الهرمونات أثناء الدورة الشهرية عند السيدات، تسببت فى الإصابة بالاضطرابات العصبية مثل الوسواس، الاكتئاب، القلق النفسى.
وأضاف :"تنتشر خلال هذه الفترة بعض الأمراض مثل اضطرابات انفصامية والوسواس واضطرابات جنسية، والتى تحتاج إلى فترة علاج لفترة طويلة، وساعد فى انتشار هذه الأمراض الأفلام الإباحية، والسفر للخليج الذى غير العادات والتقاليد عند البعض ليعود بعد السفر يصطدم بالثقافة المختلفة، التشبث الدينى الذى أدى إلى اضطرابات الجنسية مثل ممارسة العادة السرية، والاعتداء الجنسى على الأطفال، وأفكار وسواسية عن الدين، الأمر الذى تسبب فى مشاكل أسرية بين الزوجين".
وتابع:" طالبت إحدى السيدات بالانفصال عن زوجها بسبب إصابته بالانفصام الذى جعله يتحدث لنفسه بعض الوقت، ولا يهتم بنظافته الشخصية وشارد فى كثير من الأحيان، الأمر الذى يتطلب علاجه بأدوية طبية والخضوع لجلسات علاج نفسى".
خطة للقضاء على الأمراض النفسية فى مصر
وأوضح الدكتور محمد هانى، أستشارى الأمراض النفسية، أن الدولة بدأت فى الاهتمام بإنشاء مستشفى صحة نفسية مؤخراً بمدينة بدر، ولكن يجب الاهتمام بالمستشفيات الأخرى وأنواع العلاج والأدوية التى تستخدم فى هذه المستشفيات، وتقدم خدمات صحية على أعلى مستوى وتوفير الدعم النفسى للمريض وتأهيله حتى يستطيع أن يتعامل مع المجتمع مرة أخرى.
وطالب الدكتور محمد الشامى، استشارى الأمراض النفسية، بضرورة تغير ثقافة الشعب عن المرض النفسى، وأنه ليس وصمة فهو مثل باقى الأمراض والتنويه بأضراره النفسية والاجتماعية على الإنسان، التى تحتاج لعلاج.
وشدد جمال فرويز، ستشارى الأمراض النفسية، على ضرورة القضاء على المخدرات من خلال وضع قوانين تنص على إعدام التاجر وبائع المواد المخدرة، والاهتمام بمستوى الخدمات بالمستشفيات النفسية ونشر الوعى بالأمراض النفسية خلال وسائل الإعلام، وذلك لأن الكثير من الأشخاص ليس لديهم وعى بالأمراض النفسية، وعند ظهور أعراض المرض على المريض يصطحبونه إلى المشايخ باعتقاد بأنه مصاب بمس شيطانى، ولن يفكروا فى الذهاب للعيادة النفسية إلا عند تأخر الحالة .
وأضاف:"أتمنى أن تهتم الدولة بإنشاء مصحات نفسية بجميع محافظات الجمهورية، تقدم مستوى عالى من الخدمات الطبية، وتوفير ميزانية لتدريب الأطباء بالإضافة إلى إشتراك الجامعات والإكاديميات الطبية العسكرية فى عقد مؤتمرات وندوات بهدف تبادل الخبرات بين الأطباء، وأفكار لتطوير مجال الصحة النفسية".
