يواجه حلف الأطلسى أصعب مراحله بعد 7 عقود على تأسيسه بسبب سياسات الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، التى توقعت صحيفة دير شبيجل الألمانية أن يتخذ الخطوة المدمرة التالية خلال قمة الناتو المنعقدة فى بروكسل اليوم الأربعاء، وتستمر حتى الخميس.
فالخلافات والاتهامات التى قد تعصف بالحلفاء، تسيطر على القمة، حيث يصعب التكهن بتداعياتها مع استمرار ضرب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، حلفاؤه بعصا الإنفاق العسكرى وضغطه عليهم لزيادة إنفاقهم فى مجال الدفاع، ومهاجمته المستمرة للعديدة من الدول الأوروبية الأعضاء فى الحلف، وكان أخرها مهاجمة ألمانيا التى قال إنها أسيرة لروسيا.
وتشهد هذه الجولة من المباحثات بين قادة حلف الناتو، من بين المشاكل أيضا ما وقع بين الرئيس الأمريكى، وقادة أوروبا أثناء الاجتماع الاخير لمجموعة الست الكبرى، بسبب فرض الرسوم الجمركية على الألومنيوم والمعادن الأوروبية.
ووسط الارتباك الأوروبى والقلق والخوف من حدوث كارثة.. أعرب الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسى، أندرس فوج راسموسن، عن قلقه بقوله إن "الحلف يواجه أكبر أزمة منذ تأسيسه"، وأن القمة قد تؤدى إلى كارثة كبيرة، من جهته حث رئيس المجلس الأوروبى، دونالد توسك دول الاتحاد الأوروبى مؤخرا على الاستعداد لـ"أسوأ السيناريوهات" فى ظل التعامل مع قيادة أمريكية يصعب التنبؤ بتصرفاتها.
لذلك نتسأل كم تخصص الولايات المتحدة وباقى أعضاء الحلف فى مجال الدفاع، ما أدى لمطالبة ترامب لهم بالتزامهم بتخصيص 2% من إجمالى ناتجهم الداخلى على نفقات الدفاع بحلول عام 2024.
أرقام الحلف تكذب ترامب
بداية من أمريكا، حيث أكد ترامب أن واشنطن تدفع "90% من نفقات حلف الأطلسى، رغم أن الطريقة التى توصل عبرها إلى هذا الرقم غير واضحة، بحسب أرقام الحلف الذى أعلن أن الولايات المتحدة أنفقت نحو 70% من مجمل نفقات الحلف العسكرية عام 2018.
كما تأتى نفقات المملكة المتحدة فى المرتبة الثانية مع 61 مليار دولار، تليها فرنسا 52 مليارا وألمانيا51 مليارا.
التزام نسبة 2% من اجمالى الناتج المحلى
وتعتبر هذه المبالغ لا تأخذ فى الاعتبار الحجم النسبى لاقتصاد كل دولة فى حين التزمت الدول الأعضاء بنفقات تُحتسب بناء على اجمالى الناتج المحلى الخاص بكل منها.
ففى عام 2006، توصل وزراء دفاع حلف الأطلسى إلى اتفاق يحدد قيمة نفقات تمثل على الأقل 2% من اجمالى الناتج المحلى لبلدانهم. لكن عددا كبيرا من الدول خفضت نفقاتها العسكرية بسبب الأزمة المالية.
وخلال قمة الحلف عام 2014 فى ويلز، تعهدت الدول الأعضاء التى كانت تشعر بالقلق ازاء خفض ميزانيات الدفاع فى خضمّ الأزمة الأوكرانية، بـ"بلوغ هدف الـ2% خلال عقد واحد".
واستخدم ترامب بشكل منتظم هذا الالتزام للتأكيد أن الدول الأعضاء التى لم تبلغ نفقاتها العسكرية بعد نسبة 2% من اجمالى الناتج المحلى، لا تحترم وعدها، لكن الدبلوماسيين يشيرون إلى أن ليس هذا ما تم التوافق عليه بالضبط رغم أن جميع الدول اعترفت بوجوب زيادة الانفاق.
من يحترم نسبة الـ2% من اجمالى الناتج المحلى؟
بحسب أرقام الحلف، تكون الولايات المتحدة هى المساهم الأكبر فى حلف شمال الأطلسى بلا منازع، من حيث نسبة الانفاق من اجمالى الناتج المحلى (3,50% فى 2018 مقابل 3,57% فى 2017) وكذلك من حيث قيمة النفقات الإجمالية.
وتأتى اليونان فى المرتبة الثانية مع نسبة نفقات عسكرية تصل إلى 2.27% تليها استونيا (2.14%) والمملكة المتحدة (2.10%) ولاتفيا (2%)، وهى الدول الأوروبية الوحيدة التى بلغت نسبة الـ2% من إجمالى الناتج المحلى.
وفى يوليو 2018، وصلت بولندا إلى 1.98% وليتوانيا إلى 1.96% ورومانيا إلى 1.93%. ومن المفترض أن تتمكن هذه الدول الثلاث من تحقيق الهدف فى نهاية العام الحالى، بحسب الحلف، وبلغت فرنسا من جهتها، نسبة 1.81%.
أما ألمانيا فلم تحقق، القوة الاقتصادية الأولى فى أوروبا إلا 1.24%، وهى هدف رئيسى لانتقادات ترامب. أما كندا فتنفق من جهتها 1.23% من اجمالى ناتجها المحلى.
ميزانية الدفاع ومساهمات للأطلسى
ووسط ضغوط ترامب على أعضاء الحلف دائما يعلن أن الحلفاء "يدينون" للناتو، مما يؤدى ذلك إلى ارتباك علما بأن التزام الـ2% يرتبط بميزانيات الدفاع الوطنية، وهى مختلفة عن المساهمات المباشرة فى ميزانية حلف الأطلسى، حيث تُستخدم هذه المساهمات المباشرة لتمويل "الميزانية المدنية" للحلف (248 مليون يورو فى 2018) التى تغطى تكاليف التشغيل فى مقر الحلف فى بروكسل إضافة إلى "الميزانية العسكرية" (1.325 مليار فى 2018) التى تمول بنية قيادة الحلف.
وتساهم الدول الأعضاء الـ29 بناء على تقاسم للأكلاف يستند إلى حجم اقتصاد كل دولة، حيث تدفع الولايات المتحدة 22% من مجمل هذه الأكلاف تليها ألمانيا (14%) ثم فرنسا وبريطانيا (10.5% لكل منهما).