فى الوقت الذى تستعد فيه العاصمة البريطانية لندن، لاستقبال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، سواء من قبل المسئولين الرسميين الذين يعدون العدة للزيارة الهامة التى تأتى فى توقيت غاية فى الحساسية جراء الخلافات الكبيرة فى الداخل البريطانى حول خطة الخروج من الاتحاد الأوروبى، أو حتى من قبل النشطاء والمنظمات الحقوقية التى تحشد لتنظيم مظاهرات عارمة فى الشوارع للتعبير عن رفضهم للانتهاكات التى ترتكبها الإدارة الأمريكية بحق المهاجرين، يبدو أن الرئيس الأمريكى لديه أجندته الخاصة التى يسعى إلى تحقيقها خلال الزيارة الهامة.
ولعل المخاوف تتصاعد داخل أروقة الحكومة البريطانية جراء توقيت الزيارة التى يقوم بها ترامب إلى لندن، خاصة وأن الرئيس الأمريكى يبقى أحد أكثر المناوئين للاتحاد الأوروبى، وبالتالى فإنه سوف يسعى إلى فرض المزيد من الضغوط من أجل فصل الارتباط تماما بين لندن والكيان الأوروبى الموحد، وهو ما يخالف التوجهات التى تتبناها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى، والتى تسعى للاحتفاظ بالوجود البريطانى فى بعض الاتفاقات الأوروبية، خاصة المتعلقة بالتجارة.
يقول الدبلوماسى البريطانى السابق إيان بوند، فى تصريحات أبرزتها صحيفة "إكسبريس" البريطانية، أن الهدف من الزيارة والإصرار على لقاء الملكة مازال غامضا، خاصة وأن ترامب يدرك أن شعبيته فى بريطانيا تبقى منهارة تماما، وهو ما ظهر بوضوح فى قرار عمدة لندن صادق خان، والمعروف بمناوئته للرئيس الأمريكى، بالسماح بتنظيم المظاهرات فى العاصمة خلال زيارة ترامب، وهو ما يضع أعباء إضافية على العاملين بالقصر الملكى.
وأضاف أن ترامب هو بمثابة الضيف القادم من الجحيم لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى.
تحديات كبيرة.. ترامب يضع المزيد على كاهل ماى
يبدو أن فشل رئيسة الوزراء البريطانية فى إيجاد بديل تجارى كفء للاتحاد الأوروبى، هو السبب الرئيسى فى الاستراتيجية التى أعلنتها الجمعة الماضى، والتى تقوم على الاحتفاظ بوجود بريطانيا فى السوق الأوروبى المشترك، وكذلك الولاية القضائية لمحكمة العدل الأوروبية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبى، وهو الأمر الذى دفع وزير "بريكسيت" ديفيد ديفيس ووزير الخارجية بوريس جونسون إلى الاستقالة من منصبيهما خلال اليومين الماضيين، بالإضافة إلى اعتراض جانب كبير من أعضاء البرلمان وأعضاء حزب المحافظين البريطانى على رؤية ماى.
ترامب وماى خلال قمة الناتو
ففى تصريحاته قبيل مغادرة واشنطن متوجها إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، حرص ترامب على الإشادة بوزير الخارجية البريطانى السابق بوريس جونسون، والذى استقال مؤخرا من منصبه احتجاجا على سياسات رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى المتعلقة بمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبى، حيث وصفه ترامب بالصديق، مؤكدا أنه سيحرص على التواصل معه عندما يتواجد فى لندن، وهو الأمر الذى ربما من شأنه وضع المزيد من الضغوط على كاهل ماى، التى يواجه بقاءها فى منصبها تحديات كبيرة جراء حالة الانقسام الراهنة.
لقاء محتمل.. هل يدعم ترامب محاولات الإطاحة بماى؟
التصريحات التى أدلى بها ترامب، قبيل صعوده إلى طائرته الرئاسية متوجها إلى القارة العجوز، تثير التكهنات حول دعم أمريكى محتمل لمطالبات ثارت فى الأيام الماضية للإطاحة بتيريزا ماى من منصبها، خاصة وأن حديثه عن لقاء محتمل مع بوريس جونسون، والذى تحول باستقالته إلى صفوف المعارضين لبقاء ماى، فى رئاسة حزب المحافظين وبالتالى فى منصبها كرئيسة لوزراء بريطانيا، يثير العديد من التساؤلات حول الهدف من مثل هذا اللقاء، خاصة وأن جونسون لم يعد يحمل منصبا رسميا حتى يلتقيه الرئيس الأمريكى فى زيارة رسمية إلى لندن.
ترامب وجونسون
علاقات ترامب بالساسة البريطانيين، منذ نجاحه فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر 2016، كانت محلا للجدل، خاصة وأنه يحظى بعلاقات قوية مع عدد من المعارضين فى الداخل البريطانى، وعلى رأسهم رئيس حزب الاستقلال نايجل فاراج، والمعروف بتوجهه المناوئ للاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى علاقته الشخصية القوية مع ترامب، مما دفع الأخير إلى إطلاق دعوة صريحة لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى، عبر "تويتر"، لتعيينه سفيرا للندن فى واشنطن، وهى الدعوة التى أثارت جدلا فى حينها باعتبارها تدخل صريح فى الشئون الداخلية فى بريطانيا.
زيارة ترامب.. ضيف من الجحيم
إلا أن حديث ترامب عن جونسون لم يكن الوحيد من قبل إدارة ترامب لاستهداف رئيسة الوزراء البريطانية أو التقليل من شأنها، حيث سبق وأن صدر تصريح، فى يونيو الماضى، من قبل سفير واشنطن لدى لندن وودى جونسون، مؤكدا أن الرئيس الأمريكى سوف يلتقى ملكة بريطانيا، معتبرا أن لقاء ترامب مع الملكة إليزابيث هو الأكثر أهمية من أى لقاء آخر باعتبارها من تترأس الدولة البريطانية، وهو التصريح الذى رفض القصر الملكى التعليق عليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة