فى 14 يوليو 1789 انطلقت الشرارة الأولى للثورة الفرنسية الشهيرة، وكانت البداية فى أحد الرموز الفرنسية الغريبة وهو سجن الباستيل.
أنشئ الباستيل فى فرنسا بين عامى 1370 و1383 كحصن للدفاع عن باريس، ومن ثم كسجن للمعارضين السياسيين والمسجونين الدينيين والمحرضين ضد الدولة، ولا تزال فرنسا حتى اليوم تحتفل بمناسبة اقتحام السجن.
كان اسمه الأصلى "الباستيد" La Bastide وليس الباستيل وتعنى "الحصن" باللغة الفرنسية.
ووضع عمدة باريس حجر الأساس للباستيل عام 1370. وهكذا بنى الباستيل ابتداء من 1378 من ثمانية أبراج بارتفاع 24 مترا وبسمك 3 أمتار عند القاعدة ومتر و80 سم عند القمة، واستغرق البناء 12 سنة، ومات شارل الخامس أو (شارلكان) عام 1380 قبل أن يتم بناء الباستيل فى 1390.
منذ البداية كان للباستيل باب جانبى يستخدمه الملك للدخول والخروج سراً من باريس، وقد اعترضت بلدية باريس على وجود هذا الباب وحاولت إلغاءه، ولكنها عجزت عن ذلك.
ولم يعتبر الباستيل قصراً إلا فى عهد لويس الرابع عشر حين أصدر هذا الملك فى 1667 أمراً ملكياً لقومندان الباستيل باعتبار الباستيل أحد القصور الملكية وأمره بموجب هذا أن يطلق المدافع ابتهاجا بمولد ابنته. وفى عهد لويس الخامس عشر كان الباستيل يطلق المدافع تحية للملك عند دخوله وخروجه من باريس.
بحسب أرشيف مكتبة الأرسيناال (الترسانة) بلغ مجموع السجناء فى الباستيل منذ بنائه نحو 1400 حتى سقوطه فى 14 يوليو 1789 نحو 6000 سجين.
وكان أول سجناء مدنيين احتجزوا فى الباستيل عام 1423 اثنان من السحرة جىء بهما ليعالجا الملك من جنونه لكنهما فشلا، وفى 1428 كانت باريس وفرنسا كلها شمال نهر اللوار أيام شارل السابع خاضعة لهنرى السادس ملك إنجلترا ووثائق الفترة تقول أنه كان فى الباستيل 17 سجينا منهم 4 من الإنجليز و3 من الفرسان و3 من السياس من بريتانى وراهبان وقسيس واثنان من صانعى النبيذ وغلام يبلغ من العمر 13 عاما.
ومنذ البداية تقريبا تحول الباستيل من حصن عسكرى إلى سجن لأعداء الملك ولتأديب النبلاء الذين ينحرف سلوكهم فى البلاط. وبعد مائة سنة من الهدوء النسبى اتّسع الأمر ليشمل سجناء العقيدة الدينية مثل البروتستانت واتباع الجانسنية ثم الجزويت. كما دخلت الباستيل قلة من متهمى القانون العام، وتميز الباستيل عن سجون فرنسا الأخرى بأهمية ضيوفه أو بشهرة الجرائم التى ارتكبوها.
ومن أشهر المساجين فى الباستيل البرنس كوندى Prince Conde فوكيه Foucquet وزير مالية لويس الرابع عشر المفكر الكبير لاروشفوكو La Rochefoucauld المرشال ريشليو Richelieu ابن الكاردينال الأشهر وذو القناع الحديدى فولتير داميان الذى حاول اغتيال لويس الخامس عشر القائد ديموريين Dumouriez بطل معركة فالمى Valmy فيما بعد الماركيز دى صاد Marquis De Sade الساحر الشهير كاليوسترو Cagliostro الكاردينال دى روهان Cardinal De Rohan بطل فضيحة جواهر الملكة مارى انطوانيت.
وابتداء من 1659 بدأ الباستيل يحفظ سجلات منتظمة لسجنائه، ومنها نعرف أن سجناءه بين 1658 وسقوطه فى 14 يوليو 1789 بلغ 5279 سجينا منهم 2320 أيام لويس الرابع عشر (2016 ذكورا و226 اناثا)، ومنهم 1459 أيام وصاية الكاردينال دى فليرى De Fleury منهم 1233 من الذكور و226 من الإناث، ومنهم 1194 سجينا فى عهد لويس الخامس عشر (1019 ذكورا و175 إناثا) ومنهم 306 سجناء فى عهد لويس السادس عشر (274 ذكور و 32 إناث) ولم يكن تدرج عدد السجناء فى الانخفاض بسبب انخفاض عدد خطابات الكاشيه، ولكن نفقات الباستيل الباهظة جعلت الدولة تفضل إرسال المتعقلين إلى سجون أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة