كشف تقرير جديد نشره موقع بى بى سى تفاصيل جديدة حول الصفقة القطرية التى تقدر بمليار دولار التى دفعتها الدوحة إلى كتائب حزب الله العراقية، للإفراج عن عدد من أبناء الأسرة الحاكمة الذين دخلوا جنوب العراق بغرض الصيد، فضلا عن دفع الدوحة أموال ضخمة إلى جبهة النصرة الإرهابية والدخول فى اتفاق المدن الأربعة لتهجير أبناء الشعب السورى من مدنهم مقابل الإفراج عن الصيادين القطريين.
وقالت "بى بى سى" فى تقرير، إنه فى صباح يوم السادس عشر من شهر ديسمبر لعام 2015 تلقت الأسرة الحاكمة فى قطر خبر يفيد باختطاف 28 عضوا من مجموعة صيد أفرادها أمراء، وزود الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى والذى كان على وشك أن يصبح وزير الخارجية لقطر – بقائمة تتضمن أسماء الرهائن، وأدرك حينئذ أن القائمة تضم اثنين من أقربائه، وأرسل رسالة إلى السفير القطرى لدى العراق زايد الخيارين، جاء فى فحواها: "إن جاسم ابن عمى وخالد زوج خالتى حفظك الله عند تلقيك أى خبرٍ عن ذلك؛ أخبرنى على الفور".
وكشف تقرير بى بى سى عن تفاصيل الرسائل المتبادلة بين الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى والسفير القطرى لدى بغداد، مؤكدة أنه خلال فترة الاختطاف كان السفير القطرى فى بغداد زايد الخيارين فى الخمسينيات من عمره، وقيل إنه يحمل رتبة عقيد فى المخابرات القطرية، وكان أول مبعوث قطرى إلى العراق منذ 27 عاما، غير أن هذا المنصب لم يكن منصبا هاما وكانت هذه الأزمة فرصة بالنسبة له لتحسين مكانته.
وبحسب التقرير، ذهب الرهائن للبحث عن الصقور بغرض الصيد فى جنوب العراق وتلقوا تحذيرات ومناشدات بعدم السفر إلى البلاد، لكن رياضة صيد الصقور وهى رياضة الملوك فى الخليج دفعتهم للسفر لاصطياد طيور الحبارى التى تنتشر فى جنوب العراق.
وكشف تقرير الموقع البريطانى عن تفاصيل عملية اختطاف الصيادين القطريين، مؤكدا أنه تم اجتياح معسكر الصيادين بواسطة شاحنات صغيرة محملة ببنادق رشاشة ثقيلة فى ساعات الصباح الباكر.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" - حينها – عن أحد أفراد العائلة الحاكمة قوله بإنهم كانوا يعتقدون أن الخاطفين ينتمون إلى تنظيم داعش، مشيرا إلى أن توجيه أحد الخاطفين إساءة شيعية إلى السنة كشفت لهم احتجازهم بيد جماعة شيعية.
وأكد تقرير الصحيفة أن المسئولون فى قطر وصلتهم معلومات فى مارس من العام 2016 أن الخاطفين ينتمون إلى كتائب حزب الله العراقية وهى ميليشيا شيعية مدعومة من إيران، مؤكدا أن الفصيل المسلح طالب الحصول على أموال كفدية للإفراج عن الصيادين القطريين.
وأرسل السفير القطرى فى بغداد زايد الخيارين رسالة إلى الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثان رسالة جاء فيها "لقد أخبرتهم بأن يعيدوا لنا أربعة عشر شخصا.. وسنعطيكم نصف القيمة".
وبعد مرور خمسة أيام؛ عرضت كتائب حزب الله العراقية إطلاق سراح ثلاثة رهائن، وأرسل السفير القطرى فى بغداد رسالة إلى الوزير القطرى قال فيه "إنهم يريدون بادرة حسنة من جانبنا أيضا هذه علامة جيدة بالنسبة لنا...تدل على أنهم فى عجلة من أمرهم ويريدون إنهاء كل شيء فى أقرب وقت".
فيما توجه السفير القطرى لدى بغداد بعد يومين إلى المنطقة الخضراء فى العاصمة بغداد - جزء من المدينة محاط بأسوار منيعة ومؤمن بشكل دقيق – حيث تقع السفارات الأجنبية ومقر الحكومة العراقية، وأوضح السفير أن الأجواء كانت خلال تلك الفترة متوترة للغاية مع اندلاع احتجاجات ضد الفساد فى ساحة التحرير ببغداد وكانت لأشخاص يؤيدون رجل الدين الشيعى مقتدى الصدر.
وقال السفير القطرى لدى بغداد، إن بعض موظفى السفارات قد فروا فى ظل التوتر الذى كان يحيط بالمنطقة الخضراء، وأرسل السفير القطرى لدى العراق رسالة إلى محمد عبد الرحمن آل ثان جاء فيها "هذه هى المرة الثالثة التى آتى فيها إلى بغداد من أجل قضية الرهائن، ولم أشعر قط بمثل هذا القدر من الإحباط، ولم أشعر قط بمثل هذا القدر من التوتر والقلق. لا أريد مُغادرة البلاد دون وجود الرهائن معى".
وبحسب تقرير الصحيفة، ظهر الخاطفون للتفاوض مع الحكومة القطرية وقدموا مقطع فيديو يحتوى حديث لأسير قطرى محتجز داخل حبس انفرادى، ووجه الوزير القطرى سؤالا لسفير الدوحة فى بغداد "ما الذى يضمن لنا أن بقية الرهائن معهم؟"، وأضاف "قم بحذف الفيديو من هاتفك ..وتأكد من عدم تسريبه لأى شخص".
وصادق الخيارين على كلام الوزير القطرى، قائلا " لا نريد أن تشاهد عائلاتهم الفيديو ويتأثرون عاطفيا".
وأكد تقرير بى بى سى، أنه تم فصل الرهائن عن بعضهم البعض – حيث وضع الأمراء فى قبو لا نوافذ له؛ وتم أخذ أصدقائهم، وغيرهم من المواطنين العاديين، وغير القطريين من بين مجموعة الصيد، إلى أماكن أخرى ومعاملتهم بشكل أفضل وتقديم طعاما جيدا لهم.
وقال مسئول قطرى، إن الأمراء قد ينقلون أحيانا كل يومين إلى ثلاثة أيام – ولكن دائما ما يتم احتجازهم فى مكان ما تحت سطح الأرض، مؤكدا أن الرهائن كان بحوزتهم مُصحفًا واحدا فقط يتبادلونهُ لقراءة القُرآن، وعلى مدار الستة عشر شهرا لم يكن يعلم الرهائن أى فكرة عما يدور فى العالم الخارجى.
ووفقا للرسائل النصية والصوتية بين السفير القطرى فى بغداد والوزير القطرى محمد عبد الرحمن آل ثان، فقد طالبت كتائب حزب الله العراقية قطر بالانسحاب من التحالف الدولى الذى تقوده المملكة العربية السعودية فى اليمن، ومشاركة قطر فى إطلاق سراح الجنود الإيرانيين المحتجزين من قبل المتمردين فى سوريا.
وبحسب الرسائل النصية، فقد طالب أحد المفاوضين باسم كتائب حزب الله ويدعى "أبو محمد" مبلغ 10 ملايين دولار، وقال السفير القطرى فى رسالة بالبريد الصوتى "طرح أبو محمد سؤالا "ما فائدتى من ذلك؟ بصراحة أريد 10 ملايين دولار... وقلت له، 10 ملايين ؟ لن أعطيك 10 ملايين إلا إذا سلمتنى جميع الرهائن وذلك لتحفيزه"، وأضاف السفير القطرى فى رسالته "أننى على استعداد لأشترى لك شقة فى لبنان".
واستعان السفير القطرى فى بغداد باثنين من الوسطاء العراقيين، وكلاهما كانا من الطائفة السنية، والتقى الوسطاء مع وزير الخارجية القطرى وطلبوا منه إعطائهم هدايا تقدر بـ 150 ألف دولار نقدا وخمس ساعات من ماركة رولكس "اثنتان منهما من أغلى الأثمان، وثلاثة من جودة عادية، ولم يتضح إذا ما كانت هذه الهدايا للوسيطين أنفسهما أم كانت بهدف تتبع سير الخاطفين أثناء استمرار المحادثات".
وفى شهر أبريل لعام 2016 أضيف للسجلات الهاتفية اسم جديد وهو القائد فى الحرس الثورى الإيرانى قاسم سليمانى، وهو الراعى الإيرانى لكتائب حزب الله العراقية، ووصل مبلغ الفدية إلى مليار دولار، وأرسل السفير القطرى فى بغداد رسالة إلى وزير الخارجية القطرى قال فيها "لقد التقى سليمانى بالخاطفين مساء أمس وضغط عليهم من أجل قبول المليار دولار ولم يستجيبوا بسبب وضعهم المالى، وسليمانى سيعود".
وأشار السفير القطرى فى بغداد إلى أن الجنرال الإيرانى كان منزعج للغاية من الاختطاف، حيث قال للوزير القطرى "إنهم يريدون استنفادنا وإجبارنا على قبول مطالبهم على الفور، نحن بحاجة إلى التزام الهدوء وعدم التسرع لكن يجب أن تكونوا مستعدين لدفع الثمن." فأجاب الوزير: "الله يعين!"
وبحسب التقرير، طالب الجنرال الإيرانى قاسم سليمانى فى نوفمبر من العام 2016 قطر بالمساعدة فى تنفيذ اتفاق المدن الأربع، حيث كانت الحكومة السورية المدعومة من إيران تحاصر مدينتين سُنيتين يسيطر عليهما الثوار فى تلك الأثناء، وكانت هناك قريتان شيعيتان مواليتان للحكومة السورية تحت الحصار من قبل الثوار السلفيين، الذين كانت قطر تدعمهم ومن بينهم عناصر فى جبهة النصرة الإرهابية.
وبموجب الاتفاق لتحرير الرهائن القطريين، سيتم رفع حصار المدن لأربع وإجلاء سكانها.
ووفقا للسفير القطرى فى بغداد، قال الجنرال سليمانى لكتائب حزب الله العراقية، إنه فى حال تم إنقاذ الشيعة بسبب اتفاق المدن الأربع، فسيكون من المخزى المطالبة برشاوى شخصية.
وقال السفير القطرى فى بغداد للوزير القطرى "حزب الله فى لبنان وكتائب حزب الله فى العراق كلهم يريدون المال وهذه هى فرصتهم. إنهم يستغلون هذا الوضع للاستفادة منه.. خاصة أنهم يعلمون أنها تقريبا النهاية.. كلهم لصوص".
وتقدر الفدية التى دفعتها قطر إلى الميليشيا الإيرانية العراق مليار دولار و150 مليون دولار كمدفوعات شخصية للخاطفين.
واعترف المسئولون القطريون بصحة الرسائل الصوتية والبريدية التى نشرها تقرير "بى بى سى"، وفى أبريل 2017 حلقت طائرة تابعة للخطوط الجوية القطرية إلى بغداد لنقل الأموال واستعادة الرهائن.
واعترف المسئولون القطريون بدفعهم مبالغ مالى ضخم نقدا لتحرير الرهائن، لكنهم يزعمون أن المبلغ كان للحكومة العراقية - لم تكن جزءا من عملية التفاوض التى تمت بين الدوحة ووسطاء ومفاوضين من كتائب حزب الله العراقى.
وبحسب التقرير، فقد اعتقدت قطر انها أبرمت اتفاقا مع وزير الداخلية العراقى قاسم الأعرجى، والذى كان ينتظر فى المطار عندما هبطت الطائرة القطرية بحمولة نقدية موضوعة فى حقائب من القماش الأسود، فيما ظهر مسلحون يرتدون زى عسكرى بدون إشارة يتبعون رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى.
وفى الرسائل النصية، كان ضابط المخابرات القطرى، جاسم بن فهد آل ثانى الذى يُفترض أنه عضو فى الأسرة المالكة – حاضرا على أرض الواقع.
وكان لقطر دور فى تهجير السوريين من المدن الأربع ونقلت 46 حافلة الأشخاص من المدينتين السنيتين فى سوريا، وكتب ضابط المخابرات القطرى جاسم بن فهد – عضو فى العائلة المالكة - رسالة نصية جاءت كالاتى " لقد أخرجنا 5000 شخص على مدى يومين والآن نحن بصدد إخراج 3000 شخص.. لا نريد حدوث أى تفجيرات".
وبعد بضعة أيام، تم إخلاء المدن الشيعية وقد أرسل الوزير القطرى رسالة نصية مفادها أن "3000 شخص شيعى تم احتجازهم فى موقع التسليم ...عندما نرى الرهائن، سنجعل الحافلات تتحرك".
وقد رد السفير القطرى فى بغداد أن الجانب الآخر كان قلقا "إنهم يشعرون بالهلع لقد قالوا إنه إذا أشرقت الشمس دون مغادرة الشيعة فإنهم سيحجزون الرهائن".
وفى 21 أبريل 2017، تم إطلاق سراح الرهائن القطريين وكانوا جميعهم على ما يرام، حسبما ذكر السفير القطرى فى بغداد ، لكنهم "فقدوا نصف وزنهم تقريبا". لقد قام السفير القطرى فى بغداد بالترتيب لكى تقلهم طائرة إلى منزلهم ليتسنى لهم أكل "البريانى والكبسة... إن هؤلاء الرجال يفتقدون هذا الطعام".
وبعد ستة عشر شهرا من احتجازهم، أظهرت الصور التلفزيونية الرهائن وهم فى حالة هزيلة ولكنهم مبتسمين، على مدرج مطار الدوحة. وتقول مصادر الرسائل النصية ورسائل البريد الصوتى أن قطر أرسلت الأموال إلى الإرهابيين.
وقال السفير القطرى فى الرسائل الصوتية لكتائب حزب الله "يجب أن تثقوا بقطر، وأنتم تعلمون ما فعلته قطر وما فعله صاحب السمو، والد الأمير (حمد بن خليفة) .. لقد فعل أشياء كثيرة، ودفع 50 مليون، ووفر البنية التحتية للجنوب ( يقصد جنوب لبنان) وكان أول من زارها".
وأكدت المصادر القطرية أن مبلغ مالى ضخم تم دفعه إلى كتائب حزب الله فى لبنان وهو يظهر الدعم للشيعة بشكل عام.
عدد الردود 0
بواسطة:
جاسم
هههه
حلوه الرسائل