يبدو أن الرئيس السورى بشار الأسد، سيكون أكثر الرابحين من القمة التى جمعت الرئيسين الأمريكى والروسى، دونالد ترامب وفلادمير بوتين، فى العاصمة الفنلندية هلسنكى، والتى أثارت العديد من ردود الفعل منذ انعقادها مساء الاثنين.
فبعد خروج ترامب عن نصائح المستشارين وتقاربه الواضح مع نظيره الروسى، وهو ما أثار انتقادات واسعة ضده داخل واشنطن، تطرقت مجلة نيوزويك فى تقرير لها أمس إلى الأزمة السورية التى تعد الزعيمان بالتعاون لإنهائها بشكل عاجل.
وقالت المجلة الأمريكية إن الرجلين بديا متفقان، فى أحدث مؤشر على أن ترامب يدعم سياسة قد تمثل تراجعا عن السياسة الأمريكية فى بداية الصراع.
وعلى الرغم من أن التركيز الإعلامى فى هذ القمة انصب بشكل كبير على استمرار رفض ترامب للتحقيقات المستمرة حول التدخل الروسى المزعوم فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى عام 2016 التى جاءت به إلى الحكم، إلا أن اجتماع ترامب مع بوتين قد يكون له تداعيات أكبر بكثير لسوريا التى تمزقها الحرب. ففى المؤتمر الصحفى الذى أعقب الاجتماع بين الرئيسين، لم يصل ترامب إلى حد إعلان أى تحالف عسكرى مع روسيا لكنه أكد أن القوتين تتواصلان جيدا وتنسقان فى سوريا وفى مناطق أخرى.
ونقلت مجلة "نيوزويك" عن كمال علام، الخبير الزائر بالمعهد الملكى للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث بريطانى، قوله إنه فى البداية، كانت سوريا بالتأكيد أهم المحاور فيما يتعلق بالتلاقى، مصيفا أن فكرة تغيير النظام فى سوريا قد ماتت ودفنت الآن ولا يوجد فرصة لها.
وجاءت قمة الولايات المتحدة وروسيا بعد سبع سنوات تقريبا من إعلان الرئيس السابق باراك أوباما بأن الوقت قد حان ليتنحى الرئيس الأسد، وذلك فى بيان صادر فى أغسطس عام 2011 بعد أشهر من بداية الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
وبعد المنحنى العنيف الذى اتجهت إليه الأوضاع فى سوريا، فكر أوباما صراحة فى التدخل العسكرى فى ظل مزاعم بأن الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيماوية فى المناطق الواقعة لسيطرة المعارضة. وانتقد ترامب أوباما صراحة بسبب سياساته إزاء سوريا فى سلسلة من التغريدات منذ توليه الرئاسة.
وتحدثت المجلة الأمريكية عن مراحل تطور الصراع فى سوريا وصولا إلى محاولات إحلال السلام ومنها عملية الاستانة التى كانت بوساطة روسيا وإيران وتركيا ولم تدعمها تماما الولايات المتحدة، وقالت إن تلك المحاولات ظلت الأقرب لإتاحة السلام. ويقول كمال إن اتفاق الاستانة يشير إلى أن السوريين والأسد يمكن أن يستعيدوا الجنوب كله، ولا يعارض الإسرائيليون هذا، وقد تركت إيران الجنوب، لذلك يمكن أن يستعيد الجيش السورى الحدود الأردنية والإسرائيلية.
وأعرب خبير المركز البريطانية عن اعتقاده بضرورة استمرار عملية الاستانة، مضيفا أنه يعتقد أن الأمريكيين سينسحبون عند مرحلة ما مع عدم اهتمام ترامب، والتزام الجيش الأمريكى فى العراق وأفغانستان، واللتين تظل لهما الأولوية فى البنتاجون.
وتقول نيوزويك إنه لو اتفقا ترامب وبوتين على أى شىء يتعلق بسوريا خلال قمتهم، كما كان متوقعا، فإنه لم يتم الإعلام عنه، وما التزما به الطرفان هو التعاون فى مسألة الإغاثة الإنسانية فى الحرب التى سقط معها مئات الآلاف، والعمل على إعادة الملايين الذين نزحزوا. ويقول علام إن الأمريكيين والروس سيعملون معا على مسألة اللاجئين طالما أن الأمر فى مصلحتهما وأقل إثارة للجدل، وهما يعلمان أن تركيا ولبنان والأردن لا يستطيعوا التعامل مع الأمر ببساطة.