ناقش أعضاء لجنة التراث العالمى، التابعة لمنظمة اليونسكو، إعادة إحياء الموصل، والعمل على تسجيل المدينة على قائمة التراث العالمى، وتنظيم مؤتمر عالمى لحشد العالم لدعم إحياء الموصل.
جاء ذلك خلال اجتماع لجنة التراث العالمى الـ42، والذى استضافته اليونيسكو بالمنامة، مساء أمس، السبت، ضمن فعاليات ندوة حول إعادة إحياء مدينة الموصل، التى تعرضت لتدمير كبير أثناء الحرب التى دارت فيها.
وتناولت الندوة حسبما ذكرت هيئة البحرين للثقافة والآثار، فى بيان صحفى، مبادرة "إعادة إحياء الموصل" التى تعمل على تنفيذها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم اليونيسكو بالشراكة مع العراق وبدعم دول عربية وأجنبية.
وشهدت الندوة حضور الشيخة مى بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، فرياد رونديزى وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقى، وإيرنيستو أتونى راميريز نائب المدير العام للثقافة بمنظمة اليونيسكو، لازار إلوندو أسومو نائب مدير مركز التراث العالمى، وربى الحسن وكيلة وزارة الثقافة وتطوير المعرفة بدولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى تواجد مجموعة من الخبراء العراقيين وممثلين لمنظمات دولية معنية.
وقالت الشيخة مى بنت محمد آل خليفة: نجتمع اليوم بحضور دولى وبمبادرة من لجنة التراث العالمى كى نقف على ما آلت إليه حالة مدينة الموصل وتراثها الثقافى، مؤكدة على المكانة الهامة للعراق فى تاريخ الإنسانية منذ الحضارات الأولى التى تركت بصمتها على المجتمعات العربية حتى اليوم.
وتمنت الشيخة مى لمبادرة إعادة إحياء الموصل النجاح وتحقيق أهدافها كيف يعود للمدينة رونقها ومكانتها التاريخية و"أن يسمع العالم بأسره صرخة أبناء هذه الأرض ومن يقفون بجانبهم كى نمحو الأثر المأساوى الذى لحق بالمدينة ونستعيد جمال التراث الإنسانى الذى تشهد له آلاف السنين".
وأدى وقوع مدينة الموصل تحت نيران الحرب إلى تدمير المدينة، وخصوصاً مواقعها التاريخية والثقافة التى تشهد على روح التسامح والتعايش بين سكّانها، إذ أصبحت مواقع كموقع نمرود، ضريح النبى يونس، جامع النورى ومأذنته الحدباء أثراً بعد عين بسبب المعارك التى دارت فى المدينة. وتحاكى هذه الندوة أهداف المؤتمر الدولى لإعادة إعمار العراق والذى عقد فى دولة الكويت، والذى كان قد أكد على أهمية البعد الإنسانى والثقافى فى عملية التعافى والتطوير المستدام لمدن العراق.
وقال إيرنيستو راميريز إن مدينة الموصل تمثل رمزاً للتعددية فى المجتمع العراقى وهى ملتقى للثقافات فى الشرق الأوسط كونها شكلت معبراً للحضارات على مر القرون، مشيراً إلى أن روح الموصل تعرضت لضربة قاسية أثناء الحرب.
وأوضح إيرنيستو راميريز أن المبادرة تهدف إلى إعادة إحياء التعايش السلمى فى المدينة وإعادة ترميم التراث الثقافى المادى وغير المادى فيها بمشاركة جميع الأطراف، قائلاً إن مبادرة إعادة إحياء الموصل رسالة أمل لمستقبل أكثر إشراقاً للعراق. وأضاف: "اليونيسكو ستنظم نهاية العام مؤتمراً دوليا لحشد الدعم العالم لإحياء الموصل، هذه المبادرة دليل على العزيمة القوية لمنظمة اليونيسكو ولشركائها فى استثمار التعليم والثقافة فى عملية إعادة الإحياء".
وأعرب وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقى السيد روانديزى عن شكره لجميع المساهمين فى عملية إعادة إحياء مدينة الموصل، مؤكداً أن العراق عازم على إعادة ترميم ما دمرته الحرب من متاحف وموروث ثقافى مادى وغير مادى. وقال إن العراق ملتزم ببنود اتفاقية التراث العالمى لعام 1972م، مشيرا إلى أن العراق منضم للاتفاقية منذ عام 1974م.
وتأكيداً على سعى الوزارة لصون وحفظ التراث الثقافى بالموصل، سلم روانديزى ملف تسجيل مدينة الموصل القديمة على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمى إلى نائب المدير العام للثقافة إيرنيستو راميريز.
وأعربت ربى الحسن عن سعادتها لمشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة فى مبادرة إعادة إحياء مدينة الموصل، مؤكدة على أهمية التراث الثقافى فى مدينة الموصل. وقالت إن ما تعرضت له مسجد النورى فى العراق اعتداء على هوية المدينة التى تعد رمزاً للتعايش والانسجام.
وانتقلت الندوة إلى تقديم عرض حول أولويات إعادة الإعمار فى مدينة الموصل، حيث قال الدكتور فيس رشيد نائب وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقى إن مدينة الموصل تضم آثاراً آشورية تعود إلى آلاف السنين.
وأوضح فيس رشيد عبر صور متعددة أن الكثير من هذه الآثار تعرضت للتدمير التام، كبوابة عاصمة نينوى التى تعود إلى القرن 7 قبل الميلاد، أسوار العاصمة الآشورية، الثيران المجنحة الموجودة على بوابات المدينة، متحف الموصل الذى تحطمت معظم مقتنياته وسرقت أكثر من 121 قطعة أثرية منه.
كما أوضح فيس رشيد أن آلاف الكتب تعرضت للحرق وفقدت المدينة أكثر من 10 آلاف كتاب ثمين.
وفى سياق متصل تحدث الدكتور إحسان فتحى الخبير فى التراث الثقافى حول مواقع مدينة الموصل قبل وبعد تدميرها، حيث أشار إلى أنه يجب اتخاذ تدابير طارئة لضمان عدم تشويه المدينة بسبب العمليات العشوائية فى إعادة الإعمار.
وقال إحسان فتحى إنه توجد فرصة كبيرة من أجل إعادة ملامح المدينة التى اندثرت، إلا أن هذه العملية تحتاج إلى توثيق وبحث عميق لتجنب فقدان الموصل لهويتها الثقافية.
يذكر أن مبادرة إعادة إحياء الموصل تعد واحدة من أولويات اليونسكو خلال السنوات القادمة. إذ تعد أكبر حملة إعادة إعمار تقوم بها المنظمة فى الآونة الأخيرة. فقد حشدت قواها بالكامل، منذ شهر فبراير 2018م من أجل إتمام مبادرة الموصل، سواء فى مقرها أو فى مكاتبها الميدانية فى العاصمة العراقية بغداد والمنطقة. وتتماشى المبادرة مع خطة "إعادة الإعمار والتنمية فى العراق" التى تقوم بها الحكومة العراقية، وبرنامج التعافى وبناء القدرة على الصمود فى العراق، الذى استهل بمبادرة من الأمين العام للأمم المتحدة.