تشير العديد من التقارير غير المجدية، إلى أن اليوم عادة ما يبدأ بزقزقة العصافير وشدو الطيور مع شروق الشمس، وهذا إن كنت من المستيقظين مبكرًا، فأشارت العديد من المصادر غير المفهومة إلى أن البدايات دائمًا أجمل، وأن القادم أفضل.
ومع إعادة قراءة السطر السابق، لنا أن نتيقن هراءات تلك الجمل، فإنما البداية هى نهاية شىء ما ومرحلة سابقة، بداية حياة، نهاية سكون، نهاية الحياة بداية لحياة أخرى بمعتقداتنا أو بداية سكون بمعتقدات أخرى، ببساطة نعيش فى عدد لا متناهى من دوائر متشابكة غير منتهية.
ولعل البدايات ما تحمل أملاً، وميض لدرب جديد، عادة ما يكسوه غطاء الحلم الساذج تارة، وخوف من قادم مجهول تارة أخرى، فالخوف من البدايات عادة متأصلة فى تكوين الإنسان الذى يخشى دائمًا من المجهول. وباختلاف نظرة الإنسان تختلف الاتجاهات، فهناك المتفائل الذى يستبسط كل ما هو قادم، ولا يكترث كل ما هو غامض وصلب، وهناك المتشائم الذى يختلق طريق الأشواك فى عقله مسترسلًا بخبراته السابقة، وهناك أنواع أخرى متوازنة نسبيًا، واقعية لدرجة صادمة.
وترتبط البدايات بالانطباعات الأولية للرحلة، وبمدى إرادة الإنسان بالذهاب فى اتجاهات تلك الرحلة، وإن تلاقت الإرادة مع الاستيعاب الذهنى والرغبة فى خوض التجربة، يبدأ شهر العسل للتجربة، وهذا الشهر ليس بالمعدل المتوسط 30 يوما، بل يعود للفترة حتى الإشباع الكافى من هذه التجربة أو النفور منها كليًا.
ويقال إن أصل تقليد شهر العسل بشكل خاص يعود للعصر البابلى، حيث كان حينئذ عند الزواج، يقدم والد العروس البيرة المصنوعة بالعسل طوال شهر كامل كهدية للعريس، كمعتقد منه أن تلك التركيبة ترفع القدرة الجنسية. وبالمطابقة هذا ما تفعله الرغبة والإرادة فى توليد التفاؤل عند خوض تجربة جديدة. فينتج الإحساس بأن كل شىء سوف يتحقق، وسنغزو القمر ونأكل الجبال، وسنصل للمراد.. رائع!
ويأتى هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية ليفسر لنا أولويات حاجاتنا بداية من تحقيق الحاجات الجسدية، ثم الأمان، ثم الحاجات الاجتماعية، يليها الحاجة للتقدير، يليها الحاجة لتحقيق الذات، ويبدأ شهر عسل لكل حاجة على حدى انتهاءً بتحقيق الذات.
ثم ينتهى شهر العسل، ونصبوا بواقعية لما كنا عليه، وما آلت إليه نفسنا، ودائمًا ما نتساءل هل حصلنا على العيش والحرية وكومبو العدالة الاجتماعية؟ لابد من وقفة لكى نسأل أنفسنا بعض الأسئلة الهلامية مثل: هل كانت وظيفة العمر أو النص عمر؟ هل بعد الدراسة والعمل الشاق وصلنا لمراكز مرموقة؟ هل عشنا فى تبات ونبات وجبنا صبيان وبنات؟ وهل أخذوا طيبتها وجمالها وحبها للحياة؟ وهل أخذوا الحنية والبراءة اللى فى عينينا وأصالة بلدنا؟
بعد تفكير ليس بالعميق لربما نجد أننا كنا نتوهم ولم يعد هناك مكان لمثل هذه الهراءات، وتنقلب الرومانسيات حكاوى القهاوى والمنافسة فى إظهار قسوة وظلم الحياة ومقلب الزواج، والبكاء على الأطلال، وأصبحنا ننظر لمن يقدم على شهر العسل بسخرية تهكم، ولا عزاء للندم!
عندما ينتهى شهر العسل، لا تذبل الورود، بل تصطدم الأحلام طبيعياً بكيمياء الواقع، عملية تصحيح للنظر ليس إلا، ويتضح جليًا أننا مخلوقات ضعيفة متطرفة هاوية ساذجة، وتدنو احلامنا ويهبط سقف توقعاتنا، وندعو الله أن تكون للوسطية.
ليتنا نتخلص من عادة البابليين، ونتعامل بحنكة الواقع، فالمبالغة تختصر متعة التجربة وتجعلها بلا معنى، ليتنا نتريث، حتى لا تضيع مجهوداتنا تحت آثار هدم سقف التوقعات، فليس كل ما نستحقه نلقاه، فكم من لاعب مهارى راوغ الجميع وسدد الكرة بشكل استعراضى هائل لتصطدم أخيرًا فى العارضة! فلكل تجربة قدرها، وظروفها المحيطة وطبائع واختيارات بشرية مختلفة تتحكم فى دورة حياتها. وإن كان الفوز حليفنا فلابد أن نتذكر أن الأيام دول عندما ينتهى شهر العسل.
عدد الردود 0
بواسطة:
Ahmed Elhady
اول مره اخد بالي ان لكل حاجه شهر عسل
روعه
عدد الردود 0
بواسطة:
التائهه
راقي
الكلام جميل ولمسني بس مغيرش ال جوايا