"تركانى وحدى بضع دقائق. فجلست وتساءلت عما قد حدث. لقد كنت بالطبع على معرفة بأن بصرى ضعيف جدا. كنت أبصر بعين واحدة فقط. وكانت مغطاة بندوب عميقة إلى حد أنه كان يتعين على النظر من خلال فتحة صغيرة واحدة تقع يسار عينى. لقد كان يمكننى، مثلا، قراءة كتاب ما، شريطة أن أقربه إلى وجهى وأجهد عينى قدر استطاعتى بتحريكهما صوب اليسار. مع ذلك لم أسمح لحالة عينى بالحول بينى وبين أغلب ما أردت القيام به. لقد عشت حياة نافعة سعيدة ومفعمة بالنشاط، هذا على الرغم من حقيقة أن قوة بصرى، كما كنت قد سمعت ذات مرة الدكتور بنيديكت يخبر الأخصائى الكبير فى طب العيون الدكتور فوخ فى فيينا، هى 4/60 فقط، علما بأن الأشخاص الذين لديهم قوة بصر 6/60 يعدون مكفوفين".
تعلمنا سيرة (بورجيلد دال)، التى ترجمها ساجد العبدلى، عن حياتها التى دامت ٩٤ عاماً، أن الإعاقة التى تصيبنا ولا دخل لنا فيها، لا يمكن أن تسلبنا طموحاتنا، وأن المعاناة جزء أساسى للنمو والنضج، وتعلمنا أنه مهما واجهتنا العوائق، فإننا بإمكاننا أن نتغلب عليها، ومهما حطّمنا الآخرون، فإننا يمكن أن نُثبت لهم أننا أقوى من تقزيمهم لنا، لقد كانت (بورجيلد) دائماً تدعو الخالق أن يكون معها ويحفظها ولا يجعلها تتأثر بكلام الآخرين.
لم تدع الدموع والانكسار تقضى على ما تبقى من قوة عينها، لكنها تشبثت بالنور الذى كان يتسرب إليها وجعلته هاديا، حتى بلغت الأمانى وحققت الأحلام.
ولدت بورجيلد مارجريت دال فى 6 فبراير 1890 فى مينيابوليس، مينيسوتا، الولايات المتحدة الأمريكية. هاجر والداها من منطقة ريندال فى هدمارك، النرويج إلى مينيابوليس عام 1880 وعلى الرغم من أن بورجيلد عانت فى طفولتها من ضعف شديد فى الرؤية، إلا أنها امتلكت رغبة عارمة فى المشاركة فى أنشطة الحياة اليومية، وبمثابرتها نجحت فى تحقيق ذلك. وعلى الرغم من ضعف الرؤية لديها. وبعكس ما توقعه الآخرون، أكملت دراستها الجامعية وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة مينيسوتا فى عام 1912 وبين عامى 1912 و1922 عملت فى عدة مدارس ثانوية. وحصلت على درجة الماجستير من جامعة كولومبيا فى عام 1923 بدأت مهنة التدريس فى قرية صغيرة فى وادىتوين، مينيسوتا، واستمرت إلى أن أصبحت أستاذة للأدب فى كلية أوجستانا فى سيوكس فولز، ساوث داكوتا، حيث مارست التدريس هناك لمدة 13 عاما وألقت محاضرات فى أندية المرأة وشاركت فى العديد من المحادثات الإذاعية التى دارت حول الكتب والثقافة.