قد نمر بهذه المرحلة التى تتساوى فيها لدينا لحظات الموت والحياة، لا نجد بينهما الفارق كبيرا، هى لحظات نشعر فيها وكأننا فى شرنقة لا سبيل لنا أن نخرج منها، نشعر فيها بالاستسلام النفسى لأى شىء، ويبقى الحال كذلك حتى يحدث بداخلنا ذلك " البعث الإنسانى "..أجل، أن تشعر بأن كل ما فى حياتك أنت حتى أفكارك يتم بعثها من جديد، أن روحك تبدلت بأخرى أنقى، نظرات عينيك لم تعد كما كانت من قبل، ولا أبالغ فى الوصف والتنقيب أن قلت أن الهواء نفسه الذى تستنشقه ماعاد كما كان، تشعر به يتخلل أنسجة جسدك يوقظها من السبات العميق، تشعر أنه تم بعث إنسان من جديد غير الذى كان، ولو سألتنى عن متى يحدث هذا البعث الإنسانى؟ أقول لك.. حين تقترب منك جرعة الألم الغير محتملة لتتناولها، فتدفعها بقوة بعيدا عنك، لم تعد قادرا على تناول المزيد، (لقد أنهكت جسدك وروحك منها) حين تأتيك وخزات تلكز روحك بشدة، فتجد تلك الروح تستجديك أن تتمسك برمق الحياة الذى أوشك أن يغادرها ويرحل، حين تتوقف لتأخذ قرارك لتفصل فى هذا الصراع الداخلى بين رغبتك أن تعيش إنسان وبين أن تؤجل قضية إنسانيتك لحين البتّ فيها من قبل الآخرين.. ولا تسألنى عن ماذا بعد هذا البعث الإنسانى، سأتركه لك... فحينها ستجد أن كل الكلمات والأحرف عاجزة النطق والوصف، ولكن ستصفه حياتك لك..
فتاة تكتب – أرشيفية