تعد ظاهرة استغلال الأطفال وبالأخص عمل الأطفال من الظواهر التى تترك آثارا سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، وهو ما دفع العديد من الدول اتخاذ موقف حازم ضد عمل الأطفال، ومن بين ذلك التصديق على الاتفاقيات الدولية التى تتناول موضوع عمل الأطفال.
ونصت المبادئ الأساسية للدولة المصرية من زمن على ضرورة بذل الدولة جهدا خاصا لرعاية وحماية الطفولة وهو ما أكد عليه دستور 2014 ورؤية مصر 2030.
وفى هذا السياق أطلق وزير القوى العاملة، محمد سعفان، الخطة الوطنية لمكافحة أسوا أشكال عمل الأطفال فى مصر ودعم الأسرة(2018-2025)، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية. وحددت الخطة الوطنية لمكافحة أسوا أشكال عمل الأطفال فى مصر ودعم الأسرة(2018-2025)، أنه وفقا لاتفاقيتى منظمة العمل الدولية رقم 138 لسنة 1973 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام ورقم 182 لسنة 1999 بشأن أسوأ أشكال العنف، يشير عمل الأطفال للعمل الذى يشمل خطرا وضررا على الأطفال من الناحية العقلية والبدنية والاجتماعية أو الأخلاقية، وأى عمل يتعارض مع دراستهم ويؤثر عليها حيث يحرمهم من الالتحاق بالمدارس ويجبرهم على ترك المدرسة.
وحددت الخطة أسوأ أشكال عمل الأطفال بصرف النظر عن الوضع الاقتصادى للبلد فى 4 أشكال وهى كافة أشكال الرق والممارسات الشبيهه بالرق كبيع الأطفال والعمل القسرى أو الإجبارى، واستخدام أو تشغيل أو عرض طفل لأغراض الدعارة أو انتاج أعمال إباحية أو أداء عروض إباحية، استخدام أو تشغيل طفل لمزاولة أنشطة غير مشروعة كإنتاج المخدرات، فضلا عن الأعمال التى تسبب الأضرار بصحة الأطفال ونفسيتهم.
وأشارت الخطة الوطنية لمكافحة أسوا أشكال عمل الأطفال فى مصر ودعم الأسرة(2018-2025)، إلى أن مصر تمتلك ترسانة قوية من التشريعات تتضمن قوانين وقرارات متعددة لمكافحة عمل الأطفال.
وكشفت الخطة الوطنية أنه وفقا للمسح القومى لعمل الأطفال فى مصر الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والبرنامج الدولى للقضاء على عمل الأطفال أن هناك 1.6 مليون طفل ما بين 12 لـ 17 سنة يعملون فى مصر أى ما يوازى 9.3 من الأطفال وهو ما يمثل طفل من بين كل عشرة أطفال.
وأشارت الخطة الوطنية إلى أن معدل عمل الأطفال أعلى بكثير فى المناطق الريفية عنة فى المناطق الحضرية ويبلغ ذروته فى المناطق الريفية بصعيد مصر يتبعها فى ذلك المناطق الريفية بالوجه البحرى والمحافظات الريفية الواقعة على الحدود.
وكشفت الدراسة التى أجريت فى ضوء الخطة أن أكثر أنماط الأعمال الخطرة شيوعا والتى يشتغل بها الأطفال فى مصر وهى الزراعة بنسبة 63%، والعمل فى المواقع الصناعية كالتعدين والتشييد والصناعات التحويلية بنسبة 18.9%.
وكشفت أيضا الخطة أسوأ أشكال عمل الأطفال فى مصر الأكثر شيوعا الزراعة والمناجم والمحاجر وصناعة الطوب وغيرها من الأعمال المتعلقة بالتشييد والعمل فى الشوارع والعمل المنزلى.
وتستهدف الخطة الإسهام الفعال فى القضاء على عمل الأطفال بكافة أشكاله بحلول عام 2025 وتوفير الحماية الاجتماعية الشاملة للأطفال المستهدفين وأسرهم، وحددت استراتيجية عمل للقضاء على عمل الأطفال.
وترتكز استراتجية تنفيذ خطة العمل الوطنية على عدة نقاط هامة تتمثل فى إنشاء قاعدة بيانات موثقة ومستدامة عن عمل الأطفال وأسوأ أشكاله، وإنشاء أجهزة تنسيق وطنية وإقليمية لمكافحة عمل الأطفال، وتحديث قائمة المهن الخطرة.
وحول الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال، قال محمد سعفان وزير القوى العاملة، أنه سيتم عمل تقييم للخطة فى بداية يوليو من كل عام لدراسة ما تم خلال هذا العام، والوقوف على أهم المعوقات لإزالتها فورا، حتى تكون هناك نتائج إيجابية على أرض الواقع، مؤكدا أنه سوف يتابع بنفسه ما تحقق على أرض الواقع كل 3 شهور.
وأكد الوزير أن قضية عمل الأطفال لا تزال تطرح تحديا هائلا ليس على المستوى المحلى فقط، بل على الصعيد العالمى بعد أن أظهرت إحصاءات منظمة العمل الدولية أنه مازال هناك نحو 152 مليون طفل فى العالم منغمرين فى عمالة الأطفال، خاصة الأطفال من سن 5 إلى 11 سنة، وذلك على الرغم من التقدم الذى تم منذ 2012 وحتى 2016 فى مكافحة عمل الأطفال إلا أنه لا يوجد انخفاض لعمالة الأطفال خاصة فى هذه السن، كما أن الأطفال الذين يعملون فى الزراعة مع أسرهم يزداد عددهم.
وأضاف قائلا: إذن أننا أمام قضية عالمية بها جانب اجتماعى وأخلاقى لا يمكن إغفالهما أو إهمالهما أو التباطؤ فى إيجاد الحلول الحاسمة لهما، ويجب علينا جميعا أن نعمل سويا من أجل القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال، بعد أن أضحى هذا التزاما ينسحب على المجتمع الدولى بأكمله، وذلك من خلال دراسة الأسباب الرئيسية التى تتسبب فى فقدان هؤلاء الأطفال لأجمل لحظات حياتهم واستغلال أصحاب النفوس الضعيفة لهم ولاحتياجهم وضعفهم من أجل تحقيق مصالح شخصية مخالفين بذلك جميع الأعراف الدولية والقوانين الوطنية، وأن نعمل جاهدين لاتخاذ كل الإجراءات الممكنة لتجفيف المنابع الرئيسية لعمالة الأطفال، وذلك من خلال خطتنا التى أطلقناها ليكون هدفنا هو القضاء على عمالة الأطفال فى 2025 تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة.
وأكد "سعفان" أنه لا يمكن القضاء على عمل الأطفال بمعزل عن المشاكل الأخرى، مشيرا إلى أن الدولة المصرية تعمل على تبنى استراتيجية لمكافحة عمل الأطفال، وتحشد المجتمع وقواه الفاعلة اقتصاديا واجتماعيا، فضلا عن مؤسسات المجتمع المدنى، من أجل تنفيذ هذه الاستراتيجية التى تبدأ باتخاذ كل الإجراءات الممكنة لتجفيف المنابع الرئيسية لعمالة الأطفال والتى يأتى الفقر والتعليم على رأسها، أمرا ضروريا لا غنى عنه.
وشدد على أن الدولة المصرية تعمل جاهدة للحفاظ على حقوق الطفل من خلال التشريعات والقوانين التى تم وضعها فى هذا الصدد، ومن خلال تصديقها على كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية المؤسسة لهذه الحقوق، فضلا عن أن الدستور المصرى نص على حق الطفل فى الرعاية الصحية والأسرية والتغذية الأساسية، بالإضافة إلى مأوى آمن، وتربية دينية، والحق فى التعليم، وحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسى، وفى الأعمال التى تعرضه للخطر، وفى ذات السياق أصدرت مصر القوانين والقرارات الوزارية التى تنظم عمالة الأطفال.
وقال: أن وزارة القوى العاملة تقوم بجهود كبيرة للحد من عمل الأطفال من خلال الحملات التفتيشية وندوات التوعية المختلفة التى تقوم بها مديريات القوى العاملة التابعة للوزارة على مستوى جميع المحافظات، وإذ تحدثنا بلغة الأرقام فقد كثفت الوزارة من جهودها فى مجال التفتيش على عمل الأطفال خلال 2017 والربع الأول من 2018، حيث بلغ إجمالى المنشـآت التى تم التفتيش عليها نحو 17 ألف منشأة منها ما يقرب 12 ألفا و700 منشأة مستوفاة لا تستخدم أطفالا، و4248 منشأة تم إنذارها، و74 تستخدم أطفالا وتم تحرر محاضر لأصحاب الأعمال لمخالفة أحكام القوانين المنظمة لذلك.
كما بلغ عدد الأطفال الذين تمت حمايتهم خلال الفترة المشار إليها 18 ألفا و885، منهم 12 ألفا و536 ذكورا والباقى إناثا، فضلا عن عقد 175 ندوة توعية لعمالة الأطفال بالمنشآت على مستوى الجمهورية لتوعية أصحاب المنشآت وتوعية الأطفال العاملين بحقوقهم القانونية لدى أصحاب الأعمال خلال الفترة المطلوبة، ونستهدف فى الفترة القادمة إنشاء قاعدة بيانات لعمل الأطفال على المستوى القومى، فضلا عن الاستمرار فى دعم الأمهات لتنفيذ مشروعات مدرة للدخل، ولا نغفل الدور الذى يقوم به المجلس القومى للطفولة والأمومة فى التصدى لكافة أشكال انتهاكات الطفولة، والتعاون الملحوظ الذى تقدمه منظمة العمل الدولية فى هذا المجال.
ومن جانبه أكد إريك أوشلان، القائم بأعمال مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة أننا نشهد انخفاض عالمى فى عدد الأطفال المنخرطين فى عمل الأطفال على مستوى العالم؛ حيث انخفض من ٢٤٦ مليون طفل فى عام ٢٠٠٠ إلى ما يقدر بحوالى ١٥٦ مليون طفل، مشيرا إلى أن أكثر من النصف أى ما يقدر بحوالى ٧٣ مليونا لا يزالوا يعملون فى أخطر أشكال عمل الأطفال.
وقال نحن نعلم أن ٦٠% من الأطفال العاملين حول العالم و٧٠٪ من الأطفال العاملين فى مصر يعملون فى مجال الزراعة؛ وإن كان أكثرهم يعملون فى القطاع غير الرسمى كعاملين بدون أجر أو مع أسرهم وأقاربهم فى أغلب الأوقات.
ونوه أن المدير العام لمنظمة العمل الدولية أكد ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من شأنها مواجهة الأسباب الاقتصادية الجذرية لعمل الأطفال، مع ضرورة الانتباه إلى عمل الأطفال فى سلاسل التوريد العالمية لتقديم منتجات وخدمات يتم استهلاكها يوميا كما هو الحال فى العمل المنزلى غير المدفوع الأجر فى مجال الزراعة.
وأوضح أوشلان أن الخطة تستهدف الإسهام الفعال فى القضاء على عمل الأطفال بكافة أشكاله بحلول ٢٠٢٥ مع التأكيد على توفير الحماية الاجتماعية الشاملة للأطفال المستهدفين وأسرهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة