امرأة مصرية من الطراز الأول، مهدت الطريق لباقى نساء مصر ليحلمن بالجلوس على كراسى الوزارات وحمل حقائب الحكومات الوزارية.. لم يكن وجودها فى حكومة ثورة يوليو مجرد واجهة اجتماعية بل باقتناع من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن المرأة المصرية يمكنها بخبراتها وكفاحها أن تحمل الراية جنبًا إلى جنب مع الرجال، إنها حكمت أبو زيد التى تحل اليوم ذكرى وفاتها.
حكمت أبو زيد
وجود حكمت أبو زيد فى الحكومة كأول وزيرة مصرية وامرأة تتقلد هذا المنصب، مهد الطريق أمام دخول المرأة للوزارات، وشجع الرؤساء ورؤساء الحكومات على تضمين كفاءات نسائية فى المناصب لدعم الوطن، وهو ما ظهرت نتيجته حاليًا من خلال وجود 8 وزيرات فى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء.
حكمت أبو زيد
امرأة بنكهة قوة الصعيد
أخذت من عادت الصعيد قوتها وشمسها الحامية، حيث ولدت عام 1922 فى قرية «الشيخ داود» التابعة للوحدة المحلية بصنبو مركز القوصية بأسيوط، واهتم والدها بتعليمها وتم الانتقال إلى القاهرة والالتحاق بمدرسة حلوان الثانوية، وقرأت فى مكتبة والدها ناظر محطة السكة الحديد كل خطب الزعيم مصطفى كامل ومؤلفات صادق الرافعى، ثم التحقت بكلية الآداب قسم التاريخ وتلقت دعمًا معنويًا كبيرًا من الدكتور طه حسين، وبعد التخرج عملت كمدرسة فى مدرسة حلوان الثانوية التى درست فيها كطالبة من قبل، ثم سافرت لتحصل على الماجستير من استكلندا عام 1950 ودكتوراه فى علم النفس عام 1955.
تولت الوزيرة حكمت أبو زيد وزارة الشئون الاجتماعية وكانت أول سيدة فى تاريخ الجمهورية تتولى منصب وزير وذلك عام 1962، وظلت فى المنصب فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر حتى عام 1965، ووضعت أول خطة لتنمية الأسرة، كما أعدت مشروع الرائدات الريفيات تمهيدًا للأسر المنتجة، وعملت لصالح مشروع تهجير النوبة، ووضعت قانون تنظيم الجمعيات الأهلية، ونظمت جمع الزكاة.
يوم الصداقة وذكرى رحيلها
نادية لطفى
ولأن اليوم يوافق يوم الصداقة العالمى وفى نفس الوقت ذكرى رحيلها، لا يمكننا أن نغفل جانب الصداقة فى حياة حكمت، فكانت الفنانة نادية لطفى صديقتها المقربة، حيث انضمت معها فى حرب الاستنزاف، وشاركا معًا فى عملية مهمة فى خدمة الجنود على الجبهة، وجمع تبرعات من الشركات، أما نجومها المفضلين فكانوا عمر الشريف وفاتن حمامة وسميحة أيوب.
علم مصر على صدرها
ولأن حياتها لم تكن عادية فى ذلك الوقت ككل السيدات، لم يكن رحيل أول وزيرة مصرية رحيلًا عاديًا أيضًا، حيث كان آخر ما طلبته وهى على فراش المرض غير تقليدى حين زارتها مجموعة من الوزيرات فى المستشفى، وطلبت من إحداهن أن تأخذ منها "دبوس" يحمل علم مصر كانت ترتديه، تلك الوزيرة هى عائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة والهجرة وقتها، وما كان منها إلا أن لبت الطلب فورًا وخلعت الدبوس من ملابسها وأعطته للراحلة حكمت أبو زيد وعلقته على صدرها.
حكمت أبو زيد
جيل يسلم جيل
راية تحملها المرأة المصرية من جيل لآخر ومن عهد لآخر تجسده 8 وزيرات حاليًا هن هالة زايد وزيرة الصحة، وياسمين فؤاد وزيرة البيئة، بالإضافة إلى غادة والى وزيرة التضامن، وإيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، وسحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، ونبيلة مكرم وزيرة الهجرة، هالة السعيد وزيرة التخطيط، رانيا المشاط وزيرة السياحة.
وما بين وجود أول وزيرة فى الحكومة المصرية حتى الآن اختلف عدد الوزيرات بمحتلف الحكومات، ففى عهد الرئيس الراحل أنور السادات عادت السيدات لتولى حقيبة الشئون الاجتماعية فى حكومة الحرب الثانية بتولى عائشة راتب وزيرة للشئون الاجتماعية والتأمينات منذ عام 1971 وحتى تحقيق النصر 1973، وحافظت على منصبها حتى عام 1978.
وزيرات وسط الرجال
أما فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ظلت الحكومات بدون وزيرة إلى أن جاء عام 1996، بتعيين الدكتورة آمال عثمان كوزيرة للشئون الاجتماعية وظلت فى منصبها عدة وزارات متتالية، ثم جاءت الدكتورة فينيس كامل التى تولت وزيرة للبحث العلمى، ثم عدد من الوزيرات بالتوالى مثل الدكتورة نوال عبد المنعم التطاوى التى تولت وزارة الاقتصاد والتعاون الدولى، ثم الدكتورة ميرفت التلاوى وزيرة للتأمينات والشئون الاجتماعية فى حكومة عام 1997، وجاءت السفيرة فايزة أبو النجا التى تولت وزيرة للشؤون الخارجية منذ عام 2001 وغيرها من الوزيرات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة