فاجأ نجم ليفربول محمد صلاح جمهوره بنشر صورة له وهو يقرأ كتاب "فن اللا مبالاة" للكاتب مارك مانسون، وهو الكتاب الذى يغير مفاهيمك عن التنمية البشرية وكيفية تحقيق الطموحات.
حلم النجاح.. أن تستيقظ وتجد نفسك أفضل وقد حققت أحلامك وطورت نفسك لتحقق كل طموحاتك وقضيت على عيوبك.. لكن كيف هذا؟.. الوسيلة المعتادة هي كتب التنمية البشرية والمليئة بنصائح من عينة كيف تحصل على وظيفة أحلامك .. كيف تجعل الناس تحبك .. 10 طرق للنجاح في الحياة، وغيرها الكثير.. لكن الكاتب مارك مانسون لديه وجهة نظر مختلفة، ففي كتابه The Subtle Art of Not Giving a F*ck أخذ مانسون كل نظريات التنمية البشرية وقلبها رأسا على عقب، ولا يسعنا سوى أن نعرض النصائح التى يقرأها محمد صلاح فى هذا الكتاب للنجاح.
مارك مانسون مؤلف الكتاب
النصيحة الأولى : لا تحاول
يعرض الكاتب نموذجا على هذه النصيحة بقصة الشاعر تشارلز بوكاوسكي .. رجل بائس فاشل في حياته يعمل في وظيفة مملة في مكتب بريد لا يفعل شيئا في حياته سوى العمل وصرف راتبه على الخمر، وفي أوقات الفراغ يكتب قصائد وقصص لا يقرأها أحد ولا توجد دار نشر تريد طباعتها .. وكان يمكن أن تسير حياته لنهايتها بهذا الشكل.. ولكن في سن الخمسين جاءت المعجزة حيث التقى بمحرر لدار نشر صغيرة مستقلة ، ويبدو أنه أثار شفقة المحرر الذي عرض عليه عقدا صغيرا لأحد كتبه مقابل نسبة من الإيرادات قائلا له إنه لا يظن أن الكتاب سيحقق نجاحا كبيرا..
هذا الكتاب أصبح The Post Office أي "مكتب البريد" وهو عنوان يبرز عدم الابتكار وكان الإهداء موجها إلى "لا أحد" ولكن الكتاب حقق نجاحا هائلا وتحول بعدها بوكاوسكي لأحد أنجح الشعراء والروائيين في العالم 6 روايات ومئات القصائد و2 مليون نسخة مبيعات.. وفي النهاية كانت العبارة التي اختار بوكاوسكي أن يضعها على قبره هي "لا تحاول" فهو من داخله كان يعرف أنه فاشل وتقبل فشله فلم يحاول حتى أن يكون نجاحه مثل باقي الناجحين ولم يحاول أن يغير طباعه أو أن يبدو مهذبا حتى .. العالم سيحاول أن يغير طباعك "كن أذكى" أو "كن أسرع" أو "تدرب أكثر" .. لكن في الحقيقة النجاح يأتي عندما تكون مرتاحا لنفسك ومع نفسك لا أن تحاول إرضاء أحد .. اللامبالاة كانت وسيلة إبداع أكثر ممن يحاول السير في طريق النجاح التقليدي.
هل يعني هذا ألا نبالي بأي شىء؟.. لا بالطبع بل الكاتب يحاول أن يجعلك تهتم بالأشياء التي تستحق أن تهتم بها.. اختار معاركك والأشياء التي تريد حقا أن تقوم بها ولا تجعل أي شخص يحدد لك ما هو المهم.
النصيحة الثانية : السعادة مشكلة
ما هو هدفك من الحياة.. أن تحقق السعادة ربما لا يجب أن تحاول السعي لهذا الهدف بشدة.. انظر لقصة أحد أمراء الهيمالايا قبل 2500 عام لقد أحاط قصره بجدران عالية وجعل ابنه يعيش حياة مترفة لا يعرف فيها سوى التدليل ولا يرفض له أمر أو طلب، وعندما كبر الطفل شعر بالفضول لرؤية العالم خارج القصر فتعرض لصدمة العمر عندما رأى معاناة الفقراء فعاد للقصر، وهو يعتقد أن الثراء هو سبب تعاسته وأنه لو كان تعرض لبعض المشاكل لما شعر بالصدمة وكان سيتعلم كيف يواجه الحياة.. الأمير الشاب تخلى عن كل مظاهر الثراء بعد هذا وأصبح الشخص الذي سيعرفه العالم بعد ذلك باسم "بوذا".. وخرج بهذا المبدأ "الحياة معاناة" سواء كنت فقيرا أو ثريا المشاكل ستأتي لك.
وهذا يعني ألا تظن أبدا أن حياتك في مرحلة ما ستكون خالية من المشاكل، لا تقل أبدا أنني سأحقق السعادة عندما أصل لهذه المرحلة أو أنني سأكون سعيدا لو حصلت على هذه الوظيفة أو أنني كنت سأكون أفضل لو كنت مثل فلان أو كان لدي مثل ما لديه.
ما البديل إذاً .. "الرضا" هو أهم شىء .. "أعظم الحقائق في العالم هي التي تسبب أكبر قدر من الاحباط".. لكن هذه هي الحياة، فلا تعتبر تحقيق طموحا زائلا يدمر رضاك عما لديك فعلا.
هل هذا يعني أننا لن نرى لحظة سعادة؟ .. على العكس، سيكون هناك لحظات طويلة تشعر فيها بالسعادة والرضا والإنجاز في أوقات مثل حل مشكلة ما أو مساعدة صديق.
النصيحة الثالثة : أنت لست مميزا
هل هناك من نصحك من قبل بأن تفكر بشكل جيد عن نفسك أو أنك مميز ولا تقدر نفسك حق قدرها، خذ حذرك من هذه النصائح فهي قد تقودك للتعاسة.. الطفل الذي يلقى التدليل من الأهل يظن أنه أهم شخص في العالم ويخشى من رد فعل كل إنسان يقابله .. ما الذي سيقوله الناس عن ملابسه عن درجاته في المدرسة عن تسريحة شعره.. كل هذا يحطم الأعصاب .. الناس لا تهتم بك فلا تهتم بالناس.
في الستينات من القرن الماضي كانت هناك موضة في علم النفس تقول إنه لو نظر الناس لأنفسهم بشكل أفضل لكانت هناك مشاكل أقل وجرائم أقل وكانت درجاتك في الدراسة أفضل.
والنتيجة أنه بحلول السبعينات كانت هناك موجة من التدليل في المدارس، حيث يتم تشجيع الطالب الفاشل ومنحه درجة إضافية في الامتحان تحت مسمى درجة اجتهاد أو نصف درجة كدرجة رأفة، جوائز في الحضانة للطالب الذي يأتي متأخرا عن كل زملائه حتى لا يشعر بالاحباط.. كل هذا نتج عنه في النهاية فيضان في الجوائز والمكافأت التافهة والحصيلة النهائية جيل لا يشعر حقا أنه فعل ما يستحق عليه التقدير.. طفل في الحضانة يحصل على جائزة التأخير يعرف من داخله أنه متأخر وأنه أقل نجاحا.
بينما علم النفس يخرج بدراسات جديدة تقول إنك لو شعرت بشكل إيجابي حيال شىء لا يعني حقا أن هذا الشىء جيد.. كونك تحب نفسك وتعتقد أنك مهم لا يعني أنك مهم فأنت لن تكون بيل جيتس لمجرد أنك تعتبر نفسك في ذكاء بيل جيتس.. يجب تكون سعيدا بالشىء الذي لديك فعلا بالمهارة التي تملكها حقا وليس ما تتخيله عن نفسك.
النصيحة الرابعة : أهمية المعاناة
تشبه هذه النصيحة ما ذكرناه في النصيحة الثانية.. المعاناة تعلمك كيف تتعامل مع الحياة وكيف تكون أفضل .. لكن هناك جانب آخر للمعاناة، وهو أنك ستعرف أخيرا قيمة نفسك.. عندما تجد نفسك في مشاكل ومعاناة، إن كنت إنسانا سويا سيكون لديك حس بالأشياء التي تستحق المعاناة من أجلها ولن تضيع وقتك في معارك تافهة جانبية .. كذلك ستعرف كيف تقيم الشخص الذي أمامك وحقيقة معدنه.
عندما تجد نفسك في حالة ضيق من شئ ما، توقف للحظة وفكر "لماذا هذا الشئ يضايقني؟".. وغالبا سيكون بسبب فشل ما .. فماذا لو كان هذا الفشل ليس فشلا حقا .. ربما يكون نعمة خفية وأنت لا تدري بها.
مثال: لو أنك تشعر بالضيق لأن شقيقك لا يرد على رسائلك واتصالاتك فسوف تجد نفسك تشعر بالضيق والغضب أيضا.. ستقول "لماذا لا يرد علي؟ إنه أخي ويجب أن تكون بيننا علاقة طيبة".. لكن عند التفكر بعمق ستعرف أن القيمة المهمة عندك هي "العلاقة الطيبة بين الأخوة" بينما الخطأ هو أنك تظن أن العلاقة الطيبة مقياسها كمية الرسائل والاتصالات وليس المعاملة بين الأخوة.
فكر بشكل مختلف وستجد الأمر من زاوية أخرى تماما عندها لن تشعر بالمعاناة كما كنت في السابق.
النصيحة الخامسة : أنت دائما تختار
تخيل لو كان هناك شخص يصوب مسدسا لرأسك ويخيرك بين الركض لمسافة 42 كيلومتر في أقل من خمسة ساعات أو أنه سيقتلك أنت وعائلتك كلها .. بالطبع هذا موقف سيئ لكن تخيل لو أنك اشترت حذاء رياضيا وملابس مناسبة لرياضة الجري وظللت تتدرب لشهور وأنجزت حقا الركض في مضمار رياضي لمسافة 42 كيلومترا في أقل من خمسة ساعات.. عندها ستشعر بالفخر بالانجاز، لأنك قمت بهذا واخترته بكامل إرادتك.
هذا المثال ينطبق على حياتك.. أنت دوما في حالة اختيار وكل اخيار له تكلفة، وإذا كنت تشعر بالبؤس فهذا غالبا لأنك تشعر بأن مجبر على شىء أو مجبر على وظيفة أو القيام بعمل ما.. فتخيل شعورك لو كنت أنت من يقرر وأنت من يختار.. غالبا ستشعر بالفخر والقوة لو كنت تختار مشاكلك وتحدياتك بنفسك.
لذا من الأفضل ألا تحاول الهرب من المشاكل بل إن الهرب من مشكلة تظنها صعبة يمكن أن يؤدي بك لمشكلة أكبر منها بكثير.. والحل إذاً .. غير طريقة تفكيرك حاول أن تقنع نفسك دوما بأنك المسؤول عن كل ما يحدث لك وأنك من بإمكانه تغيير ظروفك.. تشجع ولا تبالي .. المهم أن تحاول حل مشاكلك بنفسك وستجد ان اختياراتك أفضل لو كنت تشعر بالمسؤولية.
المهم ألا تدخل في دائرة التفكير بأنك ضحية وأنك غير مسؤول عما يحدث لك.. لا شئ يجلب التعاسة قدر اعتقادك أنك ضحية الجميع.
النصيحة السادسة : أنت مخطئ والناس مخطئون
كلنا لدينا معتقدات وأفكار خاطئة، أنت لست بنفس الأفكار والأراء التي كانت لديك وأنت مراهق أو وأنت في بداية الشباب.. وفي الغالب أنت لا تحسب حساب المستقبل جيدا بسبب الآراء التي لديك، وهذا سيسبب لك صدمة عندما تجد أشياء مهمة في حياتك وضعت لها خطط لم تعد فجأة مهمة بالقدر نفسه، أو أنك تريد أشياء أخرى .. هذه ليست مشكلة بل علامة على النضج.
لذا لا تحاول أن تجعل هدفك هو إيجاد الإجابة الصحيحة المطلقة، فكل شئ خاضع للتغيير .. بل على الأحرى ابحث عن التفصيلة الصغيرة التي أخطأت فيها وصححها عندها ستجد الحياة أبسط.. لا تحاول حل مشكل الكون فلست المسئول عنه.
لا توجد فلسفة صحيحة 100% فلا تتشبث برأي ولا تتعصب.. الأحرى أن تفصل مجموعة من القيم والأراء الخاصة بك أنت.. وحذار من مخاطر التصديق الأعمى وإلا ستكون كشخص لا يؤمن بالموت فمات مصدوما حزينا.
النصيحة السابعة : الفشل الطريق الوحيد للأمام
مارك مانسون مؤلف الكتاب يعتبر نفسه محظوظا .. ليس لتحقيقه الثراء والنجاح بل لكونه بدأ حياته فاشلا وفي أصعب الظروف فهو تخرج عام 2007 في نفس العام الذي بدأت فيه الأزمة الاقتصادية ولا يمكنه العثور على وظيفة.. ولذا وعلى حد قوله إذا كنت بدأت فاشلا فليس أمامك سوى الصعود.
السؤال الذي واجهه هو : هل يفضل العمل في وظيفة متواضعة يكرهها وكسب قدر معقول من المال في هذه الظروف، أم يقضي وقته وهو يحاول لعب دور ناشط ومدون على الانترنت حتى لو كان سيظل مفلسا لبعض الوقت؟ .. وكانت الاجابة هي الاختيار الثاني.. والسبب هو أنه لو فشل في العمل كمؤلف وكاتب فسوف يعود للعمل في وظيفة متواضعة في كل الأحوال.
لذا فإن العمل وأنت تحت ضغط لن يفيد، الخوف لن يفيد.. لا تهتم فأنت ستنجح لو لم تخش الفشل.. النجاح في أي شئ سيكون مبني عل قطع صغيرة منفصلة من الفشل.
لا تفكر طويلا بل فكر جيدا وقم بما تحب أن تعمل ولا تنتظر اللحظة المناسبة لأنها لن تأتي.
النصيحة الثامنة : أهمية كلمة لا
مارك مانسون أعجبه شىء مهم في رحلته لروسيا هي أن الروس لا يهتمون بإثارة إعجاب أحد.. لا توجد عبارات لطيفة زائفة ولا توجد ابتسامات في وجه غرباء لا تعرفهم.. إذا كان هناك شىء لا يعجبك فسوف تقول رأيك بصراحة.. في البداية هذه الطباع كانت محرجة لمارك مانسون لكن بعد أسبوع واحد بدأ يعرف قيمة هذه الطباع، أهمية أن تقول رأيك بصراحة ولا تقف عند رضاء أحد قد لا يهتم بك من الأساس.
بالطبع يمكنك أن تشعر بالراحة لمن يبتسم في وجهك ويبدي المجاملات لكن المشكلة هي أنك لن تعرف حقا إن كان بإمكانك الثقة بشخص ما، ولن تعرف إن كانت وعودهم صادقة.. في حين أنه من الأفضل أن تلقى الرفض المباشر بدلا من المجاملات الكاذبة.
الميزة الأخرى لكلمة "لا" هي أنك ستعرف أولا بأول ما هي حدودك وحدود الناس فلن يكون هناك مساحة لموقف يضايقك ثم يقول لك شخص ما "عذرا هل أضايقك" بينما أنت تستشيط غضبا.
النصيحة التاسعة : ثم تموت
كن صادق مع نفسك فأنت تعيش لمرة واحدة في هذه الدنيا.. الموت مخيف ونحن نتجنب التفكير فيه .. لكن بطريقة ما الموت هو مقياس حياتك في النهاية، ما الذي ستتركه خلفك؟ ما هي قيمتك في الدنيا؟ كل المقاييس البشرية الأخرى التي تضعها العائلة والأصدقاء والمعارف لك ستختفي.. المهم ما الذي فعلته من أجل نفسك.
نحن كبشر نريد الحياة للأبد لذا نضع أسماءنا على مبان كبيرة ونحاول تحقيق الشهرة.. الاهتمام بأشياء ومعارك جانبية قد يكون نوعا من الهروب من الموت.
لكن من مميزات الموت أو الجانب المشرق للموت كما يقول الكاتب هو أن من يعلمون حقا أنهم سيموتون هم على الأغلب الأشخاص الذين يستطيعون الاستمتاع بالحياة حقا .. ومن يعرف كيف يتمتع بالدنيا فسوف يكون مستعدا للموت بسلام وضميره مرتاح.