يحتاج تجاوز أى خلاف طائفى وعقائدى إلى رجال صادقين فى مواقفهم، يمتلكون من السماحة ما يجعلهم سببًا فى وأد أى خلاف بين أصحاب الأديان المختلفة، وكان من بين هؤلاء الكاردينال جان لويس توران، رئيس المجلس البابوى لحوار الأديان بالفاتيكان، والذى غاب عن عالمنا أمس الأول الخميس عن عمر يناهز 75 عامًا.
والكاردينال الراحل من مواليد مدينة بوردو الفرنسية، تخرج من جامعة جوريجوريان البابوية فى روما، إيطاليا، وحصل شهادة الفلسفة واللاهوت ودرجة الدكتوراه فى القانون الكنسى، شغل عدة مناسب كنسية منها مطران ماريوس مازيرز، وخبير بأبريشية بوردو، كما كان عضوًا فى وفد الفاتيكان فى اجتماعات مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبى، ومؤتمر نزع السلاح فى ستوكهولم، والمنتدى الثقافى فى بودابست وفى وقت لاحق فيينا.
تم تعيين توران رئيسًا للمجلس البابوى للحوار بين الأديان فى 25 يونيو 2007، وكان مسئولاً أيضًا عن لجنة العلاقات الدينية مع المسلمين، بالإضافة إلى ذلك كان كان يشغل عضو الأمانة العامة (القسم الثانى)؛ مجمع عقيدة الايمان، مجمع الكنائس الشرقية، مجمع الاساقفة، المجلس البابوى لتعزيز الوحدة المسيحية، المجلس البابوى للثقافة، اللافتة الرسولية، إدارة تراث الكرسى الرسولى، اللجنة البابوية لدولة مدينة الفاتيكان، واللجنة الكاردينال للإشراف على معهد الأشغال الدين (IOR).
كان الراحل معروفًا بـ مواقفه الدينية المتسامحة مع جميع الأديان، فأثناء الاحتفال بالعيد البوذى فى فيساخ، وهو عيد يحتفل بذكرى الأحداث الرئيسية فى حياة بوذا، بعث برسالة فى أبريل 2012، قال فيها توران: "إن الشباب هم رصيد كل المجتمعات" ودعا إلى تعليم أنواع مختلفة من الممارسات الدينية، والسماح لهم "بالتقدم معًا كإنسان مسئول وأن يكونوا مستعدين للتعاون مع الأديان الأخرى لحل النزاعات وتعزيز الصداقة والعدالة والسلام والتنمية البشرية الأصيلة".
كما فى كل عام يرسل المجلس الحبرى للحوار بين الأديان رسالة، وقعها رئيسه، إلى الهندوس بمناسبة عيد ديوالى، الذى يحتفل به فى شهر أكتوبر، فى رسالة عام 2017، دعا توران لتعزيز التنمية المتكاملة وحماية الحياة البشرية واحترام كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، يرسل المجلس رسائل مماثلة كل عام بمناسبة أعياد عيد الفطر (الإسلام) وفيساك (البوذية).
وفى اجتماع لتناول الإفطار مع الصحفيين، فى مارس 2008، قال توران إن روان ويليامز، رئيس أساقفة كانتربرى الأنغليكى، كان "مخطئًا وساذجًا" لأنه يشير إلى أن بعض جوانب الشريعة الإسلامية فى بريطانيا لا يمكن تجنبها، كما أعرب عن أسفه لكون العلاقات مع الإسلام قد هيمنت على الحوار بين الأديان، وأن جميع الأديان بحاجة إلى معالجة على قدم المساواة مع عدم تحديد أى مكانة من الدرجة الثانية.
كما كان للراحل موقف صارم من غزو العراق، وكان توران "ناقدا شرسا" للخطط الأمريكية لغزو العراق عام 2003، والتى قال إنها ستشكل "جريمة ضد السلام" وانتهاكًا للقانون الدولي، فى أغسطس 2007 قال إن الحقائق تتحدث عن نفسها بشأن العراق، وأن المسيحيين كانوا يتمتعون بحماية أفضل فى عهد صدام حسين.