أحدث نشر تحقيق "اليوم السابع" الاستقصائى، الذى كشف عن قيام رجال أعمال وسماسرة فى بورسعيد بتأسيس شركات استيراد وهمية بأسماء سيدات فقيرات لإدخال سلع محظورة، ردود أفعال واسعة، وأعادت مباحث الأموال العامة ببورسعيد فتح التحقيق من جديد.
وقال طارق محمد محامى، موكل من 41 ضحية فى بورسعيد، فى اتصال هاتفى لـ"اليوم السابع"، إنه تقدم ببلاغ جديد للمحامى العام لنيابات بورسعيد، وطلبت مباحث الأموال العامة من المجنى عليهن الحضور للاستماع إلى أقوالهن من جديد، وسيتم تقسيمهن لمجموعات نظرا لعددهن الكبير.
وتوقع المحامى وجود علاقة بين قضية القبض على رئيس مصلحة الجمارك متلبسا بتقاضى رشوة من أحد المستخلصين فى بورسعيد، ويطلق عليه "حوت بورسعيد"، وقضية الشركات الوهمية، وهو ما يفتح المجال لإعادة التحقيق فى القضية بشكل كامل.
كانت "اليوم السابع"، نشرت أمس فى عددها الورقى وموقعها الإليكترونى، تحقيقا استقصائيا بعنوان "كواحيل الميناء"، كشف عن واقعة قيام شبكة من رجال الأعمال والمستخلصين والمحامين والمحاسبين بتأسيس شركات استيراد وهمية بأسماء سيدات فقيرات، مقابل 5 آلاف جنيه، لاستيراد بضائع محظور تداولها، وفى حالة ضبط البضاعة المحظورة يتم مقاضاة النساء وعدم الوصول إلى الجانى الحقيقى، مما يهدر على الدولة مليارات الجنيهات من الجمارك والضرائب غير المحصلة، ويهدد بتشريد مئات السيدات.
وبلغ عدد الشركات الوهمية التى أمكن لمصلحة الجمارك حصرها حوالى ألف شركة فى مدينة بورسعيد التى تشتهر بعمليات التهريب الواسعة، طبقا لما كشف عنه التحقيق.
وأعلنت الرقابة الإدارية صباح اليوم، القبض على رئيس مصلحة الجمارك متلبسا بتقاضى رشوة بالعملات المحلية والأجنبية، حصل عليها من بعض المستخلصين الجمركيين مقابل تهريب بضائع محظور استيرادها، ودون سداد الرسوم الجمركية المستحقة عليها.
كما وجه مرؤوسيه بإعداد تقارير مخالفة للواقع، لتخفيض الغرامات المالية المستحقة عن بضائع سبق ضبطها فى عدة قضايا تخص المهربين، وجارٍ العرض على النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات، طبقا لبيان هيئة الرقابة الإدارية.
ومن ناحية أخرى، أشاد نواب بتحقيق اليوم السابع، مؤكدين أهمية فتح هذا الموضوع بقوة خلال الأيام المقبلة، وتحرك الجهات الرقابية لمحاسبة المتورطين.
وقال عمرو الجوهرى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن أغلب مشاكل التهريب فى مصر بسبب هؤلاء الكواحيل الذين يتم تأسيس شركات وهمية بأسمائهم، وتدخل البضائع غير المطابقة للمواصفات ويتم تسريبها للسوق بهذه الطريقة، مشيدا بأهمية ما كشفه تحقيق "اليوم السابع".
وأكد الجوهرى على أن هذا الموضوع كان يجب فتحه منذ فترة طويلة، مشيرا إلى وجود خلل فى عملية تأسيس الشركات تتعلق بعدم إجراء المعاينات لمقار الشركات فى مرحلتى السجل التجارى والبطاقة الضريبية، بسبب الفساد، مطالبا بتشكيل لجنة من أكثر من جهة لمعاينة الشركات فى أولى خطوات التسجيل بالسجل التجارى منعا لتكراره.
وبالنسبة لشركات الاستيراد الوهمية، أشار الجوهرى إلى أن تعديل قانون سجل المستوردين العام الماضى سيحكم هذه الظاهرة كثيرا، وطالب الجهات الرقابية بالتحقيق فى القضية لضبط المتورطين الحقيقيين.
ووصف أشرف العربى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب تحقيق اليوم السابع بأنه "مرجع يمكن لأى جهة الاستفادة منه لضبط مافيا الشركات الوهمية".
وأكد العربى، أن حل هذه المشكلة لا يحتاج مزيد من القوانين أو التشريعات، ولكن يمكن ذلك من خلال رفع مستوى الوعى بالمصالح الإيرادية فى الضرائب والجمارك، عن طريق وضع خطط إصلاحية جيدة وبناء إدارات فاعلة تطبق القوانين.
على جانب آخر، قال حسنين شبانة، رئيس الإدارة المركزية لمكافحة التهريب الجمركى الأسبق، إن ما حدث وكشفه تحقيق اليوم السابع "كارثة بكل المقاييس"، وأشار إلى أن الجمارك بدأت تتنبه لهذه الوقائع منذ أكثر من 9 سنوات، عندما كانت تصدر العديد من الأحكام فى القضايا التى ترفعها الجمارك ضد شركات متهربة بددت بضائع مرفوضة ولا يتم سداد الغرامات لعدم وجود الشركة من الأساس.
وأوضح شبانة فى تصريحات لليوم السابع، أنه لم يكن هناك اى انتباه لقضايا تبديد السلع المفرج عنها تحت التحفظ قبل صدور نتيجة التحاليل حتى عام 2007، حتى قام بإنشاء إدارات متخصصة لهذا النوع من قضايا التهريب، وبدأ تحرير القضايا لتقفز من قضية واحدة فقط فى ذلك العام إلى 600 قضية عام 2008 وكانت هذه البداية التى كشفت إهدار مليارات الجنيهات من الرسوم الجمركية الضائعة بسبب الشركات الوهمية.
وطالب بالوقف الفورى لتعامل الشركات الوهمية فى الجمارك وتجميد مستنداتها لحين الفصل فى القضايا، وتعاون الجهات الأمنية فى جمع المعلومات عن الفاعلين الحقيقيين وأصحاب الموال، ويمكن الوصول إليهم من خلال المستخلصين الذين يقومون بإجراءات تخليص شحنات الشركات الوهمية، لأنهم من يتواصل مع الفاعل الحقيقى وصحاب الأموال.
كما دعا "شبانة" لإحالة جميع هؤلاء المتورطين للتحقيق، متوقعا أن تكشف التحقيقات عن توكيلات ونماذج بنكية مزورة لتحويل الأموال للخارج، مشددا على ضرورة تشكيل لجنة مشتركة من الأجهزة المعنية وهى مباحث الأموال العامة، والرقابة الإدارية، ومباحث الجمارك، ومصلحة الجمارك، لبحث هذه الملفات وتقديم الجناة الحقيقيين للعدالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة