أى حرب لها ضحايا، ولكن لا يشترط أن يكون الضحايا قتلى أو جرحى، وهو ما نراه جليا فى الحرب التجارية التى أشعل فتيلها الرئيس الأمريكى ترامب مع الصين، وطالت باقى دول العالم بفرض تعريفة جمركية متبادلة بين الطرفين بنسبة 25% على بضائع بقيمة 34 مليار دولار.
الحاصلات الزراعية ستكون من أهم البضائع التى ستتأثر بهذه الحرب التى لن تقتصر على أمريكا والصين فقط، ويعد محصول فول الصويا من أهم المحاصيل التى ستتأثر بشكل مباشر خاصة وأن الصين هى أكبر مستورد لبذور فول الصويا فى العالم وتستهلك حوالى 60% من فول الصويا المتداول فى العالم، وصدرت الولايات المتحدة 33 مليون طن فول صويا للصين بقيمة 12 مليار دولار فى 2017 وهى المحصول الأكبر تصديرا للصين على الإطلاق خلال العام الماضى بحسب تقرير أوردته رويترز.
ربما يتأثر محصول فول الصويا الأمريكى بشكل مباشر وتتأثر السوق العالمية جراء القيود التجارية بين الطرفين، وفى تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، حول تأثير الحرب التجارية أن المزارعين الأمريكيين هم من سيدفعون ثمن الحرب التجارية، مشيرة إلى أن موسم حصاد القمح فى يونيو حيث يتم حصد 60 مليون طن قمح تقريبا يتم تصدير نصفهم فى العادة، ولكن لم يتم حسم هذا الأمر حتى الآن.
وأثارت الإجراءات الحمائية التجارية قلق وزراء الزراعة فى مجموعة العشرين الذين اجتمعوا السبت الماضى فى بوينس إيرس، وأكدوا فى بيان مشترك التزامهم بعدم وضع "عقبات غير ضرورية" أمام التجارة وشددوا على حقوقهم والتزاماتهم بموجب اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، بحسب ما أوردته رويترز.
وقال الوزراء فى البيان إنهم اتفقوا على مواصلة إصلاح لوائح منظمة التجارة العالمية فى مجال التجارة الزراعية، وتمثل دول مجموعة العشرين 60% من الأراضى الزراعية فى العالم و80% من السلع الغذائية والزراعية.
وفى محاولة منها لمواجهة تداعيات الحرب التجارية على مزارعيها، أعلنت الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضى أنها ستدفع ما يصل إلى 12 مليار دولار لمساعدة المزارعين الأمريكيين على تجاوز الحرب التجارية.
ولكن تأثيرات هذه الحرب على الحاصلات الزراعية ستطال العديد من الدول لأنها ستؤثر على الأسعار العالمية لكثير من المحاصيل، وهو ما يؤكده الدكتور جمال صيام استاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، والذى قال لـ "اليوم السابع" أن الحرب التجارية المتمثلة فى فرض قيود على التجارة بين قوتين عظميين فى العالم هما أمريكا والصين ستنعكس بلا شك على الأسعار العالمية لكثير من المحاصيل الزراعية عالميا وبالتالى ستتأثر الكثير من الدول ومنها مصر.
وبحسب استاذ الاقتصاد الزراعى تشكل الصين جانبا كبيرا من الطلب العالمى لأنها دولة منتجة بحجم هائل من السكان، فى حين أن الولايات المتحدة الأمريكية هى احد أكبر مصدرى الغذاء فى العالم، والحرب بينهما سينعكس قطعا على الأسعار العالمية للعديد من السلع عالميا.
ويوضح صيام أن مصر تستورد حوالى 50 – 60% من الغذاء سنويا سواء الحبوب وأهمها القمح التى تعد الولايات المتحدة ثانى أكبر مصدر لها بعد روسيا، والأرز الذى نبدأ استيراده هذا العام بسبب ازمة المياه، والألبان، والذرة الشامية والصفراء، وفول الصويا، والزيوت، والسكر، وغيرها من المواد الغذائية والحاصلات الزراعية، وفى حالة استمرار الحرب التجارية أو اشتداد حدتها سيطالنا التأثير على المباشر لأننا دولة مستوردة.
وقال صيام: "الحرب التجارية تؤدى لأن تدفع مصر ثمنا أكبر للغذاء وبدأ البوادر تظهر بارتفاع أسعار بعض السلع العالمية مثل الأرز حيث ارتفع سعر الطن إلى 440 دولار، ومتوقع أيضا ارتفاع أسعار القمح العالمية".
ويشير أحدث مؤشر لأسعار الغذاء الصادر عن منظمة الفاو مطلع يوليو الجارى، إلى انخفاض مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء فى يونيو الماضى بشكل أساسى بسبب احتدام التوترات التجارية، حيث بلغ متوسط المؤشر 173.7 نقطة فى يونيو بتراجع قدره 4.2 نقطة (1.3%) عن شهر مايو.
وقال التقرير أن معظم الأسواق شهدت مؤخرا تراجعا بسبب ازدياد التوترات فى العلاقات التجارية.