أين الخدمة العامة على أرض الواقع؟.. لماذا لا يتم تطبيقها بشكل فعلى؟.. كيف تخرج من الإطار الروتين إلى الشكل الفعال؟.. كلها أسئلة تم تداولها فى السنوات الماضية حول قرار توزيع خريجى الجامعات من الإناث والذكور المعافين من الخدمة العسكرية على ميادين عمل مختلفة لخدمة المجتمع وفقا للقانون رقم 76 لسنة 1973.
وللعلم فإن مدة الخدمة العامة تكون 12 شهرًا وتصدر قرارات التكليف مرتين فى السنة، وعادة ما تكون فى مجالات مثل الخدمات الطبية والتعليمية وتنظيم الأسرة إضافة إلى المجالات الأخرى التى تفيد المجتمع بشكل عام.
الخدمة العامة.. حبر على ورق
ورغم صدور قرارات التكليف الخدمة الاجتماعية وتوجه أغلب الشباب لتأديتها نظرًا لكونها إحدى مسوغات التعيين المطلوبة من قبل المؤسسات الحكومية والخاصة وفقا لما ينص عليه القانون إلا أنه تظل حبرًا على ورق وليس لها وجود ملموس على أرض الواقع، وتظل مجرد اجراءات روتينية لا فائدة منها فى بعض الأحيان.
مؤخرًا، أعلنت وزارة التضامن أنها تسعى جاهدة للاستفادة من الشباب المتقدمين للخدمة العامة خصوصا فى الأماكن التى يوجد به نقص فى عدد العاملين بها، وهذا ما أوضحه علاء الدين عبد العاطى معاون وزيرة التضامن، إن مبادرة "شبابنا بيخدم بلدنا"، هى إحدى المبادرات التى أطلقتها الوزارة كجزء من الحلول المبتكرة داخل قطاع الرعاية، موضحاً أن هناك دور أيتام ومسنين وأطفال بلا مأوى وأطفال معرضين للخطر، وكلها بها بعض المشكلات.
وأوضح خلال لقائه ببرنامج "الحياة أحلى"، على فضائية "الحياة"، مع الإعلامية جيهان منصور، أنه بعد تقييم الجمعيات الأهلية تم التفكير فى حلول مبتكرة لحل المشكلات، لافتاً إلى أنهم وجدوا نقص رهيب فى الجهاز الوطيفى لهذه الدور، موضحاً أن ناشئ المؤسسة أو الدار يكون جمعية أهلية وتراقب عليها الوزارة، مشيرًا إلى أنه تم الاستعانة بـ"الخدمة العامة" ويتم الاستفادة بها، بدل الجلوس فى مكاتب بلا عمل، يتم استثمار قدراتهم فى دور الرعاية، موضحاً أنه يتم توفير مكافآت جيدة لمدة عام، ومن يثبت جدارته يتم إجبار الجمعية الأهلية لتعيينه.
مقترحات لتفعيل الخدمة العامة
وبناءً على ما ذكره معاون وزير التضامن من محاولة استثمار قدرات الشباب الذين يؤدون الخدمة العامة بدلا من جلوسهم فى المكاتب، نسأل كيف يمكن تحقيق الاستفادة؟، وهل يجب وضع برامج معلنة للمتقدمين لأداء الخدمة، وفى الوقت ذاته محاولة تقديم مكافآت تشجعهم على العمل بكفاءة.
الدكتور محمد باغة، خبير الإدارة والتنمية والتطوير المؤسسى، قال إنه الخدمة العامة فكرته البسيطة تدور على حول أدار أمور تمس الوطن عبر الشباب المتخرجين حديثًا، مضيفًا أنه يفترض الاستفادة من طاقات هؤلاء الشباب فى بعض الأمور الحيوية مثل المساهمة فى محو الأمية أو تنظيم الأمور مثلما يحدث فى بعض المحافظات منها الإسماعيلية على سبيل المثال.
وأشار خبير الإدارة والتنمية والتطوير المؤسسى إلى أنه لابد من وضع منظومة متكاملة للاستفادة من قدرات هؤلاء الشباب لأن الأمور تسير بعشوائية إلا فى حالات نادرة، لافتًا إلى أن المجلس الأعلى للجامعات بالتعاون مع الوزارات الأخرى لابد أن يضعوا خطة محددة وواضحة المعالم والأهداف على سبيل المثال الاستفادة من خريجى التربية فى محو الأمية، وكليات التمريض من العمل فى المستشفيات، وطلاب الفنون الجميلة فى تجميل الميادين وخلافه، موضحا أن متطلبات المرحلة الراهنة فى مصر تفرض على الجميع محاولات الاستفادة القصوى من كل الطاقات المتاحة.
على نفس المنوال، سارت النائبة هبة هجرس عضو لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، قائلة :"الخدمة العامة طاقة مهدرة بالفعل، وبناءً يجب تعديل المنظومة للاستفادة منها لأننا بحاجة إلى الطاقة الشبابية لعدة مهام قد تفتح لهم مجالات عمل لا تلفت نظرهم"، موضحة :"ببساطة شديدة عندما أقوم بتشغيل الشباب فى أشياء ليست فى حسبانهم على سبيل المثال هناك مقترح لتشغيل هؤلاء الشباب كمدرسين مساعدين للأشخاص من ذوى الإعاقة مقدم لوزارة التضامن، وذلك بعد تدريبهم لمدة 3 أشهر وهذه فترة كافية لإعدادهم للتدريس لبعض أنواع العلاقات".
وتابعت عضو لجنة التضامن حديثها قائلة :"مجال التدريس لذوى الإعاقة يحتاج إلى طاقات كبيرة، ومن الممكن أنه يحب هذا المجال بعد إنهاء الخدمة العامة ويستمر فيه بدل من معاناته من البطالة على سبيل المثال وإذا لم يحب هذا المجال فبكل تأكيد فإنه لن ينسى تلك التجربة سيتعلم منها، وبطبيعة الحال يكون قد أفاد الوطن خلال فترة تأدية الخدمة".
وأوضحت النائبة أن توظيف قدرات الشباب مؤدى الخدمة العامة بشكل جيد سيكون مفيد لكل الأطراف على العكس تمامًا من تسيير الأمور فى طريق الشكل الروتينى مما يهدر طاقات كبيرة على الدولة وفى الوقت ذاته يضيع وقت الشباب أنفسهم فى أعمال غير مفيدة.
بينما، يؤكد النائب يحيى الكدوانى أنه يوجد 60% من الشعب المصرى من فئة الشباب، وهم يشكلون ثروة قومية لا بد من استغلالها على النحو الأمثل وتوجيهم نحو التنمية وتحديد أفكار واضحة لهم من أجل خدمة وطنهم بالشكل الأمثل.
ويضيف الكدوانى :"ننادى فى الفترة الحالية باستغلال كل موارد الدولة، والعنصر البشرى هو هبة من الله لابد من الاستفادة منه والتطور ولدينا نموذج فى دول شرق آسيا، كيف تطورت عبر الاستفادة من شعوبها"، مضيفًا :"فى الخدمة العامة لابد من توجيه الشباب بالشكل الأفضل نحو خدمة وطنهم ووضع مهام واضحة لهم وأعتقد أنهم لن يتخاذل أى شاب عن تقديم أفضل ما لديه".
وأشار عضو مجلس النواب إلى أن المشاركة المجتمعية بين كل الأطراف سواء المواطنين والحكومة على مختلف صورها تعتبر طوق النجاة لهذا الوطن، ولابد من التمسك الشديد بهذه النقطة خلال الفترة الراهنة من أجل العبور إلى بر الأمان.