لابد أن يكون الجميع يعرف أفلاطون ذلك الفيلسوف اليونانى الشهير، أحد أعظم الفلاسفة فى التاريخ، وصاحب الأثر الفلسفى والعلمى الكبير، ومخطوطاته التى جمعت بين الفلسفة والشعر والفن.. لكن كيف أثر أفلاطون فى العرب، وكيف أثرت فلسفته فى الثقافة العربية، هذا ما حاول الباحث الدكتور عماد عبد اللطيف الإجابة عنه من خلال كتابه "ضد البلاغة" والصادر عن دار العين للنشر والتوزيع.
والكتاب يعد أول دراسة عربية تخصص لدراسة البلاغة عند أفلاطون، حيث يعرف أفلاطون البلاغة بأنها فن الكذب الضار بالدول والأفراد، ويؤكد أن الخطابة تمارس القتل الجماعى بواسطة التلاعب بالكلمات، فى هذا الكتاب يدرس الأساتذة عماد عبد اللطيف والدكتور محمد الولى والدكتور حاتم عبيد هجمة أفلاطون الشرسة على البلاغة، مستكشفين ماهية البلاغة المنتقدَة، ووظائفها، وتجلياتها، وآثارها. ويفحصون ظروف وبواعث النقد والأثار التى تركها على مدار العقود الطويلة.
يتكون هذا الكتاب من تمهيد وقسمين، ناقشت فى التمهيد أثر أفلاطون فى التراث العربى من خلال الفحص المدقق للتراث الفلسفى والبلاغى، وتتبعت المقولات المنسوبة إليه فى مظانها المختلفة، وحاولت تفسير الحضور المحدود للغاية لبلاغة أفلاطون فى التراث العربى، وتناولت فى هذا التمهيد أيضا مظاهر الاهتمام العربى المعاصر ببلاغة أفلاطون وتجلياته فى الترجمة والتأليف، يُخصص القسم الأول للدراسات العربية المؤلفة عن بلاغة أفلاطون، ويتكون من أربعة بحوث، لثلاثة مؤلفين على نحو ما عرضنا سابقًا، تُعالج أبعادًا مختلفة من محاورات أفلاطون المعنية بالبلاغة وهى جورجياس وفيدروس ومنكسينوس والجمهورية ويوثيديموس وبروتاجوراس ومينون. أما القسم الثانى فيتضمن مقدمات وافية لمحاورات أفلاطون الثلاث المخصصة لدراسة البلاغة.
وتلخص الدراسة على نحو كبير موقف أفلاطون من البلاغة عمومًا، حين ينظر إليها على أنها الكلام الجماهيرى المولع بإنجاز السيطرة وحيازة السلطة بواسطة التلاعب، ومن هنا جاء اختيار المؤلف للعنوان الفرعى وهو "الخطابة والسلطة عند أفلاطون"؛ نظرًا لأن معظم البحوث المنشورة فى هذا الكتاب تحاجج بأن الخطابة حظيت بنصيب الأسد من النقد الأفلاطونى لأسباب عدة، من أهمها أن الخطابة الجماهيرية توظف غالبًا لهدف إنجاز السيطرة، عبر إساءة استعمال السلطة، وأن التلاعب باللغة والأداء هو أداتها الأساسية لتحقيق هذا الهدف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة