- مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة العربية التى تقدم إنتاجاً مسرحياً متنوعاً وضخماً يصل لـ1000 مسرحية فى العام
- أحب ياسمين عبدالعزيز وبيننا «كيميا» فى العمل.. وهنيدى «أكتر ممثل بيضحكنى» ومن الجيل الحالى محمد ثروت وبيومى فؤاد
- المسرح لا يموت لأنه التفاعل المباشر الحى بين الجمهور والفنان.. والوصول للعالمية عموماً يأتى بالاستغراق فى المحلية
يتمتع بعدد من المواهب، فهو مخرج مسرحى، وصانع أجيال من المواهب، وممثل، بالإضافة إلى أنه كاتب سيناريو، كتب أكثر من 5 أفلام، كان آخرها فيلمه «عصمت أبوشنب» للنجمة ياسمين عبدالعزيز، كما أنه إدارى ناجح يدير حاليًا قطاع الإنتاج الثقافى بوزارة الثقافة، وهو عن حق نموذج للأجيال الحالية من الشباب، إنه خالد جلال صاحب المسيرة التى بدأها من مسرح الجامعة، ثم المعهد العالى للفنون المسرحية، ثم السفر لإيطاليا ليخرج مسرحية «حلم ليلة صيف» لشكسبير بممثلين إيطاليين، وبعدها يعود ليعينه الوزير فاروق حسنى مديرًا لمسرح الشباب، ليكون أصغر من يشغل ذلك المنصب حيث كان عمره 28 عامًا وقتها.
خالد جلال وفاروق حسني
بعدها تولى مركز الإبداع الفنى الذى قدم من خلاله روائع الأعمال المسرحية، وخرجت من عباءته أجيال من النجوم تنتشر حاليًا على الساحة الفنية، ولذلك فإن الحوار معه سيتطرق للكثير من القضايا المسرحية المهمة، وسنعرف من خلاله ما وصل له حال المسرح المصرى حاليًا.
المخرج خالد جلال في حواره مع الزميل جمال عبد الناصر
ما مصير مسرحية «سلم نفسك» بعد حصولها على جوائز المهرجان القومى للمسرح؟
- مستمر فى عرضها، ولدينا دعوات لعرضها فى عدة دول، منها السعودية، فى الرياض وجدة، وهناك دعوة للسودان والعراق.
ولكن كيف وصلت مسرحية مثل «سلم نفسك» للعالمية؟
- كتابات النقاد والإعلام كان لها دور كبير، فقد كُتب عن مسرحية «سلم نفسك» أكثر من 800 مقالة من أكبر كاتب فى مصر لأصغر كاتب، مما لفت النظر للمسرحية ولمجموعة الشباب، وانتصر لهم الرئيس وحضر العرض لأكثر من سبب، أهمها أنه عرض لا يوجد به نجم، وهو لم يُصنع خصيصًا ليشاهده الرئيس، ولكنه شاهده بعد الليلة الـ115، وهو كله شباب، والحركة النقدية لفتت النظر إلى أن هناك منتجًا مسرحيًا مميزًا طلب الرئيس مشاهدته مع ولى العهد السعودى، وبذلك هو منح الشباب الفخر والطاقة الإيجابية، ولم يحدث ذلك فى الحركة الفنية، بل إنه أدخلهم الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب، وهذا حلم مصر كلها لدخولها، لأنه المكان الذى يعيد تأهيل الشباب لصناعة مصر الجديدة.
اليوم السابع كان اول من كرم خالد جلال
كيف كان رد الفعل على مسرحية «سلم نفسك» حينما عرضت بتونس؟
- عرض مسرحياتى خارج مصر ليس المرة الأولى، فقد حدث نفس الأمر مع مسرحية «قهوة سادة»، فقد تم عرضها فى ليبيا والإمارات والأردن والجزائر، أما بخصوص «سلم نفسك»، فقد عرضت فى مدينة صفاقس فى إطار مهرجان المسرح العربى، وحدث نجاح لم يكن متوقعًا وأكبر مما كنا نتصور، فمنذ الدقيقة الأولى فى العرض وهناك حالة من التفاعل والتصفيق والضحك على مدار الساعتين، فلم نشعر أننا نعرض خارج القاهرة، وفى أغنية نهاية المسرحية وفى التحية ظل الجمهور يصفق تصفيقًا متواصلًا، ولذلك كنت فخورًا جدًا بالعرض فى تونس، وهذا يثبت أن الفن المصرى فن عالمى، «عايش» مع الشعوب العربية، وأن قوة مصر الناعمة فى فنونها الحقيقية.
كيف ترى الحركة المسرحية، وهل هناك صحوة حاليًا فى المسرح العربى بشكل عام؟
- المسرح لا يموت، ربما تأتى له فترات يتوارى، وتصعد عليه الميديا والتليفزيون، لكن المسرح مازال هو التفاعل الحى الوحيد الذى من خلاله ترى الفنان يقدم لك منتجًا لك شخصيًا، وهو به سحر، وهذا ما يجعله لا يموت نهائيًا، فقد ظهرت السينما، ومع ذلك لم تطغَ على المسرح، وظهر التليفزيون ولم يتأثر المسرح، فكل فن له سحره، ولكن المسرح هو المكان الوحيد الذى تتلاقى فيه مع كائن حى، وتتفاعل معه سلبًا وإيجابًا على خشبة المسرح، وبالتالى لن يموت المسرح نهائيًا.
خالد جلال وياسمين عبد العزيز
كيف ترى المسرح التونسى أو العربى بشكل عام؟
- المسرح فى منطقة تونس والمغرب والجزائر هو مسرح منضبط جدًا، وملتزم بالمدارس العلمية للمسارح، ولديهم قامات فى عالم المسرح، فمثلًا فى تونس هناك المخرج فاضل الجعايبى، والراحل المنصف السويسى، وعزالدين جنون، وجميعهم جاءوا للقاهرة فى مهرجان المسرح التجريبى، وكانوا يحصلون على جوائز كثيرة، لكن المسرح التونسى مختلف عن المسرح المصرى، فتشعر وأنت تشاهد العروض المسرحية التونسية أنك تشاهد مسرحًا فى باريس مثلا.
ما مواصفات المسرحية المصرية التى تعرض خارج مصر؟
- للوصول إلى العالمية، يجب أن تكون مستغرقًا فى المحلية، بمعنى أن تناقش قضاياك التى يهتم بها الآخر، الذى يريد أن يرى مجتمعك وقضاياه، وهل هناك تشابه بين قضاياك وقضاياه، فنحن مثلًا فى «سلم نفسك» كنا نناقش السلوك والفتنة والنميمة وتصديق الشائعات والجرى وراء السوشيال ميديا والعنف مع المرأة، وكل هذه القضايا بها تماس شديد مع قضايا كل الدول العربية، فالهم العربى واحد فى المسرح، ولذلك نجاح المسرح فى أى دولة هو مناقشتها للشأن الشخصى لها، لأنها تكون مثيرة للمتفرج العربى أو الأجنبى.
هل ترى أن الدولة تقدم ما عليها تجاه المسرح؟
- مصر لديها منتج مسرحى كبير، فهى الدولة الوحيدة فى الوطن العربى التى تمتلك فرقًا مستقلة، وفرق مسرح دولة، وفرق ثقافة جماهيرية، وفرق مسرح شركات، وفرق مسرح جامعة، وفرق مسرح قطاع خاص، وفرق مسرح تليفزيون، ولذلك لدينا إنتاج مسرحى ضخم كل عام، ولا يوجد مثيل له فى الوطن العربى، وكمثال، أنا كنت عضو لجنة تحكيم مسابقة إبداع، وظللت 3 أسابيع أشاهد يوميًا عرضين، أحدهما الساعة الحادية عشرة والآخر الساعة السادسة، وهى عروض كبيرة للجامعات، وخلال 21 يومًا شاهدت 42 مسرحية، وربما هذا الرقم يكون منتج دولة كاملة، ومهرجان مواسم نجوم المسرح الجامعى كان به 10 مسرحيات، ومركز الإبداع الفنى ينتج حوالى 12 مسرحية، والثقافة الجماهيرية تنتج سنويًا فوق الـ800 مسرحية، ومسرح الدولة ينتج أيضًا، ولذلك لدينا منتج تتغافل عنه الميديا، التى من المفترض أن تنقله للناس.
خالد جلال يتمتع بمواهب متعددة
إذن، فأين مشكلة المسرح مادام هناك إنتاج بهذا الكم؟
- صنّاع المسرح يقدمون ما عليهم، لكنّ هناك دورًا مفتقدًا للتليفزيون، لأنه لا ينقل هذا للناس، وينقل فقط المنتج التجارى الذى يجلب له الإعلانات، ويتغاضى عن فكرة تثقيف الجمهور، وصناعة أجيال كاملة، وكان لدينا برنامج مهم جدًا اسمه «كنوز مسرحية»، كان يعرض الساعة الثالثة صباحًا، وهو الوقت الذى يكون فيه الجميع نائمًا، لذلك فإن الإنتاج موجود، ولكن الأزمة فى المسرح تكمن فى تفاعل الميديا معه.
أى مسرحية أقرب لقلبك من أعمالك التى قدمتها؟
- عروض مركز الإبداع جميعها، وبهذا الترتيب «هبوط اضطرارى»، و«أيامنا الحلوة»، و«قهوة سادة»، و«بعد الليل»، و«سلم نفسك»، فتلك هى النجوم الخمسة بالنسبة لى، وهى قصة حبى، وأنا أخرجت فوق الـ80 مسرحية كبيرة من أول القطاع الخاص مع يسرا وعلاء ولى الدين وأحمد بدير، وفى القطاع العام أيضًا، ولكن كل ذلك فى كفة والمسرحيات الخمس التى ذكرتها فى كفة أخرى، وتلك المسرحيات الخمس هى أفضل ما قدمت، فمسرحية «هبوط اضطرارى» كانت فاتحة الخير، وبعدها «أيامنا الحلوة»، وقدمتهما بالدفعة الأولى، ثم «قهوة سادة» فى الدفعة الثانية، وبعدهها «بعد الليل»، ثم «سلم نفسك»، لكن «سلم نفسك» نالت شرفًا أكبر من الجميع، فقد نالت الوسام بحضور السيد الرئيس، فقد ظللت لمدة 16 عامًا منذ عام 2003 أبنى وأقدم فنانين، وكان هناك من يراقب بهدوء، وكان الفخر والشرف والتكريم كما ذكرت فى كلمتى أمام السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بحضوره العرض، وهذا كان التتويج والوسام لتجربتى.
خالد جلال
ما الحلم أو المشروع المسرحى الذى تحلم بتحقيقه؟
- أحلم دائمًا بتقديم رواية «أوليفر تويست» للكاتب الكبير تشارلز ديكنز على المسرح، فهى حلمى، برغم أنها قدمت فى مصر أكثر من 6 مرات، لكنها مازالت حلمى، وكنت أشاهد كل التجارب التى تقدمها، ولكن مع كل مشاهدة أتاكد بأن حلمى مازال موجودًا، وسأقدمها فى يوم من الأيام، وكنت قد قررت تقديمها منذ 10 سنوات مع أطفال مركز الإبداع، لكنها توقفت، ولكن أنا وراء هذا الحلم حتى يأتى.
لو طلبت منك أن تختار لى عرضًا فى القطاع الخاص وآخر فى مسرح الدولة تعتز به؟
- فى القطاع الخاص قدمت عرضًا كان يطلقون عليه «عرض الخمس نجوم»، وهو «لما بابا ينام»، وكان به يسرا وعلاء ولى الدين وهشام سليم وحسن حسنى وأشرف عبدالباقى وآخرون، وكان هذا هدفًا لى فى القطاع الخاص، كما قدمت فى مسرح الدولة مسرحية «الإسكافى ملكًا»، بطولة ماجد الكدوانى، وحصدت كل جوائز المهرجان القومى.
لماذا لم يكتمل مشروعك المسرحى مع الفنانة سميحة أيوب؟
- بعد مسرحية «الإسكافى ملكًا» كان لدى مشروع مع الفنانة سميحة أيوب بعنوان «كان فى واحدة ست»، وبدأنا بروفات، لكن جاءت ثورة 25 يناير، وبعدها توليت مناصب فى مسرح الدولة تمنعنى من أن أكون أنا مخرج العمل.
كُرمت فى مهرجان المنودراما فى تونس فكيف ترى مسرح المنودراما؟
- مسرح المنودراما فن صعب جدًا، وصناعته صعبة جدًا، لأنها تتطلب ممثلًا استثنائيًا يستطيع احتواء الجمهور لمدة ساعة، وإذا لم يكن هذا الممثل متمكنًا ولديه حضور كبير فسينصرف عنه الجمهور، وأنا على المستوى الشخصى لم أخرج هذا النوع من المسرح، لأنه يتطلب أولًا وجود ممثل لديه القدرة على كسب ود الجمهور وحبه، ويجعله ثابتًا طوال مدة العرض ولم أجده حتى الآن.
لماذا تحب الكتابة لياسمين عبدالعزيز؟
- نعم أحب ياسمين عبدالعزيز، وأشعر بأنها من بيتى، فمعزّتها نفس معزّة «نور» و«ملك» ابنتىّ، والكيمياء بينى وبينها مستمرة، فهى ترتاح جدًا لما أكتبه، وهى ليست من النوع الذى يرتجل، لكنها تقول ما كتب فى السيناريو، ولديها انضباط شديد، ولذلك هى النجمة الوحيدة التى تأتى بالإيرادات فى السينما.
المخرج خالد جلال مع خالد صلاح وشريهان ابو الحسن
من النجم الذى ترغب فى إخراج مسرحية له؟
- النجم الكبير عادل إمام، وبرغم أنه زهد فى فكرة المسرح، لكنه سحر، أنا حضرت له آخر مسرحية قدمها، وبرغم نجوميته فإنه كان يوجد فى المسرح قبلها بثلاث ساعات قبل أى فنان، و«كنت باحلم زمان إنى أخرج لفؤاد المهندس».
من أكثر ممثل يضحك خالد جلال؟
- فى الكبار أنا دائمًا يضحكنى محمد هنيدى، فهو كوميدى بالفطرة، ولديه بساطة كبيرة فى الأداء، وأيضًا ماجد الكدوانى، فهو «معلم» فى التمثيل، ومن الجيل الجديد محمد ثروت، فهو يذكرنى بوحيد سيف بتلقائيته فى الكوميديا، وأيضًا أحب بيومى فؤاد وأحمد فتحى.
هل خروجك من أسرة مثقفة وبها رجال فكر وثقافة ومسرح وشعر أفادك؟
- بالفعل استفدت منهم، وتثقفت من خلالهم، فأسرة أبى بالكامل جميعها شعراء وأدباء، فعائلة أبى فيها أحمد بهجت، الكاتب الكبير الراحل، وفيها أحمد شفيق كامل، الذى كتب لأم كلثوم «أنت عمرى» و«أمل حياتى»، ورشاد رشدى، الكاتب المسرحى الكبير، فهذه العائلة جعلت عندى حب القراءة عاليًا، ففى سن 10 سنوات قرأت فى الأدب العالمى، فكل ذلك شكّل خالد جلال الفنان والإدارى، بالإضافة لأساتذتى كرم مطاوع وصلاح السعدنى وفاروق حسنى وعبلة الروينى ونهاد صليحة ومنحة البطراوى وآمال بكير وسعد أردش وجلال الشرقاوى، فكل واحد من هؤلاء وضع بداخلى شيئًا ما صنع خالد جلال.
المخرج خالد جلال في حواره مع الزميل جمال عبد الناصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة