في إطار جهوده الرامية لتفكيك وتشريح الفتاوى التى تشرعن العنف عند الجماعات الإرهابية، انتهى مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية من دراسة جديدة، حول جذور التطرف والعنف عند جماعة الإخوان المسلمين "الإرهابية".
وكشفت الدراسة عن جذور التطرف والعنف فى نصوص مؤسسى وقيادات الجماعة الإرهابية، مع دراسة واقع العنف عند الجماعة عبر التنظيمات السرية المسلحة والمعلنة، مع التركيز على دراسة مراحل تطور العنف لدى الجماعة على مستوى التنظير والممارسة.
وأكدت الدراسة أن العنف لدى الجماعة الإرهابية لم يكن وليد اللحظة الراهنة، بل يعتبر استراتيجية متجذرة وضعها مؤسس الجماعة حسن البنا فى العديد من كتاباته ورسائله الموجهة إلى أنصاره، وسار على نهجها من بعده قيادات ومنظرو الجماعة كافة، وعلى رأسهم سيد قطب.
وأشارت الدراسة إلى أن حسن البنا مؤسس الجماعة الإرهابية، سعى إلى شرعنة العنف من خلال إضفاء صبغة دينية عليه، تحت دعاوى "الجهاد" لاستعادة الحكم الإسلامى، واعتبر البنا العنف وسيلة لا غنى عنها فى استعادة الحكم الإسلامى.
وتضمنت الدراسة النصوص التى أوضحت تَدرُّج البنا فى تبنى العنف حتى وصل إلى ضرورة محاربة الأنظمة القائمة والمجتمع، وهو ما يظهر فى مقاله بالعدد الأول لمجلة "النذير" فى قوله: "سنتوجه بدعوتنا إلى المسئولين من قادة البلد وزعمائه ووزرائه وحكامه وشيوخه ونوابه وهيئاته وأحزابه، وسندعوهم إلى منهاجنا ونضع بين أيديهم برنامجنا وسنطالبهم بأن يسيروا عليه.. فإن أجابوا الدعوة وسلكوا السبيل إلى الغاية آزرناهم، وإن لجأوا إلى المواربة والمراوغة وتستروا بالأعذار الواهية والحجج المردودة، فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس أو حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام ولا تسير فى الطريق إلى استعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام، سنعلنها خصومة لا سِلم فيها ولا هوادة معها حتى يفتح الله بيننا".
وأشارت الدراسة أن قيادات الجماعة الإرهابية سارت على منهجية البنا فى إعلانهم العداء لمبادئ الديمقراطية ونظام الأحزاب وانتقاد الحريات العامة والدعوة إلى التطرف والعنف، وقد بدا هذا واضحًا فى كتابات سيد قطب وتبنيه مفاهيم (الحاكمية، وجاهلية المجتمع، وتكفير المجتمعات والأنظمة)، ومن ثم تبنى العنف لإقامة الخلافة الإسلامية وفقًا للجماعة، وهى نفس النصوص التى تُشرعن بها الجماعات الإرهابية المعاصرة أعمالَ العنف والقتل الوحشى ضد كافة فئات المجتمع.
ورصدت الدراسة أيضًا تحول الجماعة فيما بعد سيد قطب إلى تبنى منهاج جديد للعنف وتجذيره على المستوى النظرى، حيث بدأت كتابات ونصوص قيادات التنظيم فى مهاجمة قيم الديمقراطية والحداثة والحرية واتهامها بتخلف المجتمعات، ومن ثَم رأت ضرورة طرح الإسلام كبديل يقوم على مراحل متدرجة لاستعادة الحكم الإسلامى يعتمد على التغلغل واختراق المؤسسات والمجتمعات مع ضرورة التواصل والتنسيق مع الجماعات "الجهادية" الإرهابية وضرورة بناء قوة لحماية الجماعة وتأمين الوصول إلى الحكم.
وأكَّدت الدراسة أن تطرف الجماعة وعنفها تعدى محاولات التبرير النظرى إلى الواقع العملى بالعمل على بناء قوة ذاتية لحماية الجماعة وتحقيق أهدافها الخاصة، بدءًا من تأسيس نظام الجوالة والكشافة وتأسيس النظام الخاص السري للجماعة الذى استخدم لتنفيذ العديد من أعمال العنف، كذلك تم تأسيس تنظيمات مسلحة تابعة للجماعة فى سوريا فيما عرفت بالطليعة، كما تم تأسيس جهاز عسكري خاص بالتنظيم في تونس، كذلك أعلنت حركة حسم فى مصر ارتباطها بالجماعة، بالإضافة إلى ذلك رصدت الدراسة انضمام عناصر من الجماعة لصفوف تنظيم داعش الإرهابي.
واختتمت الدراسة بأن التحولات الظاهرة المؤقتة التى شهدتها الجماعة بقبول بعض قيم الديمقراطية والحداثة مثل الانتخابات لم يكن من صميم فكر الجماعة، ولكنه نوع من المراوغة والخداع لتحقيق أهدافها وأطماعها الخاصة على حساب المصلحة العامة، وهو ما يظهر بمحاولات استعراض القوة وفرض إرادة الجماعة على المجتمع المصرى منذ العام 2011م.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة