بعد دخول العقوبات الأمريكية الاقتصادية على إيران حيز التنفيذ، وتعامل النظام فى طهران معها كونها "حرب ضد الشعب الإيرانى"، من المهم للغاية تخيل شكل السيناريوهات الحاكمة للمستقبل فى ظل تنامى عاملين أساسيين، أحدهما الخبرة التاريخية للنظام الإيرانى فى التعامل مع العقوبات، والآخر متغير جوهرى جديد وهو الاحتقان المجتمعى الداخلى على النظام وتحميله مسؤولية تدهور الأوضاع.
السيناريو الأول: نجاح أمريكا فى تركيع إيران
يقوم هذا السيناريو على تخيل أن الولايات المتحدة تحاول تركيع إيران، بعد أن استعادت الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء الجزء الأول من العقوبات ضد إيران فيما يتعلق بالانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة، بالإضافة إلى ذلك، تنوى واشنطن اتخاذ إجراءات ضد الدول التى تتعاون مع طهران.
وقال الكاتب والباحث الروسى فيميدا سليموفا، فى مقال نشر بجريدة "نيزافيسيمايا غازيتا"، حول إعداد طهران الخطة "ج" تحسبا لحدوث مواجهة عسكرية مع واشنطن إن العقوبات الأمريكية تستهدف جعل إيران فى موقف ضعيف للغاية، وهو تركيع لإرادة دولة وقفت ضد الولايات المتحدة.
على هذا النحو يمكن القول إنه من الممكن أن تستجيب إيران أو ترضخ بمعنى أدق إلى المطالب الأمريكية وتقبل بالتوصل إلى اتفاق جديد يشمل برامجها الصاروخية الباليستية ودورها الإقليمى ووجدها العسكرى فى سوريا واليمن والعراق ولبنان وفلسطين.
السيناريو الثانى: تعايش إيران مع العقوبات
ويتجه كثير من الباحثين فى دوائر صنع الأبحاث المتعلقة بالشؤون الإيرانية، إلى أن إيران قد تتعايش مع العقوبات من خلال خبرتها التاريخية فى هذا الصدد لاسيما أنها واجهت سبعة مشاريع أممية تمخضت عن قرارات صادر من مجلس الأمن الدولى، وتعايشت مع تلك العقوبات بدءا من العام 2006 وحتى العام 2013.
ووفقًا للمدير العام لمركز دراسة إيران الحديثة، رجب سافاروف، فإن 95٪ من العقوبات ضد طهران لم تكن قد رفعت، والغرب بقيادة الولايات المتحدة لم يف بالتزاماته بشأن الصفقة النووية.
ويعتقد سافاروف أنه ليس من المستبعد أن يكون لتلك العقوبات بعض التأثير السلبى على الاقتصاد الإيرانى، وبالرغم من ذلك فإن إيران مستعدة منذ فترة طويلة لنظام العقوبات، فعلى مدى أربعة عقود، نجحت فى دراسة طبيعة السياسة الغربية التى تقودها الولايات المتحدة، وأعدت الخطة "ب" لكل الاحتمالات، فى حال تنصل الأمريكيون وحلفاؤهم من التزاماتهم.
السيناريو الثالث: الذهاب إلى حرب إقليمية موسعة
يتمحور تخيل شكل السيناريو الثالث على أن تؤثر العقوبات تأثيرا مباشرا على صادرات إيران ووارداتها، وبالتالى تلجأ إيران إلى حماية مصالحها من خلال شن حرب إقليمية موسعة تكون فيها الدول الإقليمية شريكا أساسيا بحيث تتحزب تلك الدول ضد إيران أو فى خندقها.
وفى حالة تشديد محاصرة إيران، سيتم تنفيذ عدد من الإجراءات من جانبها على الفور، من بينها تعبئة الناس إلى استخدام أحدث التقنيات، علما بأن لدى طهران دفاع جيد مضاد للطائرات وتكنولوجيا صاروخية متقدمة، وهناك إمكانية لاستخدام الأقمار الصناعية الإيرانية، والأهم من ذلك، أن هناك قواتا خاصة مدربة تدريبا جيدا لحل المهام الموضعية أثناء العمليات العسكرية، بمعنى أن إيران ستلحق الضرر البالغ بكل الدول المتعاونة مع أمريكا عسكريا فى المنطقة.
وتفيد خبرة إيران التاريخية، أنها لا تلجأ أبدا إلى الحرب، خاصة فى مواجهة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية مع ضعفها العسكرى الشديد الذى بدا واضحا للغاية فى السنوات الأخيرة، بسبب عدم قدرتها على تحديث قطاعات جيشها واعتماد الحرس الثورى على نمط الحروب غير المتماثلة فقط لا غير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة