بعد أيام سيحل عيد الأضحى المبارك، وستنهال على كل منا، عشرات الرسائل الإلكترونية، من أقارب وأصدقاء ومعارف، وهى ظاهرة غزت حياتنا منذ إحدى عشر سنة، إذ قبلها كنا أميين إلكترونيا، وليتنا بقينا كذلك.
فما إن تحل مناسبة اجتماعية، سارة أو مكروهة أو مناسبة دينية أو عيد، أقف فى حيرة من أمرى، فقد أجد نفسى وقد زججت فى ظاهرة لم أعتدها من قبل، فقد تنهال على عشرات الرسائل المهنئة أو المعزية والتى تأتينى عبر مختلف ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعى، من واتس آب وفيس بوك، وفايبر وتانجو وتليجرام، أو عبر شبكة الهاتف المحمول، وقد تعين على الرد عليها، بل يتعين على أن أكون مبادرا"، مع الذين يكبروننى سنا أو مكانة.
هذا النشاط يحتاج إلى وقت يزجى فيه، فضلا "عن أنه مكلف ماديا"، لاسيما بالنسبة لشبكة المحمول، التى تأكل على الفكين، لكننا نجد أنفسنا وقعنا فى كماشة ما منها فكاك.
فى قضية التواصل والاتصال الإلكترونى ثمة أشياء وعلاقات، ولدت لم نكن نعرفها من قبل، بعضها إيجابى وبعضها الآخر سلبى، ويصعب تحديد مقدار الآثار السلبية، بالقدر نفسه الذى يستحيل فيه، تحديد الآثار الإيجابية، لكن بالمقابل فإن أشياء كثيرة قد فقدناها وضاعت، قيم وعادات بل حتى ملامحنا الشخصية قد ضاعت، أو أصبحت لا تمثل حقيقتنا، بصراحة فقدنا كينونتنا وآدميتنا.
فى المناسبات العامة، تصلنى مثلما تصلكم رسالة واحدة، بنص ثابت ومشاعر واحدة، ينم على أن مرسلها، لم يكلف نفسه سوى أن يدرج اسمك فيها، كباقى قائمة الأسماء المدونة على هاتفه، وعلى الأغلب فإنه هو أيضا "تسلمها من شخص ما، ثم أعاد إرسالها إليك، فضلا "عن أن الرسالة ليست من لغة المرسل، إذ نعرفه شخصا بملكات محدودة، ومشاعر باردة، ولا يمتلك لغة أدبية، كتلك التى وردت فى رسالته فهو لا يعرف (الألف من كوز الذرة) كما يقولون، كما أنك تشعر أن مرسل الرسالة كتبها وهو يرتدى قناعا، فالرسائل الإلكترونية تصلنا مجردة من الملامح، وتفتقر إلى الدفء والحيوية، ونتساءل ما الذى يمنع مرسلها أن يتصل بنا صوتيا"، يسأل عنا وعن صحتنا، وعن أولادنا، لكى نشعر أن الذى يحدثنا بشر مثلنا، بل نتساءل أيضا لماذا لم يأت لزيارتنا كما كنا نفعل أيام زمان، يوم كنا ندور على بيوت الأهل والأحباب مهنئين، تصافح أيادينا أيدى بعض، فيسرى الحب والمودة فينا .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة