لم يكن يتصور محمد على المسعود، أو الذى يعرفه المصريون بـ محمد على باشا، الذى جاء مع الجيش العثمانى بهدف، سد الطريق أمام رغبة الإنجليز فى احتلال مصر، بعدما بدأت القوات البريطانية فى حصار الثغور المصرية. أن يكون مجيئه بمثابة طاقة النور التى انفتحت له، ويصبح أول والى يحكم هو وأبناؤه البلاد فى عهد العثمانيين.
الوالى محمد على الذى، تمر اليوم ذكرى رحيله الـ170، إذ رحل فى 2 أغسطس عام 1848م، عن عمر يناهز حينها 80 عامًا، ويعتبره العديد من المؤرخين مؤسس مصر الحديثة، وصاحب النهضة الفكرية والحضارية، استغل كره المصريين ورجال الدولة فى مصر، للوالى العثمانى ليجلس على عرش البلاد، وكان قد اكتسب ثقة العلماء وكذلك حب الشعب، ولهذا قد ترتب على نجاح الثورة صعود محمد على إلى القلعة حيث اصطحب خسرو باشا إلى المدينة بوصف خسرو باشا واليًا على مصر. وبعد طرد خسرو باشا وبسبب معارضة أنصار طاهر باشا تمكن محمد على من الوصول إلى الحكم، لكن السؤال الذى يظل فى أذهان العديد هل حافظ محمد على، وهو حاكم على شعبيته التى اكتسبها.
بحسب كتاب "دراسات فى تاريخ العرب الحديث - مراجعات نقدية"، للدكتور حماه الله ولد السالم، مستعينًا بدراسات للإمام محمد عبده، والذى قدم فيها انتقادات للوالى العثمانى، يعتقد بأنه سبب فى تراجع شعبيته بين أوساط المصريين خاصة الفلاحين والبسطاء، ومنها استبداده فى التعامل مع المخالفين فى الرأى والفكر، فكان يستعين بالجيش للتخلص من خصومه، وكان يستعين بمن يستميله من الأحزاب لسحق حزب آخر ثم يستدير على من كان معه فيتخلص منه.
وثانى الانتقادات التى تسبب فى احتقان الوضع بينه وبين المصريين هو التعامل مع الأجانب وتعينهم فى المناصب العليا ووهب المكانة الاجتماعية حتى ضعفت نفوس الأهالى وتمتع الأجنبى بحقوق المواطن التى حرم منها، وهكذا اجتمع المصرى على ذل الحكومة الاستبدادية المطلقة من ناحية وإذلال الأجانب من ناحية أخرى.
كما أكد الكتاب أن إصلاحات محمد على كانت فى مجملها ناحية الاغراض العسكرية ولم تكن موجهة ناحية الأمة المصرية، فقد اعتنى بالطب والهندسة لصالح الجيش، حتى البعثات الأجنبية كانت من أجل خدمة أغراضه وبذلك قتل الحرية الفكرية لدى الشعب، كما أنه لم يجعل للأهالى رأيا فى حكوماتهم ولم يضع حكومة قانونية منظمة يقام بها الشرع، ويستقر بواسطتها العدل، ولم يفكر كذلك فى بناء التربية على قاعدة من الدين أو الأدب.