يظل موضوع التبرع بالأعضاء البشرية دون الحصول على موافقة أهل المتوفى محل جدل داخل المجتمع المصرى، وأعادت واقعة الحصول على قرنية أحد المتوفين فى مستشفى القصر العينى فى الأيام القليلة الماضية دون الحصول على موافقة فتح هذا الملف مرة أخرى.
وتباينت الآراء بين مؤيد ومعرض لفكرة الحصول على موافقة موثقة من عدمه، حيث يرى البعض عدم الحصول على موافقة وهذا الشرط اصبح غير قائم بعد تعديل القانون رقم 103 لسنة 1962، بينما تمسك آخرين بالدستور وتحديدا المادة مادة 61 من الدستور، والتى تنص على "التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة، ولكل إنسان الحق فى التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقة، وتلتزم الدولة بإنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقا للقانون".
وفى هذا الإطار تقدمت النائبة الدكتورة شيرين فراج، عضو مجلس النواب بطلب إحاطة موجه إلى الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء والدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالى والبحث العلمى ووزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد، بشأن قيام مستشفى قصر العينى بانتزاع قرنية أحد المتوفين دون موافقته أو موافقه أسرته، وذلك بالمخالفة لأحكام الدستور والقانون.
وأكدت "شيرين" أن الماده (60): نصت على " لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه، أو تشويهه، أو التمثيل به، جريمة يعاقب عليها القانون. ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أى تجربة طبية، أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق، ووفقًاً للأسس المستقرة فى مجال العلوم الطبية، على النحو الذى ينظمه القانون".
وأوضحت أيضاً أن المادة (61) نصت على "التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة، ولكل إنسان الحق فى التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته بموجب موافقة أو وصية موثقَّة، وتلتزم الدولة بإنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقاً للقانون".
وتابعت عضو مجلس النواب أنه وفقاً لنص الخامس من القانون 5 لسنة 2010، أنه فى جميع الأحوال يجب أن يكون التبرع صادرا عن إرادة حرة خالية من عيوب الرضا وثابتاً بالكتابة وذلك على النحو الذى تحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وكذلك المادة (17) نصت على: "يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من قام بنقل عضو بشرى أو جزء منه بقصد الزرع بالمخالفة لأى من أحكام المواد "2، 3، 4، 5، 7" من هذا القانون.
ونوهت أنه فى ضوء مواد الدستور والقانون فإن ما قامت به مستشفى كليه طب قصر العينى تجاه انتزاع القرنية من المتوفى يعتبر انتهاكا لحرمة الجسد البشرى وانتزاع جزء من جسد المتوفى دون موافقة منه يقع تحت طائلة القانون.
وفى هذا السياق، سبق أن أثارة " الدكتورة شيرين فراج " هذه القضية تحت قبة البرلمان وداخل لجنة الشئون الصحية بالمجلس أثناء مناقشة اللجنة لمشاكل زرع القرنية، وعقبت خلال الاجتماع قائلة أنه من غير المسموح انتزاع القرنية من المتوفى دون سابق موافقته أو موافقة أهله، وأن ذلك مخالف للدستور، وقد أيد ذلك الدكتور أيمن ابو العلا بمواد الدستور 60 و61، والتى تنص على وجوب موافقة الإنسان نفسه فى حياته أو أسرته بعد وفاته"، وطالبت بتنفيذ مواد الدستور والقانون قبل نزع القرنية من المتوفى.
بينما قال النائب مجدى مرشد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن التبرع بالأنسجة والأعضاء هى هبة للحياة، ووفقا للأعراف والأخلاق لابد أن يكون الحصول عليها بموجب موافقة أو وصية موثقة، من المتوفى قبل مماته أو أهله.
وأشار "مرشد" فى تصريح لـ "اليوم السابع "، إلى أن القانون رقم 103 لسنة 1962 والمعدل سنة 96، 99 و2000 سمح بانتزاع القرنية من المتوفى دون الحصول على موافقة وذلك فى المستشفيات الحكومية التى بها بنوك للقرانية والمعروفة ببنوك العيون، موضحا أن القرنية نسيج سطحى لا يتعدى الـ.6 من الملليمترات وينقل لمريض لا يبصر ليعاد إليه النظر مرة أخرى.
وأكد عضو مجلس النواب أن الرأى الفقهى يتيح نقل الجلد والدم والقرنية، لافتا إلى وجود فرق كبير بين نقل الأنسجة والأعضاء.
فيما أكد النائب أيمن أبوالعلا، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، أن الدستور أرتكب خطأ فى مادته 61 عندما خلط بين الأعضاء والأنسجة فى حظر الحصول عليها دون موافقة الشخص، قائلا:" الأنسجة لا تتعدى الملليمترات على عكس الأعضاء التى تكون عبر نقل العضو كاملا ".
وقال "أبوالعلا" فى تصريح لـ "اليوم السابع"، أن شرط الحصول على موافقة موثقة لا يتطابق مع الأمر الواقع، فى ظل وجود مريض يعانى مثلا من العمى وإنقاذه أيضا عمل إنسانى خاصة لو كان ذلك عبر جرح سطحى لا يتعدى حجمه ملليمترات.
وأضاف عضو مجلس النواب أن لجنة الصحة حاولت تعديل القانون فى هذا الشأن ليتيح نقل الأنسجة إلا أنه اصطدم مع الدستور الذى لم يفرق بينهما، مؤكدا أن احتياج المريض أهم خاصة لو كان مهدد بفقد حياته مقابل الحصول على نسيج من شخص متوفى.
بينما أعلنت الدكتور إليزابيث شاكر، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، رفضها لنزع أى عضو من اعضاء الإنسان دون الحصول على موافقة موثقة من الشخص نفسه أو الحصول على موافقة أقاربه من الدرجة الأولى بعد وفاته، وفى حال الحصول على هذه الموافقة لا مانع خاصة وان الهدف من نقل الأعضاء نبيل وهو المساهمة فى إنقاذ حياة إنسان آخر، ولكن لابد من الحصول على موافقة.
وأوضحت شاكر، أن القانون 103 لسنة 1962 وتعديلاته وأهمها تعديل 2003 والصادر تفسيره الكتاب الدورى 22 لسنة 2008 حيث تم استثناء نقل الدم والقرنية من قانون 5 لسنة 2010 بشأن زراعة الأعضاء بنص المادة 26 منه، حيث حددت التعديلات المصادر التى ستحصل عليها بنوك قرنيات العيون كالآتى: قرنية الأشخاص الذين يوافقون موافقة كتابية على نقلها بعد وفاتهم بغير مقابل، قرنيات قتلى الحوادث، الذين تأمر النيابة العامة بإجراء الصفة التشريحية لهم ويكون استئصال فى هذه الحالة بمجرد الأمر بالتشريح، قرنيات عيون الموتى بالمستشفيات والمعاهد المرخص لها فى إنشاء بنوك قرنيات العيون والتى يجمع ثلاثة من الأطباء رؤساء الأقسام المعنية على نقلها وفقا للإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية.
وتابعت: وأخيرا من ضمن التعديلات لا يشترط موافقة أحد- سواء المتوفى أو ورثته أو ذويه- قبل الحصول على قرنيات العيون فى الحالات المنصوص عليها فى التعديلات السابقة، مؤكدا على تقديما بتعديل يلزم ضرورة الحصول على موافقة المريض بوثيقة مكتوبة أو أحد أقارب المتوفى شرطا أساسيا للحصول على القرنية كسائر الأعضاء، مناشدة بضرورة نشر ثقافة التبرع بالأعضاء فى المجتمع المصرى.