لم يكن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى ورطة منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة مثلما هو الحال هذه الأيام، بعد اعتراف محاميه السابق مايكل كوهين بانتهاك قوانين تمويل الحملة الانتخابية خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة بناء على أوامر مباشرة من ترامب المرشح الرئاسى آنذاك، وأيضا إدانة المدير السابق لحملته الانتخابية بول مانافورت بـ8 تهم.
فى الوقت الذى ينشغل فيه الرأى العام الأمريكى بالقضية المثارة، وجه ترامب -الغاضب والحزين- خطابًا لأنصاره بولايات فرجينيا الغربية أول أمس الثلاثاء غض الطرف عن كل ذلك مرددا شعار we will make America great again،
حيث بدا مرتبكا وغاضبا وحانقا ويشعر بأجواء المؤامرة من حوله.. وتغريداته أمس واليوم تعبر عن هذا الارتباك.. تصريحاته تعبر عن حالة الغضب والقلق والخوف، تحذيراته من أن أسواق المال ستنهار وأن الأمريكيون سيصبحون فقراء جدا إذا تم عزله، تعبر عن هذا الضعف والارتباك.
هل خالف ترامب قانون تمويل الحملات الانتخابية وما تأثيراته؟
وتكمن أهمية اعترافات كوهين محامى ترامب مقابل تخفيف الحكم بدفع أموال لسيدتين قالتا إنهما على علاقة جنسية مع ترامب خلال الحملة الانتخابية لشراء صمتهما يعنى ارتكاب الرئيس الأمريكى جريمة فيدرالية لأن دفع أموال غير معلنة لمنع انتشار قصص عن مرشحين سياسيين يمكن التعامل معها على أنها انتهاك لقوانين تمويل الحملات الانتخابية فى الولايات المتحدة.
لكن ترامب الذى أدين له حتى الْيَوْم 5 مسئولين من إدارته فى قضية "التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية"، يجادل بأن الأموال المدفوعة لا تشكل انتهاكا للحملة الانتخابية وأنه هو من دفع الأموال، بل ويشدد على أنه علم بالأمر لاحقا، لكن تسجيلا صوتيا أذاعته سى أن إن منذ أكثر من شهر بين كوهين وترامب يظهر أنه على علم بخطط دفع أموال لعارضة أزياء لشراء صمتها.
الانتخابات الأمريكية
أسوأ ما يقلق الجمهوريون، أن فضيحة كوهين تفجرت قبل انتخابات مجلسى النواب ومجلس الشيوخ، التى تتم فى السادس من نوفمبر المقبل، ويخشون من أن يكون لها تأثير سلبى عليهم فى الانتخابات
وينظر الجمهوريون بعين الاعتبار إلى الانتخابات التى تمت مؤخرا على مقعد مجلس النواب فى ولاية أوهايو الأسبوعين الماضيين، إذ أنه بالكاد تمكن المرشح الجمهورى تروى بالدرسون -الذى دعمه ترامب والمؤسسة الجمهورية بأكملها- من الفوز على منافسه الديمقراطى بفارق أقل من 1 % فى ولاية لم ترسل "ديمقراطيا" إلى الكونجرس منذ أكثر من 30 عاما.
انتخابات مجلس النواب فى نوفمبر المقبل، تتم على جميع المقاعد البالغ عددها 435 مقعدا، ويأمل الديمقراطيون فى حصد 24 مقعدا إضافيا لتكون لهم الأغلبية فى مجلس النواب
أما انتخابات مجلس الشيوخ فتتم على 34 مقعدا من إجمالى 100 مقعد
ونظريا تعد هذه الانتخابات فى صالح الجمهوريين، حيث يدافع الديمقراطيون عن 26 مقعدا ويحتاجون إلى مقاعد إضافية للحصول على الأغلبية.
أما على أرض الواقع فالتقارير واستطلاعات الرأى تميل لصالح الديمقراطيين، ويعنى ذلك أنهم يجب أن يحصدوا على الأقل 28 مقعدا مقابل خسارة 6 مقاعد فقط فى انتخابات مجلس الشيوخ، أى أن الطريق ليس سهلا على الإطلاق أمام الديمقراطيون للفوز بانتخابات مجلس الشيوخ.
لكن هل يتم عزل ترامب بسهولة كما يشير محللون؟
بالقياس إلى تاريخ الولايات المتحدة لا يبدو الأمر سهلا، وحتى إذا قسنا وضع ترامب بحالة نيكسون الرئيس الأمريكى الذى استقال فى أعقاب فضيحة ووترجيت فى السبعينيات فإن الأمر استغرق أكثر من عامين، وفى النهاية قدم نيكسون استقالته.
إذا فاز الديمقراطيون بانتخابات مجلس النواب والشيوخ معا، فإن الفرصة ستكون قوية للإطاحة بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
لكن حتى إذا فاز الديمقراطيون فإن الأمر ليس بهذه السذاجة.. وقتها سيقيس الأمريكيون المسافة بين تكلفة بقاء ترامب رئيسا واستكمال فترته الرئاسية لمدة عامين وبضعة أشهر، وتكلفة عزلة التى ستكون كبيرة.
خسائر كبيرة لترامب
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى يرى نفسه الرئيس الأفضل فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، يتصرف دائما بمفرده وبقناعاته الشخصية بعيدا عن مؤسسات الدولة.. كان يرى نفسه أكبر من المؤسسات وقادرا على السيطرة عليها، لكن رغم كل صلاحياته ورغم إقالته عددا كبيرا من المسئولين بغرض وقف قضية التدخل الروسى فى الانتخابات، إلا أن الأزمات استمرت فى ملاحقته، والضربات جاءته حتى من مستشاريه ومحاميه وإدارته
كما أن السؤال الذى يطرح نفسه ما تأثير هذه الأحداث السياسية على سياسية ترامب الخارجية سواء فى حربه التجارية أو مع إيران وتركيا وروسيا وسوريا؟.