إذا تحدثنا عن تاريخ الثورات المصرية، وتاريخ الشعب المصرى فى النضال ضد الاحتلال الإنجليزى، لابد وأن نتذكر ثورة 1919، وزعيمها الكبير سعد زغلول، تلك الثورة التى جسدت روح التلاحم بين فئات الشعب المصرى، من أجل نيل استقلالهم.
ورغم التاريخ الطويل لسعد زغلول، الذى تحل ذكرى وفاته الواحد والتسعين، إذ رحل فى 23 أغسطس 1927، فى العمل السياسى وداخل حزب الوفد العريق، إلا أن ارتباط اسمه بثورة 1919، جعلته رمزا مصريا خالصا، وأيقونة مصرية ضد الاحتلال ونول الحرية.
وككل القادة والسياسيين الذى يرتبط بهم الشعب، يكون للأدباء والمفكرين المعاصرين لهم، آراء عنهم يسجلوها فى أعمالهم أو يذكرها فى مجالسه، وربما أيضا تكون العلاقة متوترة وتأخذ منحى مختلف.. خلال السطور التالية نحاول الحديث عن علاقة سعد زغلول، وبعض من الأدباء من رموز مصر، الذين عاصروا وكيف كانت مواقفهم منه أو معه.
نجيب محفوظ
"ثلاث مرات بكيت فيها بحرقة: يوم مات سعد زغلول الوحيد الذى تمنيت أن أراه ولم أستطع هو سعد زغلول، وفى أول مظاهرة اشتركت فيها وكان عمرى 15 سنة لم أتمكن من رؤيته من الكتل البشرية المحيطة به".
ربما تلك المقولة التى قالها الأديب الراحل نجيب محفوظ، توضح مدى ارتباط "صاحب نوبل" بالزعيم الراحل، فكان يراه زعيمًا وطنيًا ورمزًا للوطنية المصرية.
ويقول "النورج"، إن نجيب محفوظ كان يرى فى سعد زغلول، كغيره من المصريين، أنه "المخلص" من الاحتلال، حيث شكل وجود سعد زغلول حالة شعبية ووطنية كبيرة، أثناء فترة الاحتلال البريطانى، حتى الأوربيين أنفسهم رأوا ذلك فى شخصية سعد زغلول.
طه حسين
فى مطلع العشرينيات من القرن الماضى كان طه حسين من أبرز كتاب الحزب المعارض لحكومة سعد زغلول، ولم يتردد فى نقد الوزارة القائمة، وكانت وزارة سعد، ووصل هذا الهجوم قمته عام 1924، وما كتبه طه حسين ضد سعد زغلول فى هذه الآونة، ما يورده مصطفى عبد الغنى فى كتابه، ففى مقال لطه حسين بعنوان "ويل للحرية من سعد" قائلا: كان سعد محاربا لأمته، فأصبح الآن محاربا للحرية من حيث هى حرية، وأصبح الآن محاربا لكل هذا النصر الحديث.
فى النصف الثانى من عام 1924، طالب سعد زغلول بشكل رسمى من النائب العام التحقيق مع صاحب هذه المقالات بتهمة إهانة رئيس الوزراء، وفى السابع عشر من يونيو عام 1924، افتتح المحضر بسطور تقول: بناء على استدعاء رئيس النيابة، لطه حسين، وُجه إليه اتهام (إهانة حضرة صاحب الدولة) والاتهام موجه بالطبع من سعد زغلول، وبعد تحقيق طويل استمر لساعات أخلت النيابة سبيل عميد الأدب العربى دون إدانته بأى تهم.
عباس العقاد
كان وفدى الهوى، حتى أنه أطلق عليه "كاتب الوفد" رأى فى سعد زغلول رمزا هاما للوطنية المصرية، حتى إنه وبعد وفاة الأخير بنحو 9 سنوات وبالتحديد عام 1936، نشر كتابه "سعد زغلول زعيم الثورة" والذى قدم فيه صورة مشرقة لسعد زغلول زعيم الأمة المصرية وقائد ثورتها وحامل لواء استقلالها، ويرى فيها سعدًا وقد تبلورت لديه تمامًا مفاهيم الاستقلال والوحدة الوطنية والسيادة الدستورية.
أحمد لطفى السيد
بعد أن انتهت الحرب العالمية الأولى سنة (1337هـ= 1918م) استقال أحمد لطفى السيد من دار الكتب، واشترك مع سعد زغلول وعبد العزيز فهمى وعلى شعراوى وغيرهم فى تأليف وفد للمطالبة بالاستقلال، وكان من شأن المطالبة أن نُفى سعد زغلول ورفيقاه إلى خارج البلاد، فاشتعلت البلاد بثورة 1919م العارمة التى أضجت مضاجع الاحتلال، وظل أحمد لطفى السيد فى القاهرة يحرر بيانات الوفد ومذكراته، وتطور الأمر إلى رضوخ بريطانيا للتفاوض، وتشكلت وزارة حسين باشا، فأفرجت عن الزعماء المنفيين، وسافر لطفى السيد مع الوفد المصرى إلى باريس، لعرض مطالب مصر على مؤتمر السلام المنعقد فى فرساى.
يحى حقى
رغم أن الأديب الراحل كان فى الرابعة عشر من عمره وقت إندلاع ثورة 1919م، ووصف زعيمها سعد زغلول بالبطل الشعبى، وتعاطف معه عند نفيه، وبحسب ما قاله عنه الناقد الكبير رجاء النقاش: فقد كان يحيى حقى فى تكوينه الأصلى ثمرة من ثمرات ثورة1919، وهو أحد عشاقها الذين عاشوا فيها، وقد كان فى الرابعة عشرة من عمره عند اشتعلت هذه الثورة ولكنه كان يشارك فى المظاهرات، وكان شغوفا بأن يعرف كل شىء عن هذه الثورة، وعندما كتب عنها فى الذكرى الخمسين لها، سنة1969.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة