الاحتلال العثمانى لمصر، دام نحو 4 قرون، تراجعت فيه بشدة النهضة وعاشت البلاد عزلة سياسية كبيرة، ونقلت الأيدى المهارة فى الحرف والصناعات من مصر إلى عاصمة الدولة فى اسطنبول، ليكتب آل عثمان فصلا جديدا من سرقة الأرض والإبداع باسم الدين والخلافة الإسلامية.
وكانت المعركة التى فتحت الباب للجيش العثمانى فى الدخول إلى مصر معركة مرج دابق هى بين العثمانيين والمماليك في سوريا، قاد العثمانيين السلطان سليم الأول وقاد المماليك قنصوه الغورى، حيث التقى الجيشان عند سهل مرج دابق شمال حلب في 25 رجب 922 هـ الموافق 24 أغسطس 1516، والتى قضت على عدد كبير من الجيش المملوكى وقتل فيها السلطان قنصوه الغورى، وكانت تلك الهزيمة التى فتحت الطريق لـ آل عثمان إلى القاهرة، تسببت فيها خيانة داخل جيش المماليك، أدت إلى احتلال مصر ومقتل حاكمها، فمن هو ذلك الخائن؟.
بحسب كتاب "جمهورية الفوضى: قصة انحسار الوطن و انكسار المواطن" للدكتور ياسر ثابت، إن الخيانة كانت السبب الرئيسى للاحتلال العثمانى لمصر، فهزيمة قنصوه الغورى، فى مرج دابق، ثم هزيمة طومان باى فى الريدانية مردهما عندهم إلى الخيانة فى صفوف المماليك، وهى خيانة خاير بك نائب حلب وخيانة جان بردى الغزالى، ما أدت إلى مقتل قنصوه الغورى، ومن بعده نجاح سليم الأول فى إلقاء القبض على طومان باى ثم إعدامه نتيجة لخيانة عرب البحيرة، الذين لجأ إليهم آخر السلاطين المماليك فى مصر، فغدروا به وسلموه ليشنق على باب زويلة.
وأكد الكتاب بأنه لا يمكن أن ننكر أن خاير بك كان خائنا لسلطانه الغورى، بعدما انسحب من ميدان المعركة ليمكن القوات العثمانية من اختراق صفوف جيش المماليك، وقد قبض خاير بك ثمن خيانته فأصبح واليا على مصر من قبل العثمانيين، وردا على فعلته الدنيئة لقبه الشعب من يومها بـ"خاين بك".
وربما تكون هذه الواقعة هى أكبر الخيانات فى عهد المماليك، فكما يقول الدكتور عاصى حسين فى كتابه " ابن إياس - مؤرخ الفتح العثماني لمصر - جزء - 2 / سلسلة أعلام المؤرخين" فأن خيانة خاير بك والى حلب وجان بردى الغزالى نائب حماة، هى أخطر خيانة، فعلى كثرة ما شهد العصر المملوكى من خيانات، إذ كانت الخيانات السابقة تنتهى بعزل السلطان أو قتله وتولية غيره، لكن هذه الخيانة أودت بالسلطنة المملوكية وقضت على استقلالها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة