في إطار جهوده ومتابعة الإصدارات والنشرات الإعلامية للجماعات الإرهابية، قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، إن الفترة الحالية تشهد حالة من التنافس الإعلامى المتزايد بين التنظيمات الإرهابية، مثل تنظيمى القاعدة وداعش، حيث تناول المرصد أحدث إصدارات تنظيم داعش الإرهابى، وهو تسجيل صوتى منسوب لزعيم التنظيم "أبو بكر البغدادى" تحت عنوان "وبشر الصابرين" الذى أذيع عبر قناة التنظيم الإعلامية "مؤسسة الفرقان"، وهو يعد الإصدار الأول للبغدادى منذ أكثر من عام.
وأوضح المرصد، أن التقرير رصد عددًا من الدلالات والرسائل الزمنية والموضوعية التى سعى البغدادى إلى إيصالها، فيشير التقرير إلى أن الإصدار يأتى فى ظل تراجع تنظيم داعش فى مقابل صعود تنظيم القاعدة، خاصةً فى منطقة الشرق الأوسط، كما أن الإصدار يسعى إلى تأكيد بقاء البغدادى على قيد الحياة بعد توارد الكثير من الأنباء خلال الفترة السابقة عن مقتل البغدادى.
وأكد المرصد، أن كلمة البغدادى الصوتية سعت -بجانب التأكيد على بقاء البغدادى حيًّا- إلى التأكيد على أنه مدرك ومتابع لكافة الأحداث المعاصرة على غرار ذكره للخلاف بين تركيا والولايات المتحدة بسبب احتجاز القس الأمريكى أندرو برنسون، كما أنه مراقب لتغير خريطة التحالفات والتشابكات الدولية (روسيا، إيران، كوريا الشمالية) وسحب البساط من تحت أقدام الولايات المتحدة فى قيادة السياسة الدولية.
كما أكد المرصد بأن البغدادى سعى أيضًا إلى إرسال بعض الرسائل لأتباعه للتأكيد على بعض الثوابت فى الاستمرار بتنفيذ عملياته الإرهابية فى جبهات مفتوحة، ويشير المرصد إلى أن كلمة البغدادى حملت خطابًا أقرب إلى خطاب القاعدة، فقد حاول البغدادى التركيز بشدة على الموازنة فى ضرورة قتال العدو البعيد والقريب، كما أن البغدادى انطلق فى كلمته من أرضية اجتماعية فى تبرير دعوته بالعنف نصرة للمسلمين ورفع الظلم عنهم.
أوضح المرصد، أن كلمة البغدادى حملت عددًا من المفاهيم المغلوطة التى تمثل الأركان الأساسية لأفكار التنظيم تتمثل فى دعوته للتمسك بـ (جاهلية المجتمع، الجهاد، إقامة الخلافة الإسلامية فى الشام، الالتزام بالطاعة والبراء كمنهج لتحقيق النصر، تكفير الأنظمة الحاكمة والأحزاب السياسية، دولة الخلافة باقية فى الشام).
أشار المرصد أيضًا إلى أن كلمة البغدادى تركزت فى مهاجمة عدد من الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مؤكدًا على أنها تعيش فى طور الانهيار والضعف والهزيمة بعد استنزاف "الجهاديين لها"، وكذلك حاول البغدادى فى كلمته وضع استراتيجية عمل لاتباعه فى نهاية كلمته تنطلق من ضرورة التمسك بالسلاح وطلب الشهادة وفتح جبهات متعددة فى كافة الأقطار، ودعا أنصاره لمساندة كافة ولايات التنظيم من غرب إفريقيا والشام وسيناء إلى خراسان، كما حثهم على ضرورة التوسع فى أعمال الذئاب المنفردة بكافة الوسائل المتاحة فى أوروبا وكندا، معتبرًا أن تلك العمليات أكثر تأثيرًا من جهود التنظيم فى مناطق الصراعات، كما أشار البغدادى إلى ضرورة الدعم الإعلامى والإدارى لاتباعه واعتبار تلك المهام من صور "الجهاد".
وانتهى المرصد إلى أن كلمة البغدادى لم تحمل شيئًا جديدًا غير التأكيد على ثوابت التنظيم الإرهابية، كما أنها تعبر عن هشاشة وتخبط وإفلاس التنظيم ومحاولته البقاء ضمن دوائر التأثير الإعلامى، واعتراف البغدادى بالهزائم التي تعرض لها تنظيمه تعد من الأدلة الأبرز على ترنح التنظيم؛ ومن ثم فإن تهديدات البغدادي المتكررة لعدد من الدول واهية ومفلسة، وإن حدثت عمليات فهى ليست دليلًا على قوة التنظيم أو ارتباطها بخطاب البغدادى ولكن لارتباطها بالسياق الفوضوى فى عدد من الدولة.