على ناصية شارع نفق المنشية بمدينة بنها، تجلس سيدة ثلاثينية ذات وجه بشوش تعمل جاهدة على الانتهاء من أعمالها فى صيانة و"ترقيع" الأحذية دون كلل أو ملل، وتسعى فى تقديم الابتسامة للجميع، وتقديم الخدمات لهم بأسعار بسيطة، إلى جانب حرصها على الحصول على مبلغ يكفى لمعيشة أسرة مكونة من أفراد بها زوج مريض وأطفال فى مراحل مختلفة من الدراسة.
"أم عمر".. سيدة مصرية اصيلة فضلت النزول للشارع والعمل على مد يدها للغير قائلة: "كنت باجى مع زوجى اشتغل معاه وهو علمنى ومفيش كسوف فى أكل العيش".. هكذا بدأت السيدة حديثها مع "اليوم السابع"، لتشكى ما مر بها من ألم أثر بها وجعلها تواصل مراحل الكفاح للوصول بأسرتها لبر الأمان، وذلك من خلال عمل حلال دون مد الأيدى للغير أو انتهاج طريقا غير مشروع.
فى البداية قالت أم عمر، "كنت أرملة ومعايا ولد وبنت، وزوجى توفت زوجته وكان لديه ولدان، وتزوجنا، وهو شغال جزمجى وعلمنى الشغلانة لأنى كنت باجى معاه وأقعد جنبه وهو شغال وأحاول أساعد فى اللى أعرفه، لحد ما أتقنت الشغلانة، وهى مصدر الدخل الوحيد لينا ومفيش أى تأمينات أو معاشات نستند عليها".
وأضافت "أم عمر" فى تصريحات لـ "اليوم السابع"، زوجى أصيب بجلطة فى المخ وشلل نصفى بالجانب الأيمن بالكامل ولا يستطيع الحركة نهائيا قبل شهر رمضان الماضى بثلاثة أيام، ونصحنى الأطباء بعدم تركه وحيدا حتى ولو لفترة قصيرة جدا، ولازم يكون تحت عنينا على طول، قعدت فى البيت شهر وتكاليف العلاج فى الشهر الأول خلصت اللى معانا كله ومفيش حاجة فى البيت.
وتابعت، "بعد أن تحسنت حالة زوجى نسبيا اتفقت مع ابنائى على مراعاته لحين عودتى من العمل وفى حالة حدوث أية طوارئ يتواصلون معى على الفور، ونزلت للعمل مكان زوجى بنفس مكانه، الشغل لوحدى فى البداية كان صعب والشارع فيه الوحش وفيه الحلو، والحمد لله ربنا وقفلى ولاد الحلال، وابتدت الناس تعرفنى والحمد لله الشغل ماشى تمام، وأنا ببدأ من الساعة 7 الصبح حتى 3 العصر، وأرجع البيت علشان زوجى وأكل أولادى".
وأوضحت، "شغل اليوم بيجيب مصاريف البيت فقط تكاليف العلاج صعبة وبنيجى على نفسنا على علشان نوفر ثمن العلاج، وكنت قدمت على معاش تكافل وكرامة باسمى أنا لكن لم يأتى وسألت مرتين قالولى ورقى متعطل فى الإدارة، ولم أذهب مرة أخرى، وكمان بنعمل معاش الرئيس لزوجى وفى انتظار رد وزارة التضامن على الطلب لاننا تعبنا".
وأشارت، إلى أنها ستظل تعمل لحين عودة زوجها للعمل مرة أخرى، موضحة "الشغل مفيهوش عيب وهفضل اقف جنب زوجى لحد ما يرجع يقف على رجليه من تانى ودا واجبى مش تفضل عليه".
وطالبت "ام عمر"، الرئيس بعلاج زوجها على نفقة الدولة نظرا للحالة المادية التى تعانيها الأسرة منذ فترة مرض زوجها حتى الآن، والعمل على توفير معاش يأوى أسرتها إلى جانب عملها، ويحفظهم من مد الأيد.