د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: خدعوك فقالوا "فرق تسد"

الخميس، 30 أغسطس 2018 04:00 م
د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: خدعوك فقالوا "فرق تسد" داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إذا أردت أن تعرف قيمة الإنسان الذى تتعامل معه، فحاول أن ترى مدى قُدرته على لمِّ شمْل من حول، ومُحاولة التوفيق بينهم، وقُدرته على التقريب بين وجهات النظر، وتغاضيه عن سفاسف الأمور، وعُمق نظرته للأشياء والمواقف، فهذا الشخص يستحق أن يضعه الجميع فوق رؤوسهم؛ لأنه فى الحقيقة يكون هو القائد والحكيم الحقيقى، فهو من يتسم بالحكمة والتواضع، والقُدرة على لفت الانتباه، أما من يُفرق الجميع، ويتمسك بكل الترهات، وينظر للأمور بسطحية، ويستمتع بإيلام الغير، ولا يعلو إلا فوق أشلاء الآخرين، فهذا ضعه تحت قدميك.

ففى قديم الزمان، كان هناك خياط، يقوم بصنع الملابس الجميلة لأهل القرية، وكان لدى هذا الخياط حفيد صغير، يُحب جده كثيرًا، وكان لا يتركه يومًا، وفى أحد الأيام، أراد الخياط أن يُعلم حفيده حكمة وعبرة، تنفعه فى حياته، فقام بإحضار قطعة قماش كبيرة الحجم، ثم أتى بالمقص، وكان مميزًا للغاية وغالى الثمن، وبدأ فى قص قطعة القماش بذلك المقص، وتحويلها إلى قطع صغيرة للغاية، وبعد أن انتهى من قص القطعة بكاملها، قام برمى ذلك المقص بعيدًا، حتى جاء تحت قدميه.

ثم قام بإحضار إبرته وبدأ فى خياطة القطع مع بعضها البعض، حتى صنع ثوبًا جديدا، وقام بعدها بوضع الإبرة فى العمامة الموضوعة فوق رأسه، فتعجب الحفيد من فعل جده، ثم سأله: "لماذا يا جدى قمت برمى المقص الخاص بك، وهو غالى الثمن أسفل قدميك، بينما وضعت الإبرة زهيدة الثمن، والتى لا تُساوى بضعة قروش فوق رأسك؟!"، فرد عليه الجد قائلاً: "يا بنى، إنك لو لاحظت أن هذا المقص الثمين قام بتمزيق القطعة الكبيرة، وفرقها عن بعضها، وجعل منها قطعًا صغيرة، لا قيمة لها، بينما تلك الإبرة الرخيصة، هى التى جمعت القطع مرة أخرى، وجعلت منها ثوبًا من أجمل الثياب، وهكذا الأمر بالنسبة للأشخاص، هناك من يسعى إلى التفرقة بين الأشخاص، ونشر الفتنة والتفريق بينهم، فيكون مكانه المناسب عند القدمين، بينما هناك من يقوم بجمع الشمل، وتوحيد الأشخاص؛ ليجعلهم يدًا قوية، وهذا يكون مكانه فوق الرأس، فكن دائمًا يا بنى من هؤلاء الذين يُوحدون صفوف الناس".

فلو أردت أن تكون زعيمًا أو حكيما ، فلابد أن يكون لك حضور وتأثير فيمن حولك ، ولا تُصدق مقولة "فرق تسد"، فالسيادة هنا مُؤقتة وفانية وزائفة، فالسيادة الحقيقية تكمن فى القُدرة على احتواء الآخر وجمع الشتات، وفك الكروب، فمن يملك القُدرة على فعل هذا، هو الذى يستحق لقب الزعيم والحكيم على حق.

 

 

 

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة