الحياة خلف نقاب إجبارى.. حكايات مرضى البهاق مع المجتمع.. رضوى يقتلها وصف "أمورة بس مجيرة".. سمر طلقها زوجها بعد مرضها.. الشركات تقبل الـcv وترفضهم بالانترفيو.. وأطباء يحذرون: لا تعرضوهم للاكتئاب.. فيديو

الجمعة، 31 أغسطس 2018 03:04 م
الحياة خلف نقاب إجبارى.. حكايات مرضى البهاق مع المجتمع.. رضوى يقتلها وصف "أمورة بس مجيرة".. سمر طلقها زوجها بعد مرضها.. الشركات تقبل الـcv وترفضهم بالانترفيو.. وأطباء يحذرون: لا تعرضوهم للاكتئاب.. فيديو البهاق مرض ليس معديا
كتبت : نورا طارق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ـ الكثير من الأشخاص لا يعرف المرض.

ـ هؤلاء قرروا المواجهة وهؤلاء عاشوا المأساة. 

ـ الطب النفسى يحذر الجميع: لا تسخروا منهم حتى لا يلجأوا للانتحار

ـ هانى الناظر يشرح طبيعة المرض ويؤكد : ليس معديا

 
 
 
ترتدى ثيابها الأنيقة استعدادًا لإجراء المقابلة الخاصة بتقديمها فى إحدى الوظائف، بعد تلقيها رسالة على بريدها الإلكترونى بموافقة الشركة مبدئيا على عملها عقب الاطلاع على سيرتها الذاتية، محددة بها موعد إجراء هذا "الانترفيو" قبل استلام العمل رسميًا.

تخرج من منزلها وتنتظر فى محطة الأتوبيس للذهاب إلى مكان العمل، تتحاشى التركيز مع نظرات العديد ممن حولها، حتى لا تفقد ثقتها بنفسها قبل هذا الموعد المصيرى.. يصل الأتوبيس إلى المحطة تستقله وتحرص على الجلوس فى أحد الكراسى المنفردة بجانب النافذة لتبتعد بقدر الإمكان بجسمها وروحها عن كل هذه النظرات التى تنهش وجهها وجسدها ، منقسمة ما بين شفقة وتعجب من لون جلدها المختلط، ورغم محاولتها المستميتة للابتعاد يخترق أذنها همسات من الكرسى الخلفى، لسيدتين قررتا أن يجعلاها ولون جلدها حديثهما المسلى فى الطريق  "دي اموره بس مجيرة".

 

"مجيرة" أحد الأوصاف التى اعتادت "رضوى" على سماعها يوميا منذ قدر لها الإصابة بمرض "البهاق"، تترد على أذنها فى كل يوم تقرر فيه النزول للشارع والاصطدام ببشر ظنوا أنهم أصحاء، لكنهم يعانون خللا ما يجعلهم لا يشعرون بالآخرين

تحاول تجاهل ما اخترق أذنها للتو وتكمل تركيزها فى الانترفيو، وتفكر: ما هى الأسئلة التى سيطرحونها؟ وهل الموافقة المبدئية والقبول تعنى أنها أنهت الشوط الأول والأكبر وهذا الانترفيو سيكون مجرد خطوة تكميلية روتينية.

ستجلس وتتحدث بثقة وتحصل على الوظيفة، هكذا ظنت أو هكذا تمنت، إلا ان الواقع لم يكن رحيما بها إلى هذا الحد فما إن وصلت مكان المقابلة تطلع إليها صاحب العمل بنظرة اقتلعت كل الثقة والطمأنية التى حاولت زرعها داخل نفسها طوال الطريق، كافية لتخبرها بأن الانترفيو لم يكن خطوة روتينية ، وإنما حاسمة بعدم وجود مكان لها للعمل لنفس السبب " البهاق" ، وما إن تعود للمنزل حتى تجد على بريدها الإلكترونى رسالة تعتذر عن قبولها فى هذه الوظيفة .

 

بهاق
 

 

تسرد "رضوى" تفاصيلها المؤلمة مع هذا المرض منذ الطفولة وحتى سن التاسعة عشرة قائلة: ماما اکتشفت المرض وأنا عندي خمس سنين، وطبعا مفيش علاج لحد دلوقتي جاب نتيجة، و انا لفيت مصر کلها وروحت لدکاترة کتير،  وصرفنا کتير، لكن مافيش فايدة".

تتابع: " "تعامل الناس مش کله كويس،  في بيبصولى من باب الفضول، ويسألوا بتعجب قائلين"إيه  ده؟!"، وفيه بيتهامسوا ويرددون كلمات جارحة مثل "دي اموره بس مجيره.. دي لون ولون مین هيشغلها ولا يتجوزها.." وآخرين يسخرون من تغير لونى حتى أفراد عائلتى"، وأشارت قائلة:"لما بمشى فى الشارع، بلاقى الشباب يبصولي بقرف والمعاکسات عباره عن إيه بقى؟ حلوة بس لونين ماتنفعش ده الحلو مايکملش دي معيوبه دي مریضه  وكلام كتير جارح من ده ".

 

وعن تأثير تعامل المجتمع معها قالت :"طبعاً مأثر في نفسيتي جدا، حتى إنى بدأت ما أخرجش من البيت بسببه، خصوصا بعد ما بدأ ينتشر فى وشى، ولما بدأت أدور على شغل وأبعت "c.v" بتاعى على الشركات وأتقبل عند أول مقابلة فى الشركة يرفضونى عشان شكلى، ويقولولى جبنا حد مكانك مع  إنهم بيكونوا متفقين معايا إنى خلاص أتقبلت فى الشغل".

 

"نفسي يرحمونا شوية من کلامهم ونظراتهم اللي توجع دي والشباب بالذات وأی صاحب شغل المفروض يقبل مرضى البهاق، لأننا مش ناقصين، ومش تعبانين، احنا بني آدمين وبنحس ومش فينا عيب ولا حاجه وحشة علشان بجد تعبنا کلنا"، تختتم حديثها بهذه الكلمات مؤكدة أن السبب الأساسى فى عدم استيعابها للمرض ، وعدم تقبلها له بسبب مجتمع دمرها نفسيًا ، ونظرات أفراده كانت كفيلة بغلق كافة الأبواب فى وجهها .

 

بهاق2
 

 

العالم من خلف نقاب .. التخفى وسيلة جيدة للحد من المعاناة

 

هل جربت يومًا أن يكون التخفى هو الحل الوحيد للعيش أن ترى العالم من خلف نقاب ، خوفًا من استقبال نظرات من حولك،  أو لمللك من تكرار أسئلة أصدقائك عليك عما أصابك، وعن سبب انتشار هذا اللون فى جسمك فترة بعد الأخرى ؟ ، هذا هو الحل الذى لجأت له "نور" للتخلص من معاناة عاشتها من الطفولة وحتى العشرين .

 

تقول  "نور": " انا أصيبت بمرض البهاق منذ الطفولة وبسبب تغير لونى أصحابى كانوا بيخافوا منى، ناهيك عن نظرات الناس وتساؤلاتهم المستمرة عن المرض ، أو السخرية بعبارات مثل  " هو انتي كنتي ف البحر؟ ايه ده انتي عامله كده ليه؟ .

"انا معرفتش اعيش طفولتي زي أي بنت بتطلع وتلبس فى سني، مكنتش بحب أتصور عشان شكلهم كلهم بيبقى حلو، وأنا الوحيدة اللي شكلي مش لطيف، حتى إنى لجأت إلى حيلة لإخفاء تغير لونى وهى بإرتداء ملابس طويلة، وعندما كبرت وبدأت ينتشر فى أنحاء جسمى، أرتديت النقاب، عشان اترحم من نظرات الناس قائلة :" مبقتش مستحمله نظراتهم، اقسم بالله".

 

مريضة بهاق: أطلقت بسبب المرض وبدأت اتعايش معاه

 

استيقظت فى أحد الأيام لتجد بقعة فى جسدها لا تعلم سببها مما جعلها تتعامل معها على انها شىء عارض سيختفى مع الوقت ، إلا أنها بدأت فى الاتساع لدرجة بدأت تلفت نظر زوجها الذى سألها أكثر من مرة عن سبب اتساع هذه البقعة فى جسدها بهذا الشكل ، وخلال فترة بسيطة بدأ المرض ينتشر فى باقى جسمها .

كل يوم مر عليها كانت ترى فى عيون زوجها هذه النظرة المشمئزة، وكل نظرة كانت تهدم بداخلها جزء كبير من الثقة فى نفسها وفى علاقتهما ، لم يستمر الأمر طويلا فبعد فترة من تمكن المرض منها ، وبعد تأكده من عدم إمكانية العلاج ، قرر زوجها التخلص منها ، وأخبرها برغبته فى الطلاق ! .

"سمر" واجهت شكلا مختلفا أكثر قسوة من المعاناة ، خاصة أنها لم تصب بالمرض منذ الطفولة ، وإنما فى مرحلة متقدمة تماما من عمرها ، بعد الزواج .

 

تقول سمر": أنا أصبت بالمرض من 6 سنين بس ، اتغير فيهم كل حاجة بداية من جوزى اللى مقدرش يعيش معايا وطلقنى ، والدمار النفسى اللى عشته ، لكن بدأت دلوقتى اتعالج واتعايش مع المرض على قد ما اقدر ".

 

من الفيس بوك لـ يوتيوب .. كيف واجه هؤلاء البهاق والمجتمع معًا:

 

أنس شرف الدين  كسر القواعد وواجه المرض ونظرات المجتمع

يسرد أنس شرف رحلته مع مرض البهاق، قائلاً :"البهاق من وجهة نظرى ليس بمرض إنما هو ابتلاء محتاج صبر وإيمان قوى، وأنا بعانى منه من 15 سنة، وذهبت لأكثر من طبيب، الذين وصفوا لى علاجات موضعية لا تشفى، لذلك اتجهت للأعشاب ولكن أيضاً بدون نتائج، وطبعا يختلف استجابة الجسم للمرض من شخص لآخر ولكن بحكم تجاربى مع البهاق ليس له علاج حتى الآن، ولكن باستخدام بعض الأدوية المستوردة توحد لون بشرتى أخيراً ".

تابع :"أما عن أصعب شىء فى هذه الرحلة فقد كانت نظرات  الشفقة من المجتمع وعدم وعيه" .

مضيفا: "فى ناس حتى الان بيفكروه بيعدى، وبالتالى بنتعرض لمواقف محرجة مثل عدم السلام باليد وتجنبنا، احيانا، مما يؤثر سلبياً على نفسيتن".

وأنشأ أنس جروب على موقع التواصل الإجتماعى "الفيس بوك"، لمساندة ودعم مرضى البهاق لبعضهم البعض من خلال سرد تجاربهم مع المرض، وطرق العلاج، وإعطاء جرعات أمل للمريض ورفع روحه المعنوية، وعدم تجربة العلاجات التى لا فائدة منها .

 

 

أنس صاحب جروب على الفيس بوك
 

 

فى 3 دقائق على اليوتيوب شيماء تحارب نظرات المجتمع

 

ومن ناحية أخرى، أنشأت شيماء عاطف قناة على موقع "يوتيوب"، لتصحيح مفهوم المجتمع عن مرض البهاق وبث روح الأمل والتفاؤل للمرضى، وكيف يمكن أن يتقبلوا الواقع ويواجهوا المجتمع.

وعن هذا قالت شيماء :"إحنا مجتمع مش بيحب الاختلاف بالتالى بيعامل أى حد مختلف على إنه شاذ، مثل مريض البهاق الذى يلقى معاملة سيئة من حوله حتى أقاربه الذين يمنعون أولادهم من الجلوس معه أو حتى مصافحته باليد، وكذلك عند اختيار شريك الحياة، بعض الشباب يتجنبوا الارتباط بالفتاة المريضة بالبهاق، لذلك انشأت قناة على موقع "يوتيوب"، لحث روح الأمل والتفاؤل للمرضى البهاق وإن لازم يتعايش مع المرض، ومواجهة الأشخاص الذين يحاولون مضايقة المريض سواء بالنظرة أو الكلام، مع عدم فهم أفعال الأخرين بطريقة خاطئة، وأن بالنظر للمرضى الآخرين، تشعر بالرضا وبالقوة على المواجهة ".

 

فيديوهات شيماء عاطف2

 

هل يقبل المصريون التعامل مع مريض بهاق ؟

 

 

ولمعرفة مدى تقبل المجتمع للتعامل مع مرضى البهاق، قمنا باستطلاع رأى المواطنين فى الشارع، و جاءت ردودهم، كالتالى :

 

أم عبد الرحمن :"اه اوافق اتعامل مع مريض البهاق هو مرض مش معدى، واحب اوجه رسالة للناس اللى بترفض تتعامل مع مرض البهاق إنه ده مرض مش معدى وإن المريض إنسان عادى زينا، عايش وسطينا ولازم مانحسسوش إنه منبوذ ".وقالت الحاجة أم إبراهيم :"فيه مرضى بهاق بيشتغلوا فى المطاعم والناس بتاكل وبتشرب من إيديهم عادى، هو مرض مش معدى، ربنا يشفيهم وياخدهم بيدهم".

 

ولكن فى الوقت نفسه يوجد بعض المواطنين يجهلون مرض البهاق، مؤكدين أنهم أول مرة يسمعون عن هذا المرض، مثل محمد محمود، والذى قال متعجباً :"البهاق؟!..أول مرة أسمع عن المرض ده ".

 

رأى الطب

هانى الناظر :" البهاق ليس معديا أو وراثيا وابتكرت علاج له منذ 10 سنوات

 

قال الدكتور هانى الناظر، استشارى الأمراض الجلدية ورئيس المركز القومى للبحوث سابقاً، إنه قديماً كانت تنتشر الكثير  من النظريات حول أسباب مرض البهاق، وكان هناك معتقد أنها تعود لأسباب نفسية، لكن ثبت حديثاً أن سبب المرض هو أن الجهاز المناعى يصدر أجساما مضادة تحارب الخلايا الصبغية تسبب فراغات تسبب بقع بيضاء اللون.

 

وأضاف كان يطلق على البهاق اسم مرض "البرص" وكان يعتقد أن تناول الملح الذى مر عليه البرص يسبب الإصابة بهذا المرض أو تناول الجبنة والبيض يسببان انتشار البهاق فى الجسم، وجميع المعتقدات خرافية، مشيراً إلى أنه لا توجد أطعمة تزيد أو تقلل من أعراضه، وكذلك الأعشاب والوصفات الطبيعية المنتشرة بمحلات العطارة لا تساعد على الشفاء من المرض.

وأضاف توجد العديد من الاعتقادات الخاطئة حول علاج المرض مثل أن التعرض لأشعة الشمس يساعد فى الشفاء من المرض، لكن لوحظ العكس، لذلك ننصح بتجنب أشعة الشمس.

 

وأكد أن مرض البهاق ليس من الأمراض الوراثية أو معدى، ويمكن علاجه من خلال الكورتيزون، مشيراً إلى أنه أجرى بحث علمى منذ 10 سنوات فى المركز القومى للبحوث، وتوصل خلاله إلى دواء مناعى يعمل على إصلاح الخلل بالجهاز المناعى، المسبب لمهاجمة الخلايا الصبغية، مما يساعد على الشفاء من المرض.

وأشار إلى أن علاج البهاق بأشعة الليزر ليس إلا محاولات لكن لايمكن الجزم بها على إنها أسلوب للعلاج، مؤكداً أن الحالة النفسية تساعد فى إنتشار المرض فى الجسم، لذلك يجب على المريض تجنب سوء الحالة النفسية.

 

طبيب نفسى يحذر :السخرية والاستهزاء بمرضى البهاق يعرضهم للانتحار والاكتئاب

 

وعن تأثير نظرات المجتمع على مرضى البهاق، قال الدكتور جمال فرويز، استشارى الصحة النفسية، إن معظم أفراد المجتمع يعتقد خطأ فى أن البهاق من الأمراض المعدية، وبالتالى يشعرون بالخوف عند التعامل مع المريض ويتجنبونه مما يؤثر على حياة المريض سواء فى رفض الارتباط بالشاب أو الفتاة مريضة البهاق، وكذلك تجنب التعامل معهم أو مصافحتهم، ورفضهم فى مقابلات العمل فى المؤسسات المختلفة، مما يسبب الاحباط للمريض، الذى قد يسبب لهم أضرار صحية مثل ارتفاع ضغط الدم، ألم فى المفاصل، قرحة المعدة، نزيف أو جلطة فى المخ وكذلك جلطة فى القلب .

وأشار إلى أن شعور المريض بالإحباط يمكن أن يوصله إلى الإصابة بالاكتئاب لشعوره بأنه غير مرغوب فى المجتمع، يبدأ فى الانعزال عن المجتمع، ويمكن أن يصل تفكيره إلى الانتحار للتخلص من الحياة ونظرات المجتمع له.

وأكد "فرويز" على أن علاج الإحباط والاكتئاب عند مريض البهاق، يبدأ من توعية المجتمع بحقيقة مرض البهاق، وأسبابه ومغرفة أنه غير معدى، ويجب تقبل المريض والتعامل معه ودعمه نفسياً، وعندئذ يشعر مريض البهاق بتحسن نفسيته ويساعد فى شفائه من الاكتئاب والإحباط .









الموضوعات المتعلقة

هل البقع البيضاء مرض فطرى أم بهاق؟

الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010 09:40 ص

مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة