رغم انتهاء التمييز العنصرى ضد السود، من الناحية الرسمية قبل عقود فى الولايات المتحدة ووصول رجل من أصول أفريقية لسدة الحكم عام 2009، لكن على أرض الواقع بقى التمييز كامنا بقوة متمثلا فى عنف الشرطة الأمريكية ضد السود، وعاد مجددا إلى الرئاسة مع دخول دونالد ترامب البيت الأبيض ليشعل الجدل فى هذا الصدد.
ترامب
فبعد أشهر من وصفه الدول الأفريقية بالأوكار القذرة وصدامه بلاعبى كرة القدم الأمريكية السود الذين يحتجون على ممارساته، وبينما لم يسع الرئيس الأمريكى لإصلاح ما أفسده مع مواطنى بلاده، تشكلت جماعات متطرفة مناهضة له مما ينبئ بمزيد من الصدام داخل المجتمع الأمريكى.
فبينما تقترب انتخابات التجديد النصفى فى الولايات المتحدة، التى ربما يستعيد من خلال الديمقراطيون الأغلبية داخل مجلس النواب الأمريكى، كشفت شبكة CNN الأمريكية عن تسجيلات للرئيس الأمريكى، خلال لقائه القادة الدينيين من الكنائس الإنجيلية، يحذر من جماعة "الأنتيفا" السود، واحتمال اتجاههم للعنف خلال انتخابات التجديد النصفى المقررة نوفمبر المقبل.
ووجهت انتقادات إلى تحذير ترامب من رد الفعل العنيف إذا خسر الجمهوريون الانتخابات النصفية، باعتباره عنصريا، إذ تحدث تحديدا عن جماعة Antida، وهى جماعة يسارية متطرفة مناهضة للفاشية والعنصرية. وقال ترامب: "انتخابات 6 نوفمبر هى استفتاء ليس على فقط، إنها استفتاء على عقيدك، إنها استفتاء على حرية التعبير والتعديل الأول. إنه استفتاء على الكثير". وأضاف بحسب التسجيلات: "إنها ليست مسألة تحب أو تكره، إنها مسألة أنهم سيقلبون كل شىء قمنا به وسوف يقومون به بسرعة وعنف.. وبعنف.. هناك عنف. عندما تنظر إلى أنتيفا - هؤلاء أناس عنيفون."
وأضاف فى خطابه للقساوسة الذين تجمعوا فى لقاء فى البيت الأبيض الأسبوع الماضى: "لديكم قوة هائلة، كنت تقولون، فى هذه القاعة، أن لديكم أشخاص يعظون لما يقرب من 200 مليون شخص." ووصفت تعليقات الرئيس الأمريكى بالعنصرية، حيث علّق جيفرى تووبين، مراسل CNN، مساء الثلاثاء، بأن إشارة ترامب إلى أن Antifa ربما تتخذ رد فعل عنيف، هو تمييز.
وقال لوبين فى حلقة نقاش مع وولف بليتزر: "لنكن واضحين أيضًا بشأن ما يجرى. الموضوع هنا هو: أنا دونالد ترامب وأنا سأحميكم من السود المخيفين. وأضاف "تعتبر أنتيفا على نطاق واسع منظمة أمريكية إفريقية، وهذا جزء من نفس قصة لاعبى السلة وكرة القدم". كان لاعبون سود فى دورى كرة القدم الأمريكية أعربوا عن احتجاجهم على سياسات ترامب من خلال الركوع أثناء النشيد الوطنى قبيل المباريات.
لاعبون فى دورى كرة القدم الأمريكية يعربون عن احتجاجهم على سياسات ترامب
وأضاف بليتز: "الأمر حول الأسود مقابل الأبيض. يدور هذا حول دعوة دونالد ترامب للعنصرية وهذا يحدث فى كل الأوقات. ونحن لا نقول ذلك أبدا - لا نقول ذلك بما يكفى، ولكن هذا ما يحدث هنا."
ربما يكون الرئيس الأمريكى محقا فى مخاوفه بالنظر إلى التوجه الراديكالى لجماعة أنتيفا. فلقد حذر تحقيق لمكتب التحقيقات الفيدرالى FBI، العام الماضى، من حركة المقاومة اليسارية العنيفة مع الجماعات الإرهابية مشيرا إلى التواطؤ بين من وصفهم بالفوضويين الأمريكيين والإرهابيين الأجانب فى تنظيم داعش والقاعدة لتدمير الرئيس الأمريكى.
ظهرت حركة "أنتيفا" فى أعقاب أحداث العنف فى شارلوتسفيل فى ولاية فيرجينيا الأمريكية، حيث وقعت اشتباعات بين جماعة القوميين البيض ومحتجون مناهضون للعنصرية، والتى إنحاز فيها الرئيس الأمريكى للقوميين البيض بعد خطط المدينة لإزالة تمثال الجنرال روبرت لى الذى قاد القوات الكونفدرالية فى الحرب الأهلية الأمريكية، وهو ما يعتبره السود أحد قادة حقبة التمييز العنصرى.
نمت حركة أنتيفا فى الولايات المتحدة بشكل ملحوظ، خلال العام الماضى، بالتزامن مع ظهور اليمين المتطرف فى البلاد والمتمثل فى حركة القوميين البيض وقبلهم جماعة كو كلوكس كلان والنازيين الجدد. وهو ما يحتاج من القيادة الأمريكية وعلى رأسهم الرئيس التعامل دون تمييز مع تلك الجماعات المتطرفة التى تستخدم العنف وإما سيعرض بلاده للخطر مجددا لاسيما فى ظل إستمرار ممارسات الشرطة الأمريكية ضد السود مما يسفر عنه تشكيل جماعات مثل أنتيفا كرد فعل.
عنف الشرطة الأمريكية ضد السود
وبحسب صحيفة واشنطن بوست فإن أحدث قصة فى سلسلة ممارسات الشرطة الأمريكية ضد السود، وقعت الأسبوع الجارى، عندما ذهب شرطة لقسين سود ليسألهم عما إذا كان لديهم أسلحة أو مخدرات، ذلك عندما كانت سياراتهم معطلة فى الطريق. حيث قال القس ديمتريوس ويليامز من الكنيسة المعمدانية المجتمعية فلا ميلووكى، إن الشرطى عاملهم كمجرمين وبشكل عنصرى.
القس ديمتريوس ويليامز من الكنيسة المعمدانية