زيارة مرتقبة يقوم بها وزير خارجية كوريا الشمالية رى يانج هو إلى إيران، بعد انتهاء اجتماع رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان"، والذى ينعقد حاليا فى سنغافورة، وهى الزيارة التى تأتى امتدادا لقوة العلاقة بين البلدين، والتى امتدت لسنوات، خاصة مع تقارب الظروف والتطورات الدولية التى أحاطت بهما، فكلا منهما عانى من جراء استمرار الحصار الاقتصادى والعزلة الدولية بسبب ملفاتهما النووية ورفضهما الرضوخ للقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.
إلا أن توقيت الزيارة يبدو ملفتا للانتباه بصورة كبيرة، خاصة وأنها تأتى فى الوقت الذى تشهد فيه العلاقة الأمريكية الكورية الشمالية تطورا غير مسبوق، بينما تعود العلاقات بين واشنطن وطهران إلى طبيعتها المتوترة، منذ الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى، فى مايو الماضى، بالإضافة إلى حرب التصريحات التى اندلعت بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وعدد من القيادات الإيرانية بالحرس الثورى الإيرانى خلال الأيام الماضية، وهو ما يطرح تساؤلات حول الهدف من وراء مثل هذه الزيارة فى مثل هذا التوقيت.
وسيط محتمل.. هل تبدو بيونج يانج مؤهلة للقيام بهذا الدور؟
الزيارة المثيرة للجدل تتزامن مع الدعوة التى أطلقها الرئيس الأمريكى الأسبوع الماضى لعقد قمة مع نظيره الإيرانى حسن روحانى، وهى الدعوة التى تعد بمثابة تكرارا للسيناريو الذى تبناه ترامب مع بيونج يانج، إلا أن التعنت الرسمى من جانب مسئولى طهران ربما يعرقل أو على الأقل يطيل أمد الصراع الكلامى بين البلدين، وهو ما يفتح الباب أمام المسؤول الكورى الشمالى للقيام بدور "الوسيط" بين طهران وواشنطن لإنهاء الأزمة الإيرانية وتمهيد الطريق أمام المفاوضات بين الجانبين فى المرحلة المقبلة.
السفير الأمريكى يسلم وزير خارجية كوريا الشمالية رسالة ترامب على هامش "آسيان"
ويبدو أن التطور الملموس فى العلاقة بين واشنطن وبيونج يانج ساهم فى إخراج الأخيرة من عزلتها الدولية، وهو ما بدا واضحا فى حضور وزير الخارجية الكورى الشمالى لاجتماع "آسيان" فى سنغافورة، خاصة بعدما أوفت كوريا الشمالية بوعدها للولايات المتحدة بإعادة رفات الجنود الأمريكيين الذين قتلوا فى الحرب الكورية، وهو الأمر الذى لاقى إشادة واضحة من قبل الرئيس ترامب على حسابه بموقع "تويتر" الخميس الماضى، حيث أبدى تطلعه مرة أخرى للقاء زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، وهو ما يؤهلها للقيام بدور دبلوماسى أكبر فى الأزمات الدولية الراهنة.
ثقة غائبة.. انسحاب ترامب من الصفقة النووية يقلق بيونج يانج
إلا أن حالة الجدل حول مدى التزام بيونج يانج بالتعهدات التى قطعها زعيم كوريا الشمالية، خلال قمته مع الرئيس الأمريكى فى سنغافورة، ، فيما يتعلق بإخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية ربما تثير الشكوك فى إمكانية قيام المسئول الكورى بهذا الدور خلال زيارته لإيران، خاصة مع التلويح الأمريكى المتواتر بمواصلة الضغط على بيونج يانج، وعدم رفع العقوبات عنها فى المرحلة الراهنة، انتظارا لما ستسفر عنه المفاوضات، وهو الأمر الذى يقوض ثقة بيونج يانج فى النوايا الأمريكية.
ترامب وقع قرارا بالانسحاب من الصفقة النووية فى مايو الماضى
ولعل الإدارة الحاكمة فى بيونج يانج تضع نصب عينيها قرار الرئيس ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى فى مايو الماضى، كأحد المؤشرات الدالة على إمكانية التراجع الأمريكى عن الاتفاقات التى تبرمها، وبالتالى فإن الزيارة التى يقوم بها المسئول الكورى الشمالى تمثل رسالة واضحة من بيونج يانج لدعم الموقف الإيرانى من الأزمة الراهنة مع الولايات المتحدة.
بكين وطهران.. بيونج يانج لا تتخلى عن حلفائها لاسترضاء واشنطن
وتتشابه الزيارة المرتقبة التى يقوم بها وزير الخارجية الكورى الشمالى إلى طهران، مع تلك الزيارة التى أجراها رئيسه كيم جونج أون إلى الصين، سواء من حيث الظروف أو التوقيت، حيث جاءت تلك الزيارة بعد حوالى أسبوع من قمة سنغافورة التى جمعته بترامب، والتى تعد بمثابة نقطة تحول فى العلاقة بين واشنطن وبيونج يانج، كما أنها جاءت فى توقيت اتجهت خلاله الولايات المتحدة لاتخاذ إجراءات تجارية تصعيدية ضد بكين.
زعيما كوريا الشمالية والصين
زيارة كيم لبكين آنذاك بمثابة رسالة لواشنطن مفادها أن بيونج يانج لن تتخلى عن حلفائها الأصليين لكسب الدعم الأمريكى، وهى الرسالة نفسها التى ربما تسعى كوريا الشمالية إلى تقديمها للولايات المتحدة من جديد، ولكن هذه المرة عبر البوابة الإيرانية، خاصة مع استمرار حاجة النظام الكورى الشمالى لدعم حلفائة فى ظل استمرار العقوبات الأمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة