لكل حضارة إنسانية سمات معينة تتعلق بيوميات الإنسان العائش فيها، المأكل والملبس، هما أبرز ما يعكسان هذه الحضارة، والعطور واحدة من الكاشفات حياة الأمم، والعرب أمة لها تاريخها ولها طرقها فى الحياة، وهذا ما يناقشه كتاب "العطور عند العرب.. دراسة تاريخية فكرية" لـ قيس كاظم الجنابى، والصادر عن دار الانتشار العربى.
يقول الكتاب: "لقد ارتبط العطر فى ذاكرة العربى، بوقت مبكر منذ نزول آدم من الجنة ومروره بأرض الھند حاملا معه بذوره التى انتشرت فى كل العالم، وقد انتقلت صورة العطر فى العصر الجاھلى إلى العصر الإسلامى لیس بوصفه مادة كمالیة يتأنق بھا الإنسان فحسب، وإنما بوصفه مادة طقسیة احتفالیة لھا صلة بالأديان والعقائد التى كانت شائعة قبل الإسلام، ثم تبنى الإسلام العطر بشكل دينى وثقافى وجمالى، وعرف المسلمون الأوائل بحب الطیب وأجناس العطر، ثم أصبح خلوقا وطقسا خاصا فى الأعیاد والجمع.
وفى الكتاب اهتم الباحث بشكل خاص بمصادر العطر النباتیة والحیوانیة والجمادات وغیرھا، وكشف عناية فائقة – لدى العرب- فى صناعة العطر، وتنوع صناعته وابتكار الخلطات والتراكیب واھتمام العطارين والأطباء به واھتمام الخلفاء والأمراء ومن يلیھم فى الأمر، بتحضیر العطور وتھاديھا والعناية بھا ومتابعة استعمالھا فى الأماكن الدينیة والمناسبات وفى المساكن العامة والخاصة، حتى تطور الأمر إلى وجود خزائن وخزنة خاصین للخلفاء، واجبھم خزن العطر والعناية به، ووراثته كما يرث الخلیفة ملكه وسدة حكمه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة