عرفت مجموعة العمل الدولية صناديق الثروة السيادية فى عام 2008 على أنها "صناديق استثمار أو ترتيبات ذات غرض خاص تمتلكها الحكومة العامة، وتنشىء الحكومة العامة صناديق الثروة السيادية لأغراض اقتصادية كلية، وهى تحتفظ بالأصول أو تتولى توظيفها أو إدار تها لتحقيق أهداف مالية، مستخدمة فى ذلك استراتيجيات استثمارية تتضمن الاستثمار فى الأصول المالية الأجنبية."
ووفقا لتعريف مجموعة العمل الدولية فإن الصناديق السيادية لا تتضمن أصول - احتياطيات النقد الأجنبية التى تديرها السلطات النقدية – ممثلة فى البنوك المركزية - للأغراض التقليدية الخاصة بالسياسات النقدية وضبط أداء ميزان المدفوعات، وصناديق التأمينات والمعاشات لموظفى القطاع العام.
دور صناديق الثروة السيادية
ويرتكز دور الصناديق السيادية فى استثمار الفوائض المالية للدولة بما يحقق عوائد مالية مرتفعة تحافظ على قيمة العملة المحلية من التراجع عبر الزمن، نتيجة الارتفاع العام فى الأسعار أو ما يعرف بين المتخصصين بتقلبات معدلات التضخم عبر الزمن.
وتعد صناديق الثروة السيادية بمثابة صناديق مملوكة للدول وتتكون من أصول مثل الأراضى والأسهم والسندات، وتشتمل على استثمارات ضخمة، فهى بمثابة الذراعالاستثمارى للدول ذات الفوائض المالية.
صندوق مصر السيادى
وافق رئيس الوزراء على مشروع قانون بإنشاء صندوق مصر السيادى، بهدف المساعمة فى التنمية الاقتصادية المستدامة، ولاحقا وافق مجلس النواب نهائيا على مشروع قانون الحكومة بإنشاء "صندوق مصر".
أصول الصندوق تتكون فى الأساس من الأراضى، والأسهم، والسندات أو أجهزة استثمارية أخرى. وللصندوق الحق فى المشاركة فى كافة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، بما فى ذلك تأسيس الشركات والاستثمار فى الأدوات المالية وأدوات الدين الأخرى فى مصر والخارج.
يهدف الصندوق إلى تنمية ثروات مصر من الأصول والموارد الطبيعية بشكل مستدام، لتعظيم قيمة هذه الموارد للأجيال القادمة، من خلال المساهمة فى تأسيس الشركات أو زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار فى الأوراق المالية المقيدة بأسواق الاوراق المالية وغير المقيدة بها وأدوات الدين وغريها من الاوراق المالية داخل أو خارج البلاد، والاقتراض والحصول على التسهيلات الائتمانية وإصدار السندات وصكوك التمويل وغيرها من أدوات الدين، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها، وإقراض أو ضمان صناديق الاستثمار والشركات التابعة التى يملكها أو يساهم فيها مع الغير.
ويبلغ رأس مال الصندوق المرخص به 200 مليار جنيه، فيما يبلغ رأسماله المصدر 5 مليارات جنيه، بجانب موارده من رأسمال الصندوق، والأصول التى ستنقل له، وعائد استثمار الأصول، ومن المتوقع أن يتكون مجلس إدارة الصندوق من الوزارات المعنية فى المجموعة الاقتصادية، ويكون الوزير الممختص - رئيس مجلس إدارة غيرى تنفيذى، بالإضافة إلى 5 أعضاء مستقلين من ذوى الخبرة، وتكون مدة عضويتهم بالمجلس 4 سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة ،وممثل عن كل من وزارات التخطيط والمالية والاستثمار.
ومن المنتظر أن يعقد الصندوق أول اجتماعاتة خلال أيام برئاسة رئيس رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولى، لاختيار مجلس إدارة الصندوق الذى يتشكل بموجب قرار من رئيس الجمهورية.
مزايا صندوق مصر السيادى
الصندوق لا يهدف إلى بيع أصول الدولة أو خصخصتها بل بالعكس يسعى الصندوق لتعظيم الاستفادة من أصول وثروات الدولة غير المستغلة، بالإضافة إلى تنوع الموارد ومصادر أرباح الدولة التى تصب فى خفض عجز الموازنة العامة للدولة.
سيكون الصندوق بمثابة إحدى الاليات المهمة فى الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص بهدف تعظيم العائد من الأصول المملوكة للدولة ودعم برنامج الإصلاح الاقتصادى.
سوف يدعم العائد من الصندوق توفير التمويل اللازم للمشروعات القومية التى يحتاجها السوق المصرى كالاستثمار فى البنية الأساسية والتعليم والصحة والزاعة.
ضمان استدامة التنمية وتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 من خلال الحفاظ على موارد اقتصادية واستثمارات طويلة الأمد بما يزيد من العائد المتوقع لأجيال القادمة وتعظيم نصيب الفرد من الثروة حتى وإن نفذت الموارد الاقتصادية غير المتجددة كالبترول والغاز الطبيعى.
ويدعم الصندوق السيادى تطبيق لرقابة المالية، حيث يتولى مراجعة حسابات الصندوق مراقبا حسابات أحدهما الجهاز المركزى للمحاسبات والاخر من المراقبين المقيدين لدى البنك المركزى المصرى أو الهيئة العامة للرقابة المالية، ويقوم مراقبا الحسابات بمراجعة القوائم المالية السنوية وربع السنوية وتعرض القوائم المالية السنوية وتقرير مراقب الحسابات وتقرير سنوى تفصيلى عن نشاط الصندوق وخطتة للعام التالى على الجمعية العمومية للصندوق، وذلك تمهيدا لعرضها على رئيس الجمهورية خلال ثلاثة أشهر من انتهاء السنة المالية
بداية الاهتمام بصناديق الثروة السيادية عالميا
تعد صناديق الثروة السيادية بمثابة أحد أبرز الأدوات الاقتصادية التى يعودظهورها إلى القرن الماضى، حيث تعتبر مؤسسة النقد العربى السعودى المصرف المركزى للمملكة العربية السعودية أو المعروف اختصارا sama والذى أنشأ عام 1952 بمثابة أحد أقدم وأشهر الصناديق السيادية على مستوى العالم إلا أن الصناديق السيادية لم تكن معروفة لدى الجمهور إلى أن تغير الأمر فى عام 2006.
عندما أثير الجدل حول محاولة شركة دبى العالمية للموانئ شراء عمليات إدارة الموانئ فى ست محطات بحرية كبرى فى الولايات المتحدة الأمريكية فى إطار سعيها لضم المزيد من الأصول لصناديق الثروة السيادية التى تمتلكها وفقا لصندوق النقد الدولى، مما أثار النقاش حولأثر تلك الثفقة على الأمن القومى الأمريكى ومن هنا كانت نقطة الانطلاق لمزيد من النقاشات والمباحثات حولدور صناديق الثروة وهيئات الاستثمار السيادية.
الجدير بالذكر أن أصول صناديق الثروة السيادية حول العالم قفزت 13% على أساس سنوى إلى 7.45 تريليون دولار فى مارس 2018 بدعم من أداء قوى فى أسواق الأسهم العالمية، وفقا لتقرير صادر عن شركة بريكين للأبحاث.
وتتركز الثروة السيادية فى عدد محدود من الصناديق إذ تدير أكبر 10 صناديق أصولا بقيمة 5.49 تريليون دولار أو 74% من إجمالى أصول الصناديق السيادية حول العالم.
وتبلغ حاليا أصول صناديق الثروة السيادية حول العالم نحو 7.946 تريليون دولاروفقا لمؤسسة swf.
أبرز الصناديق السيادية
يعد صندوق معاشات التقاعد الحكومى فى النرويج الذى تدعمة إيرادات النفط بمثابة أكبر صندوق للثروة السيادية فى العالم بأصول إجمالية قدرها 1.035 تريليون دولار، ويشكل هذا الصندوق نحو 20% من الزيادة فى أصول الصناديق السيادية على أساس سنوى والتى بلغت 866 مليار دولار، وتمكن الصندوق النرويجى من مضاعفة العائد على مجمل استثماراته فى عام 2017.
كما شهدت مؤسسة الصين للالستثمار CIC، والتى تعد بمثابة صندوق الثروة السيادية لجمهورية الصين الشعبية، زيادة كبيرة فى الأصول بدعم من نمو أقوى من المتوقع لثانى أكبر اقتصاد فى العامل، ووفقا لآخر الإحصائيات تمتلك مؤسسة الصين للإستثمار أصول بقيمة 941.4 مليار دولار.
وعلى الجانب الأخر، أوقف صندوق الاحتياطى فى روسيا، وهو أحد صناديق الثروة السيادية للبلاد، عملياته فى بداية 2018 بعد أن أنفقت وزارة المالية الروسية معظم رأس مال الصندوق على تغطية العجز فى الميزانية، وجرى توزيع باقى رأس المال على صندوق الثروة الوطنى.
وعلى صعيد الدولة العربية تعد كلا من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت بمثابة رواد الصناديق السيادية فى منطقة الخليج والعالم اجمع، و يعد جهاز أبو ظبى للاستثمار ثالث أكبر صندوق ثروة سيادى بالعالم وأكبر صندوق من هذا النوع بالشرق الأوسط ، حيث تقدر أصوله بنحو 683 مليار دولار، يمتلك من خلالهم حصصا فى مطار لندن هيثرو وشركة الغاز النرويجية " غازليد" و3 فنادق فى هونج كونج، واعتمد فى تأسيسه على عائدات النفط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة