تسود أوساط الجالية البريطانية المسلِمة التى يقدر تعدادها بأكثر من أربعة ملايين، أى ما يمثل نحو 6 بالمائة من عدد السكان، حالة من الغضب إثر تصريحات أدلى بها وزير الخارجية البريطانى السابق، بوريس جونسون، الذى وصف فيها النساء المسلمات المنتقبات بأنهن يشبهن "صناديق البريد" و"لصوص البنوك"، وقال "إن الإسلام مشكلة".
وهاجم الإسلام بألفاظ لاذعة "حيث وصف جونسون النقاب بأنه "رداء قمعى وسخيف، ويجعل النساء أشبه بصناديق البريد ولصوص البنوك"، ما أثار استياء سياسيين ومسلمين بريطانيين.
وقال جونسون "إذا تقول لى إن البرقع ظالم، سأتفق معك، وإذا قلت إنه أمر مريب ونوع من الاضطهاد أن تتوقع من النساء تغطية وجوههن، سأتفق معك تماما، وسأضيف أننى لا أجد أى سند شرعى فى النص القرآنى يبرر مثل هذه الممارسة".
وضرب جونسون عددا من الأمثلام.
وأضاف "إذا اخترت المضى بالحظر الكلى، ستقع فى أيدى أولئك الذين يريدون تسييس أو إضفاء مسحة درامية على ما يسمى بصراع الحضارات، وستذكى نيران التذمر وتخاطر بتحويل بعض الناس إلى شهداء، كما تجازف بشن حملة ضد كل الرموز العامة المرتبطة بالأديان. وأنت ببساطة قد تجعل المشكلة أسوأ".
جونسون
وشدد جونسون على القول، على إن النقاب والبرقع ليسا بالتأكيد جزءا من الإسلام دائما، قائلا "أنا واثق أنه لباس سيختفى يوما ما".
كما أفادت وسائل إعلام بريطانية، بأن وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون، رفض الإعتذار عن تصريحات له اعتبرت "مسيئة" للمنتقبات.
ويثير البرقع والنقاب الانقسام في أوروبا، إذ يرى البعض فيها رمزًا للتمييز ضد المرأة، ويقول إنه ينبغى حظرها، وحظرت فرنسا بالفعل تغطية الوجه.
ماى وجونسون
وأدلى جونسون، الذى استقال الشهر الماضى، بسبب طريقة تفاوض ماي على الخروج من الاتحاد الأوروبى، بتلك التصريحات فى مقال نشرته صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية هذا الأسبوع، وأثارت انتقادات من جماعات إسلامية، ونواب فى حزب "المحافظين"، وأحزاب المعارضة، وفق "بي بي سي".
ردرود فعل غاضبة
تعرض جونسون لانتقادات واسعة بعد تورطه في الإدلاء بتلك التصريحات التي اعتبرت "مهينة"، و"مستفزة بشكل متعمد"، بحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
ونقلت الإذاعة عن مصدر مقرب من جونسون قوله، إن الأخير "لن يعتذر"، مضيفا أن من "السخافة مهاجمة آرائه"، وتابع المصدر "يجب ألا نقع فى مصيدة إغلاق النقاش حول القضايا الصعبة".
أما رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى، فقد كان لها رد فعل غاضب إزاء جونسون الذى وبخته على تصريحات شبه فيها المسلمات اللاتي يرتدين النقاب (البرقع) بصناديق البريد أو لصوص البنوك.
وقالت ماى، "أعتقد أن بوريس جونسون استخدم لغة من الواضح أنها تسببت في إهانة لوصف مظهر البعض، كانت لغة خاطئة، وما كان ينبغي عليه استخدامها، وأضافت، أنه "يتعين منح النساء الحرية لارتداء البرقع إذا قررن ذلك".
ومن جانبه فقد طلب رئيس حزب "المحافظين" البريطاني براندون لويس من جونسون، تقديم الإعتذار بعد تصريحات له اعتبر فيها النساء اللاتي يرتدين البرقع (النقاب) "يشبهن لصوص البنوك"، و"صناديق البريد".
وقال السير إريك بيكلز، وهو سكرتير سابق بالحكومة المحلية، إن حزب المحافظين يمكن أن يتخذ إجراءً تأديبيًا ضد جونسون إذا تم تقديم شكوى رسمية.
وقال: "الحزب لديه إجراءات مختلفة"، "إذا تقدم أحدهم بشكوى رسمية، فستستمع "اللجنة المستقلة" إلى الشكوى".
وقال السير "إيريك" إن احتمال طرد جونسون من الحزب نتيجة لذلك "لا يمكن تصوره إلى حد كبير"، على الرغم من أنك لا تعرف أبدًا كيف يمكن أن تتطور هذه الأشياء. "
كما وصفت ناز شاه، عضوة البرلمان عن حزب العمال اليساري الوسطي، تصريحات جونسون بالـ"عنصرية"، وأضافت أن هذه المرة لا يمكن التغاضي عنها كما تمّ الاعتياد عليه سابقا.
وتابعت: "هذا هجوم متعمد تم نشره في صحيفة وطنية، يجب على تيريزا ماي، رئيسة الحكومة البريطانية، أن تدين هذه الواقعة الصارخة للإسلاموفوبيا ويجب على بوريس جونسون أن يعتذر".
واعتبر مؤسس المنتدى الإسلامى المحافظ في بريطانيا التى يقدر عدد المسلمين بها بنحو 4.1 ملايين مسلم، أن تصريحات جونسون من شأنها أن تضر بالعلاقات المجتمعية.
ماى
وكان حزب "المحافظين" الحاكم في بريطانيا واجه انتقادات في الآونة الأخيرة على خلفية تورط عدد متزايد من مسئولية في وقائع متعلقة بظاهرة "الإسلاموفوبيا".
وفي يونيو الماضي، دعا المجلس الإسلامي البريطاني (أكبر منظمة مدنية للمسلمين في بريطانيا)، حزب "المحافظين" إلى التحقيق في حوادث "الإسلاموفوبيا" ضمن أوساط الحزب، لافتا إلى أن هناك ارتفاعا ملحوظا في مثل تلك الحوادث.
واتهم ديفيد لاميه، النائب في توتنهام عن حزب العمال، جونسون بـ "إذكاء نار الإسلاموفوبيا".
وكتب على حسابه فى موقع التواصل الاجتماعى تويتر: "إن النساء المسلمات يتعرضن لخلع البرقع بالقوة من قبل البلطجية في شوارعنا، وتعليق بوريس جونسون يهدف للسخرية منهن"، وأضاف أن جونسون "يشعل نيران الإسلاموفوبيا لطموحاته الانتخابية الواهية".
يشار إلى أن حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا واجه انتقادات في الآونة الأخيرة على خلفية تورط عدد متزايد من مسؤوليه في وقائع متعلقة بظاهرة الإسلاموفوبيا. وفي يونيو- الماضي، دعا المجلس الإسلامي البريطاني، أكبر منظمة مدنية للمسلمين في بريطانيا، حزب المحافظين إلى التحقيق في حوادث الإسلاموفوبيا ضمن أوساط الحزب، مشيرًا إلى أن هناك ارتفاعًا ملحوظًا في مثل تلك الحوادث.
"الجارديان": جونسون كارثة
"جونسون" شخصية دائما ما تثير الجدل والاستنكار بسبب تصريحاته غير المنضبطة وهو ما سبق ودفع صحيفة "جارديان" بأنه تصفه بـ"الكارثة" فى تقرير سابق، بقلم الكاتبة غابي هينسليف، وذكر التقرير أن جونسون ليس “كارثة بصدد الحدوث”، بل هو "كارثة " حدثت مرارا وتكرارا على مدى السنوات الأخيرة، ولم يتغير شيء سوى حجمها.
وشددت الصحيفة على أنه كان على جونسون الاستقالة قبل أشهر، بعد أن أعطى تدخله الخاطئ في قضية سجن المواطنة البريطانية الإيرانية نزانين زغاري-راتكليف في إيران لحكومة طهران ذريعة لتمديد فترة حبسها.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما أتاح لجونسون البقاء في منصبه حينئذ هو ضعف رئيسة الوزراء تيريزا ماي، مشيرة إلى أنه كان على جونسون استخلاص الدروس من تلك القضية والإدراك أن وزارة الخارجية ليست مكانا مناسبا لاستخدام تجاوزات وشائعات لتوضيح الموقف وأن أي انحراف من الحقائق، حتى لو كان صغيرا، يجلب تداعيات خطيرة، لا سيما فيما يتعلق بالمعطيات الاستخباراتية.
وذكّرت الصحيفة بأن وزير الخارجية لم يستخلص هذا الدرس المهم، ما تبين بوضوح مؤخرا، حيث أصر في مقابلة أجرتها معه شبكة “دويتشه فيله” الألمانية أن “شابا” من مختبر “بورتون داون” البريطاني أكد له أن روسيا هي مصدر مادة “نوفيتشوك” السامة التي تقول لندن إنها استخدمت في تسميم سكريبال وابنته.
وفي الأسبوع الماضي، نفى المدير التنفيذي للمختبر غاري أيتكينهيد صحة هذه التصريحات، مؤكدا أن الخبراء عاجزون عن تحديد مصدر المادة.
https://www.youtube.com/watch?v=eZJOHCraf2Y
وقارنت الجارديان، كما قد فعلته "إندبندنت"، تصريحات جونسون بالبراهين المزيفة التي استخدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا لشن الغزو على العراق عام 2003، مشيرة إلى أن حديثا يدور أيضا عن سوء استخدام المعلومات الاستخباراتية.
ودعت الصحيفة كل من يعتقد أن انتقادات لتصريحات جونسون “تحدث ثغرة في فكرة ذنب روسيا” إلى ضبط النفس والهدوء، مشددة على ضرورة أن تستند اتهامات من قبل الحكومة في هذا المجال على وقائع ومعلومات استخباراتية موثوق بها.
وشددت الصحيفة على أن الحكومة البريطانية، مهما كانت ملابسات قضية سكريبال، فقدت المصداقية لاتهام موسكو، بعد أن أعطى جونسون، إما كان ذلك عمدا أو عن طريق الصدفة، فرصة جيدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتساؤل بخصوص صدقية كل ما جاء على لسان المسؤولين البريطانيين.
وذكرت الصحيفة أن جونسون، بالرغم من اتهامه زعيم المعارضة البريطانية جيريمي كوربين بالمساس بالأمن القومي، هو نفسه سلّم "على طبق من ذهب " إلى موسكو الانتصار في الحرب الدعائية، حيث ورّط المختبر البريطاني الحيادي في الأزمة السياسية ونسف جهود الاستخبارات البريطانية عموما.
وخلص التقرير إلى أنه على أي حكومة بريطانية مقبلة إدراك أهمية إبقاء الباب مفتوحا للشكوك وعدم الانحراف عن الحقائق والوقائع، مضيفة أن تساؤلات كوبرين بخصوص قضية سكريبال لا تجعل منه سياسيا غير وطني، مهما كان الطرف المسؤول عن تسميم الضابط الاستخباراتي الروسي السابق وابنته.
وسبق أيضا أن هاجمه الكرملين بسبب وصفه روسيا بألمانيا الفاشية متهما إياها باستغلال بطولة كأس العالم لكرة القدم كحملة ترويجية على طريقة هتلر والألعاب الأولمبية في ألمانيا عام 1936، وقال المتحدث الصحفي باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) دميتري بيسكوف، إن تصريحات جونسون مقززة للغاية ولا تليق بوزير خارجية، مشيرًا إلى أنها إهانة غير مقبولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة