اتهم رياض المالكى، وزير الخارجية وشئون المغتربين الفلسطينيين، الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب، بمحاولة تصفية وتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وأسسها الأخلاقية، من خلال تقويض حقوق الشعب الفلسطينى الأساسية وغير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير وحق العودة للاجئين إلى ديارهم التى شردوا منها عام 1948، وحقه فى الاستقلال وتجسيد دولته المستقلة وعاصمتها القدس مشيرا إلى أن جميع هذه الملفات استهدفتها الولايات المتحدة لتخفى أكبر جرائم حليفتها إسرائيل فى نكبة الشعب الفلسطينى المستمرة منذ 70 عاما، وبما يتسق مع رؤية اليمين الإسرائيلى المتطرف الذى يعمل على ترسيخ نظامه الاستعمارى والعنصرى فى أرض دولة فلسطين، من خلال مجموعة من القوانين والممارسات العنصرية المقيتة، والمشوهة، وآخرها ما يسمى بقانون القومية الإسرائيلى.
وقال المالكى فى كلمة ألقاها أمام الجلسة الخاصة لوزراء الخارجية العرب لبحث أزمة الأونروا قبيل انطلاق أعمال الدورة 150 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري اليوم إن هذه الإدارة الأمريكية بدأت بالهجوم على حقوق الشعب الفلسطينى، وعلى القانون الدولى لتنفيذ صفقة العصر قبل الإعلان عنها. حيث تستهدف الآن التمثيل السياسى للشعب الفلسطينى بإغلاقها لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، وقد رفضت سابقا تجريم الاستيطان، ورفضت الاعتراف بحل الدولتين، وإسقاط قضية حدود 1967، كما قامت بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقلت سفارتها إليها، ويحاولون الآن إسقاط ملف اللاجئين وإلغاء حق العودة باعتباره الشاهد على أعمال الاقتلاع والقتل والتشريد والترحيل القسرى والتطهير العرقى الذى رافق إحلال اسرائيل ومستوطنيها فى المنظومة الدولية على حساب الشعب الفلسطينى، هذا بالإضافة إلى تجفيف الأموال عن "الأونروا" والمساعدات المالية عبر فرض منطق القوة والهيمنة وفرض إرادتها المساندة للاستعمار بما يؤسس لمرحلة من الفوضى ليس فى منطقتنا فحسب وإنما على الساحة الدولية.
وأضاف:" نتحدث عن قضية الأونروا واللاجئين، والتى تعتبر صلب القضية الفلسطينية وحافظة الرواية الأصيلة، والجمعية للشعب الفلسطينى، فى وقت تعمل فيه إسرائيل وأحلافها على محاولة إلغاء محور وفصل كامل يؤرقها، فصل يندى له جبين الإنسانية سيبقى محفورا فى تاريخ وذاكرة البشرية جمعاء واللاجئين الفلسطينين خاصة، فصل مخضب بالألم والأسى والمقاومة والصمود، بدأ منذ نكبة شعبنا المستمرة منذ العام 1948.
وأكد المالكى أن أهمية منظمة الأونروا ليس فقط أنها إحدى آليات تنفيذ القرار الأممى 194 والخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين بل لدورها القانونى، والإنسانى حيث تشكل حماية وشبكة أمان حيوية للاجئين الفلسطينيين وتقوم بتلبية خدمات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير لحوالى خمسة ملايين وأربعمائة ألف لاجئ من فلسطين مسجلين لديها، كما تعبر عن الالتزام القانونى والأخلاقى لأمم المجتمع الدولى تجاه الفلسطينيين وقضيتهم.
وأضاف :" إلغائها يعنى إلغاء روايتهم وحقوقهم، والعمل على توطينهم، وهو مرفوض كليا، وعلى هذه الأمم أن ترفض كل ما تقوم به إسرائيل والولايات المتحدة في تشويه لقواعد القانون الدولي وحقوق الشعوب غير القابلة للتصرف وهذا يتطلب منا حراكا دوليا مشتركا لرفض القرارات الأمريكية والإسرائيلية، وترسيخ حقوق الشعب الفلسطينى، ولاجئيه والتشديد على دور المجتمع الدولى فى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى الذى طال أمده، ورفض التعريفات الأمريكية والإسرائيلية المخترعة "للاجئ"، وتحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين فورا، وعندها فقط بإمكان المجتمع الدولى تغيير الولاية الممنوحة للأونروا بعد انتهاء محنة اللاجئين، حتى ذلك فإنه من الضرورة بمكان التأكيد على التفويض الممنوح للأونروا وفق لقرار إنشائها رقم 302 في العام 1949، ورفض المساس بولايتها أو مسؤوليتها ومواجهة تغيير أو نقل مسؤوليتها إلى جهات أخرى، والعمل على أن تبقى الأونروا ومرجعيتها القانونية الأمم المتحدة، وكذلك التأكيد على ضرورة استمرار الأونروا بتحمل مسؤولياتها في تقديم الخدمات للاجئين داخل المخيمات وخارجها فى كافة مناطق عملياتها، بما فيها القدس المحتلة، إلى أن يتم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلا ًوشاملا وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194)، وعلى أن نعمل على رفض وإدانة محاولات إنهاء أو تقليص دور وولاية الأونروا، والتحذير من خطورة ما تقوم به الولايات المتحدة، بوقف الدعم المالى."
وطالب المجتمع الدولي بتأمين الموارد المالية اللازمة لموازنتها وأنشطتها على نحو كافٍ مستدام يمكنها من مواصلة القيام بدورها في تقديم الخدمات الأساسية. وفي نفس الوقت فانني اتوجه بالشكر لكل الدول التي تقدم مساهماتها، ودعمها. وادعو الى زيادة دعم هذه المنظمة الاممية ودعم موازنتها السنوية، ليس فقط تفعيلاً للقرارات السابقة لمجلسنا هذا ولكن لان الحملة والهجمة على حقوق شعبنا ولاجئينا تشتد بما يهدد وجود هذه المنظمة، وما تقوم به، ونصبح أمام تحد ان " تكون او لا تكون"، كما اتوجه من معاليكم للعمل مع اصدقائكم من الدول والجهات المانحة للوفاء بالتزاماتها المالية التي قدمتها في المؤتمرات الداعمة للأونروا لتمكينها من أداء مهامها.
وفي الختام كلمته جدد المالكى التقدير لعمل وكالة الأونروا، كما عبر عن امتنانه العميق لمفوضها العام وجميع موظفيها، لبذلهم جهودا استثنائية فى دعم لاجئى فلسطين والمساعدة على الحفاظ على حقوقهم وكرامتهم وآمالهم عبر العقود.
كما أعرب عن تقديره العميق للأدوار المركزية للدول المضيفة، ودعمها كذلك لمجتمعات اللاجئين الفلسطينيين الكبيرة التى استضافتها لما يقارب السبعة عقود، وتسهيلها مهمة الأونروا.
وثمن دعم الدول العربية للأونروا على مدى السنوات الطويلة، وشدد على ضرورة استمرار عملها حتى التوصل إلى حل عادل وشامل وسلمي ودائم لقضية فلسطين من جميع جوانبها، وفقا للقانون والاجماع الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، وانهاء الاحتلال الاستعمارى الاسرائيلى، وتجسيد دولة فلسطين وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وذريتهم الى الديار التى شردوا منها، تنفيذا للقرار 194.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة