ذكرت لجنة التحقيق الأممية المعنية بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، أن سوريا شهدت مستويات غير مسبوقة من النزوح الداخلي، طوال فترة الصراع المستمر منذ سبع سنوات.
وأوضحت اللجنة في تقرير لها اليوم الأربعاء في جنيف أنه في أقل من ستة أشهر، وفيما تحركت القوات الموالية للحكومة لاستعادة مساحات شاسعة من الأراضي من الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، نزح أكثر من مليون رجل وامرأة وطفل سوري معظمهم يعيشون الآن في ظروف قاسية، وحذرت اللجنة مما قد يحدث بعد ذلك في محافظة إدلب إذا فشلت الجهود الرامية إلى التوصل إلى تسوية عبر التفاوض.
وسلطت اللجنة في تقريرها المؤلف من 24 صفحة، الضوء على ست معارك رئيسية أدت إلى نزوح داخلي واسع النطاق، وركزت في ذلك على المعارك التي جرت في محافظات حلب وشمال حمص ودمشق وريف دمشق ودرعا وإدلب، وقالت إن معظم المعارك اتسمت بجرائم حرب، بما في ذلك شن اعتداءات عشوائية والهجوم المتعمد على الأعيان المحمية واستخدام الأسلحة المحظورة والنهب والتهجير القسري، من قبل الجماعات المسلحة أيضا، ونوهت إلى أنه في حالات أخرى أخفقت أطراف النزاع في اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين، كما يقتضي القانون الإنساني الدولي.
وأكدت اللجنة أن السوريين النازحين يواجهون العديد من الصعوبات والتحديات التي تعترض سبل عيشهم، بما في ذلك عدم الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والخدمات الطبية ومرافق الصرف الصحي الأساسية والسكن الملائم.
وقال رئيس اللجنة باولو بينيرو إنه من غير المبرر تماما ألا يحترم أي طرف في هذا النزاع التزاماته تجاه المدنيين الذين تشردوا بسبب العمليات العسكرية.
من جانبها، أشارت المفوضة وعضو اللجنة الدولية كارين أبو زيد إلى تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص قسرا في إطار ما يسمى باتفاقيات الإجلاء، ومع ذلك فإن توفير الغذاء والماء والظروف المعيشية المناسبة لهم يبقى مسؤولية الأطراف التي تتفاوض على هذه الاتفاقات وتبرمها، موضحة أن كافة الأطراف أهملت هذه المسؤولية.
ويسلط التقرير الضوء كذلك على وضع النازحين داخليا في ريف دمشق وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، ويشير إلى أنه لا يزال الآلاف من المدنيين النازحين يعانون من الصعوبات في المواقع المكتظة بشدة أو التي تفتقر إلى الموارد، حيث يخضع العديد منهم للاحتجاز بصورة غير قانونية من قبل القوات الحكومية.
من جهته، قال المفوض وعضو اللجنة هاني مجلي إن المدنيين دفعوا ثمنا باهظا بسبب المعارك التي شنتها الحكومة لاستعادة الأراضي، مضيفا أن بعض المناطق، بما في ذلك مخيم اليرموك في دمشق وأجزاء من الغوطة الشرقية، تركت مدمرة بشدة لدرجة أنه من غير المتوقع عودة المدنيين إليها، ونوه إلى أن العديد من هؤلاء المدنيين يسكنون الآن في الخيام أو المباني المهجورة في الشمال الغربي، ويعيشون على مساعدات إنسانية محدودة للغاية بنظام الحصص.
وحذرت اللجنة من أن نسبة كبيرة من هؤلاء النازحين يوجدون حاليا في إدلب حيث يمكن أن يؤدي هجوم آخر إلى أزمة كارثية في مجال حقوق الإنسان، وحثت جميع أطراف النزاع في سوريا والمجتمع الدولي على إعطاء الأولوية لمحنة النازحين داخليا، واقتراح مجموعة من التوصيات العملية التي لا تتطلب سوى الإرادة السياسية.
ونوهت اللجنة إلى أن التوصيات التي تهدف إلى معالجة قضايا المدنيين النازحين نتيجة النزاع تشمل ضمان توفير السكن المناسب لهم وعدم احتجازهم وعدم رفض الدولة، تعسفا، منحهم المساعدات الإنسانية واحتفاظهم بحقهم في العودة بأمان وكرامة إلى منازلهم السابقة.
وأكدت اللجنة الحاجة إلى هيئة مستقلة ومحايدة لاستعراض المطالب المتعلقة بحقوق الملكية واسترداد الممتلكات، وشددت على أهمية ضمان قدرة المرأة على المشاركة في هذه العملية على قدم المساواة.
يذكر أن اللجنة ستقدم تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان المنعقد في دورته التاسعة والثلاثين حاليا بجنيف، وذلك يوم 17 سبتمبر الجاري.
ويرأس اللجنة باولو سيرجيو بينيرو، وقد كلفت من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمباشرة التحقيق وتوثيق كافة انتهاكات القانون الدولي داخل سوريا منذ مارس 2011.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة