قرأت لك.. "المستقبل الشائك.. الثقافة والمعرفة تحديات الأول والأخير فى التقدم

الجمعة، 14 سبتمبر 2018 07:00 ص
قرأت لك.. "المستقبل الشائك.. الثقافة والمعرفة تحديات الأول والأخير فى التقدم الكاتب الدكتور زين عبد الهادى
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"المستقبل الشائك.. تحديات الثقافة والمعرفة".. كتاب للدكتور زين عبد الهادى، من المزمع صدوره خلال الأيام المقبلة، عن سلسلة علوم المستقبل، ويناقش فيه عدة قضايا وتحديات للثقافة والمعرفة.

ويقول زين عبد الهادى فى مقدمة كتابه "المستقبل الشائك.. تحديات الثقافة والمعرفة": هو تشريح لمفهوم المعرفة ومفهوم الثقافة والعلاقة التاريخية بين المصطلحين. فمستقبل الثقافة والمعرفة مرهون دائما بمدى قدرة النظام، أى نظام على تطبيق مجموعة من القوانين الحاكمة لنمو المعرفة بجانب منح الحرية الكافية للثقافة كى يمكن للمعرفة أن تتقدم، فلا يمكن لمعرفة أبدا أن تتقدم دون أن تكون الثقافة هى اللاعب الأول وربما الأخير الذى سيسمح لهذه المعرفة بالتوغل فى أعماق العقل الإنسانى لتخرج بلورته المتوهجة بما يمكنها من خدمة الإنسانية كلها، دون ذلك يمكن للمعرفة أن تتقدم ولكن دون تأثير ما فى العقل الجمعى ومن هنا تتكون الثغرة الحضارية والثقافية والمعرفية.

ويشير زين عبد الهادى إلى أن من إشكاليات هذا الكتاب أيضا أن هناك كتابا للرائد طه حسين بعنوان "مستقبل الثقافة فى مصر" وهو كتاب لو كان قد تم تنفيذ ما جاء به فى نهاية الأربعينيات لتغير حال مصر تماما، إذ كان طه حسين ينظر للتعليم على أنه المحرك الأساسى للثقافة، أو أنه جوهر التغيير الثقافى، ومع اتفاقى التام معه لكن هناك تطورات حدثت فى السنوات السبعين الماضية غيرت كثيرا من المفاهيم المتعلقة بالثقافة.

ويقول زين عبد الهادى: لازمتنى الحيرة أيضا، هل المطلوب أن أقدم سيناريوهات لمستقبل الثقافة فى مصر على اعتبار أن إحدى تخصصاتى العلمية هى أنى أعمل فى جانب منها فى مجال علوم المستقبل Futurology أو فى مجال علم اجتماع المعرفة، أم المطلوب هو وضع مجرد تصور عام لكيفية رؤية الثقافة فى مصر مستقبلا ودور المعرفة فى ذلك بكل وضوح، أم أن أكتفى بمجرد استراتيجية ما يمكنها أن تساعد على بناء المستقبل المتعلق بالثقافة، أن أتحدث عن التجارب الغربية فى مجال تحديث الثقافة وهو أمر هام فى تلك الحالة، لأن النماذج سهل تقليدها وموائمتها، لكن فى ظل بيئة ثقافية متعثرة للغاية يصبح من المستحيل مجرد تقديم النموذج، بل يحتاج الأمر للإبحار فى بعض القضايا المتعلقة بالمعرفة وعلاقة الثقافة بالتطور المعرفى.

ويضيف زين عبد الهادى: ففى اعتقادى أن هناك ثغرة أو فجوة معرفيه – ثقافية نعيشها جميعا - وذلك يترك أثارا سلبية للغاية على المستقبل، ومع اتساع هذه الفجوة يتحول الأمر إلى حالة من المتلازمة المرضية الدائمة التى لا علاج لها، وتبدأ الحلول دائما مع اعترافنا بأن هناك مشكلة ، ومشكلة ضخمة يجب حلها، فالعلاجات السطحية والمؤقتة لا تصنع مجتمعا سليما.

ليس هذا فقط بل هناك مشكلات تتعلق بالمثقف ذاته، إذ لايعلم الكثيرون أن دخول العصر الصناعى قد مهد لظهور مثقف من نوع جديد، إذ أنه منذ مائة عام أشارت فيرجينيا وولف إليه بكلمتين هما "العالم تغير" ، حيث أن التحولات الكبرى منذ هذا التاريخ أنهت تماما على المثقف التقليدى، الذى مازلنا نحتفظ به لدينا، المثقف فى العالم العربى هو ابن العصر الزراعى والبداوة، مهما فعلنا من ارسال مثقفين وأساتذة جامعات للخارج فلن يمكن سد الفجوة المعرفية إلا بإنتاج معرفة رصينة داخل المجتمع العربى ذاته لنتوقف عن استيرادها وإنفاق المليارات عليها، ولإنتاج هذه المعرفة لابد من شروط، ولكى تتغير ثقافة المجتمع فلابد أن تتغلغل تلك المعرفة فى عروقه، وإلا سيحدث ما نراه الآن من تطرف وإرهاب وتوفير بيئة خصبة للأفكار اليمينية .

مع التحولات الهائلة فى نهاية الألفية الثانية وظهور مجتمع المعرفة حدث أن ظهر مثقف من نوع جديد لم تعرفه البشرية من قبل وهو الذى يسمى المثقف الثالث وفقا لجون بروكمان، هذا المثقف الذى يجمع بين العلم والتخصصية العلمية من جانب وبين الموهبة الفنية والأدبية من جانب آخر، إنه يلاحق ما يحدث من تطور ويستطيع أن يتكلم تلك اللغة العلمية، ومع ذلك مازلنا نتحدث عن الدور التقليدى للمثقف، كيف يمكن أن نتحدث عن هذا الدور فى ظل تغير العالم وتحولاته، ومع ذلك فإن التحول لم يشمل العالم العربى فى المرتين، بالمواجهة، ففى العالم كله ربما تغير نوع المثقف نفسه واهتماماته وميوله وربما انسحق المثقف التقليدى، وربما تم قمعه بشكل أو بآخر، لذلك لم يعد المثقف مسموعا حين بدأ اختفاء عدد كبير من مثقفى القرن الماضى، فى نهايته تحديدا، بالموت والانسحاب من الحياة الثقافية بحكم العمر أو محاولات استقطابه من جهات متعددة، أصبح المثقف فى حاجة لإعادة تشكيل نفسه فى ظل ظهور أدوات جديدة للمعرفة، وفى ظل ارتفاع وعى جمعى نتيجة الاحتكاك الظاهرى بالآخر وليس نتيجة ممارسة معرفية حقيقية، وعلى ذلك فمن هو مثقف عصر المعرفة الجديد، وهل دوره سيظل هو الدور التقليدى أى مراقبة المجتمع ومحاولة اصلاح عيوب كل أطرافه وهل سيختفى عصر الصحيفة الورقية والكتاب الورقى والإذاعة والتليفزيون أو الأدوات التى ظهرت مع العصر الصناعى، وهل وجود مجتمعان هما المجتمع الطبيعى ومجتمع الانترنت يتطلب من المثقف أدوارا جديدة، وهل عليه أن يكتب كل لحظة وليس كل يوم أو كل أسبوع كما كان يفعل فى العصر الصناعى وماقبل عصر المعلومات` وذلك لملاحقة الفيضان الهائل من الأخبار وليتطبع مع وسائل التواصل الاجتماعى ومافرضته عليه من تحديات واستجابات لابد منها، وإلى أى حد يمكنه ان يتمرد بعدما نجح استقطابه، إنها اسئلة من نوع جديد تمهد لظهور "المثقف الثالث"، او مثقف عصر المعرفة.

الأمر الأخير تعلق بمفهوم الثقافة فى المجتمع، وسنجد أن هناك تفسيرات متعددة لعلماء من مختلف التوجهات لمفهوم الثقافة، ويمكن أن يرجع ذلك للنظرة المتخصصة لكل منهم من جانب، والجمود العلمى من حانب آخر، اذ اختلطت العقلية العلمية بعقلية بيروقراطية فأوجدت جمودا علميا من ناحية وجمودا ثقافيا من ناحية أخرى ويجب أن نواجه ذلك بشكل من التفصيل كى يمكن توفير البيئة اللازمة للتغيير.

هنا لم يتبق أمامى إلا النظر لمجموعة اللاعبين فى الثقافة، من مثقفين، ومن عاملين فى مجال الثقافة وعلماء متخصصين فى النقد الثقافى والعمل الثقافى، كيف يرى هؤلاء جميعا مستقبل الثقافة، وكيف ترى السلطة الثقافة ومستقبلها وهو أمر فى غاية الأهمية لأن الدولة هى اللاعب الأكبر حتى الآن فى المجال الثقافى.

بعد كل تلك الأسئلة وجدت أن الجانب المهم هو المعرفة أولا كمكون من مكونات الثقافة، فالثقافة فى أحد تعريفاتها -وسنعود لذلك فى الكتاب - هى طريقة حياة مجتمع من المجتمعات، هذا مهم للغاية، هذا السلوك الذى يقود المعرفة، فإذا حدث وكان هناك سلوك مغاير يقود المعرفة بشكل أفضل، فنحن إذا مع ذلك، لكن المشكلة أن سلوك المجتمع كله سيكون ضد ذلك، هنا ما هو الحل؟ هذا ما حاولت الاجابة عنه فى هذا الكتاب الصغير.

ويناقش زين عبد الهادى فى كتاب "المستقبل الشائك.. تحديات الثقافة والمعرفة" الآتى: إشكالية العلاقة بين الثقافة والمعرفة، تاريخ المعرفة وعلاقتها بالثقافة، فى قلب بيئة الثقافة: "معرفة التقدم" فى مواجهة "معرفة البقاء"، القوانين المشتركة: المعرفة وعلاقتها بالثقافة.. هل هو صراع أم ائتلاف؟، العالم الثالث: اشكالية ثقافية لا تنتهى فى ظل رحاب هائل من التخلف المعرفى، ماذا نحتاج من الثقافة والمعرفة، دور مؤسسة الثقافة فى عالم المعرفة: مؤسسات الثقافة البريطانية والفرنسية، نموذج مصغر مقترح لإستراتيجية عمل وزارات الثقافة، إعلان اليونسكو للتنوع الثقافى.

جدير بالذكر أن الدكتور زين عبد الهادى أستاذ بكلية الآداب جامعة حلوان، وصدر له رواية "أسد قصر النيل"، عن دار ميريت للنشر، رواية دماء أبوللو، وكتاب الذكاء الاصطناعى والنظم الخبيرة، كما تولى رئاسة دار الكتب والوثائق والقومية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة