عم صلاح 30 سنة خدمة لـ"إطعام الطعام".. يقدم وجبتين يوميا لرواد السيدة زينب

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018 06:00 م
عم صلاح 30 سنة خدمة لـ"إطعام الطعام".. يقدم وجبتين يوميا لرواد السيدة زينب عم صلاح
سامح بدوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نفس المشهد يتكرر مرتين يوميا منذ قرابة الـ30 عاما، عقب صلاة الظهر وصلاة العصر يظهر عم "صلاح نفادى" بأطباق الطعام ليقدمها لكل المحتاجين الذين أصبحوا يحفظون مواعيده عن ظهر قلب، كل شيء تغير هنا بداية من معالم ميدان السيدة زينب العتيق وصولا إلى أسعار الخضراوات والطعام وأعداد المحتاجين وعدد الخطوط المرسومة على وجه الرجل وملامحه المصرية الأصيلة، ولكن الموعد لم يتغير، والوجبات والأطباق لم تتغير.

 

أسفل قبعة وبدلة تعود لسبعينات القرن الماضى يتحرك عم "صلاح نفادى" حاملا أطباق الخير مرتين فى اليوم، هنا فى ميدان السيدة زينب، يعرفه الجميع ويحفظون تفاصيل يومه الذى يبدأ فى الثامنة صباحا ويمتد حتى صلاة العشاء فى رحلة خير لا تعرف طريق الدعاية التلفزيونية ولا البروباجندا الإعلامية، رحلة خير فقط من أجل الخير وإسعاد الفقراء، رحلة كأنها قادمة من زمن آخر كان ينتشر فيه الكثيرون مثل عم "صلاح".

 

IMG_٢٠١٧٠٥٢٥_١٥١٥٠٨
صورة لصلاح نفادي أثناء وصول الخضراوات 

 

بجوار عربة محملة بمكونات ستتحول بعد ساعات إلى أطباق للفقراء وقف عم صلاح يتحدث عن بداية رحلته، يقول "تعلمت العمل الخيرى حين كنت فى القوات الجوية عام 1985.. واشتركت وقتها فى لجنة الزكاة وكنا نحاول زيادة الإيرادات للجنة عبر بيع الكتب الدينية وأصبحت أنا المسئول عن هذا العمل عقب وفاة صديقى المسئول عن ذلك العمل".

 

وقع الرجل ذو الـ72 عاما فى عشق مسجد السيدة زينب قبل 30 عاما، ومن هنا بدأت رحلة أطباق الخير اليومية، فى البداية قرر المساعدة فى صيانة المسجد ثم بدأ فى إعداد الوجبات للفقراء بجواره، في الظهر يقدم جبة عدس أو مكرونة بينما في العصر خضار ورغيف عيش للبائعين والمحتاجين والمصلين بالمسجد بعد الانتهاء من الصلاة.

 

00

أحد الأفراد الذين يعملون مع صلاح  كطباخ أثناء تجهيزه للاكل 

 

الأمر هنا ليس مجرد وجبات يقوم عم نفادى بتحضيرها فى منزله ويقدمها للفقراء، الرجل ضبط بوصلة حياته بالكامل لتقديم تلك الوجبات بشكل منتظم ويومى، يصطحبنا معه إلى الرصيف المقابل لمسجد السيدة زينب، نصعد معه درجات سلم لنصل إلى شقة صغيرة هى مصنعه الخاص لإعداد الوجبات بشكل منتظم ويومى، حجرة مخصصة للطبخ وتخزين الطعام، والأخرى لقراءة القرآن والجلوس مع أهل المنطقة، مع دقات الثامنة صباحا يدور مفتاح الشقة يوميا ليعلن بداية رحلة أطباق الخير.

 

0

إعتاد أن يجلس يومياً يقرأ في كتب الفقه والقرآن ويتابع الطبخ 

 

فى حجرة الضيوف بدأ عم "صلاح" يروى لنا قصة هذا المنزل "هذا ليس منزلي الأصلى، ولكن كان يجب أن أوفر مكان لتجهيز الأطعمة بشكل يومى، وكان هذا هو المكان المناسب، أقضى فيه معظم اليوم قبل أن أعود لأسرتى عقب صلاة العشاء تقريبا لأعوض الوقت الذى فاتنى معهم، ولكنه كان وقتا هاما بالنسبة للمحتاجين".

يستقر عم «صلاح» فى هذه الشقة منذ 8 سنوات فقط: "فى البداية كنت أعد الطعام أمام مسجد السيدة زينب ، وبمساعدة عدد من فاعلي الخير تمكنت من الحصول على هذه الشقة لتحضير الوجبات يوميا".

 

يأخذنا الحديث إلى من يساعد هذا الرجل لتصل الوجبات يوميا إلى المحتاجين فيقول "على مدار 30 سنة اتغيرت ناس كتير، يمكن 15% من الناس بس هى اللى لسة معايا و85% من المساهمين بيتغيروا.. بس ربنا بيبدل الناس عشان يفضل الخير مكمل".

 

أما مائدة الرحمن فتكون جزءا من ساحة المسجد الممتلئ بالحصير، وتتكون من لحمة ورز وخضار وسلطة ورغيف عيش، «معايا اتنين طباخين بيعملوا الأكل ونطلع قبل أذان المغرب وأبدأ أغرف الأكل للناس واللي بيكون جعان بياكل تاني لحد ما يشبع» هكذا اعتاد «نفادي» أن يفعل كل عام خلال شهر رمضان.

 
00000000
صلاح نفادي أثناء جلوسه لمتابعة إحضار الوجبات اليومية

ما يفعله صلاح لفت بالفعل أنظار بعض الباحثين الأجانب، ويحكي «صلاح»  منذ ما يقرب من ثلاثة سنوات جاءت دكتورة بجامعة كندية، ألمانية الأب ومن أم مصرية، لعمل دراسة عن «إطعام الطعام» في المجتمع الشرقي ويقول «لأن ده مش موجود هناك عندهم»،  ويقول "قالتلى إننا فى المجتمعات العربية الناس بتهتم بالناس مش بس الحكومات بتهتم بالناس مثلما يحدث فى المجتمعات الغربية" ويتابع "تعلمت منها أنى مفتوش دقيقة فى شغلى.. حكتلى إزاي بكت لما واحد من الحضور مفهمش محاضرتها، ووقتها علمتنى إن يمكن اللى بعمله يبقى تكفير عن أى لحظة ضيعتها من شغلى أو أهدرتها وأنا موجود فيه".

 








الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة