رغم التطور الكبير الذى تحققه الصادرات المصرية للعام الثانى على التوالى، إلا أن زيادة الواردات بنسبة 15.2% لتسجل 38.1 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2018 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضى، يفتح بابا للتساؤل حول إمكانية أن يلتهم الارتفاع الملحوظ فى الواردات أى زيادة فى صادرات القطاعات الاقتصادية المختلفة.
في البداية بالنظر إلى معدلات التبادل التجاري لمصر خلال أول 7 أشهر من العام سنجد أنها حققت زيادة ملموسة بلغت 15.01% مقارنة بنفس الفترة من عام 2017، حيث سجل التبادل التجارى 53.4 مليار دولار مقابل 46.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضى، لكن هذه الزيادة فى المعاملات التجارية تمثل زيادة فى الواردات بقدر أكبر من الصادرات، حيث إن حجم صادرات مصر غير البترولية سجلت 14.8 مليار دولار وهو رقم رغم أن فيه ارتفاع بلغ 14.3% قياسا على نفس الفترة من العام الماضى، إلا أنه لا يعكس استفادة القطاعات الصناعية المختلفة من قرارات الإصلاح الاقتصادى وعلى رأسها تحرير سعر الصرف وانخفاض قيمة العملة، وكذلك لا يوازى ارتفاع الواردات.
كما أن باب التساؤل حول القرارات التى اتخذتها الحكومة ممثلة فى وزارة الصناعة والتجارة لضبط ما يسمى الاستيراد العشوائى، يظل مفتوحا فى ظل استمرار زيادة الواردات من الخارج، لأن كثير من المستوردين اشتكوا من هذه القرارات وعلى رأسها القرار 43 لسنة 2016 والخاص بتسجيل المصانع، مؤكدين أنه قلل الاستيراد، لكن الواقع يشير إلى استمرار تطور الواردات من الخارج، مما يجعلنا نتساءل حول إمكانية لجوء الحكومة لمزيد من القرارات التى تضبط سوق الاستيراد، خاصة فى ظل وجود بضائع محلية مماثلة وذات جودة جيدة.
وبالعودة مرة أخرى إلى الصادرات المصرية، لنقيم مدى استفادتها من قرارات الإصلاح الاقتصادى وعلى رأسها تحرير سعر الصرف، وكذلك تحقيق مستهدفات وخطط استراتيجية "الصناعة والتجارة 2020"، سنجد أنه فعليا حدثت استجابة فيما يتعلق بتطور الصادرات، حيث ارتفعت خلال عام 2017 بنسبة تراوحت بين 11-12 % وهو أول عام بعد تطبيق الاستراتيجية والتى تم إطلاقها فى نهاية عام 2016 ، وكذلك هو أول عام يتم فيه اختبار الصادرات المصرية بعد تحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 أيضا، لكن تزامن مع تطور الصادرات بهذا العام حدوث انخفاض للواردات لتسجل 58.3 مليار دولار نظير 66.2 مليار دولار عام 2016.
إذن التبادل التجارى خلال العام الماضى 2017 كان به شبه اتزان حيث تزامن تطور الصادرات وارتفاعها بنسبة تراوحت بين 11 إلى 12 % حدوث انخفاض ملحوظ جدا فى الواردات تقريبا بنفس نسبة زيادة الصادرات، وهو يتسق مع خطط ضبط الاستيراد، لكن فى العام الجارى ومع مرور أول 7 أشهر منه سنجد أن الواردات فى تزايد مستمر رغم ارتفاع الصادرات بقدر أعلى من العام الماضى، وهو ما يشير إلى نقطة فى غاية الأهمية وهى إمكانية لجوء الحكومة لقرارات جديدة لضبط الاستيراد أو البحث عن أسباب زيادة الواردات المصرية.
وبنظرة بسيطة للقطاعات التصديرية التى قادت ارتفاع الصادرات المصرية خلال الـ 7 أشهر الأولى من العام سنجد أن قطاع الكيماويات والأسمدة حقق زيادة بلغت 27.8% ليسجل 3 مليار و129 مليون دولار، مقابل 2 مليار و449 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2017، وهو القطاع التقليدى الذى يقود ارتفاع الصادرات غير البترولية سنويا بجانب قطاعات أخرى مثل مواد البناء، لكن الجديد فى أول 7 أشهر من 2018 هو تطور صادرات بعض القطاعات الاقتصادية الجديدة مثل الصناعات اليدوية والتى حققت زيادة بلغت 15%، وقطاع الصناعات الطبية بنسبة 12.1%، إضافة لقطاع الغزل والنسيج نسبة زيادة بلغت 11.2%، كما حققت صادرات قطاع الملابس الجاهزة نسبة زيادة بلغت 10.3% كما ارتفعت صادرات قطاع الكتب والمصنفات بنسبة 44.5% .
واللافت فى ملف ارتفاع الواردات هو زيادة وتطور الواردات لعدة قطاعات اقتصادية تعتبر مصر رائدة فيها، فمثلا نجد أن حجم الواردات لقطاع المفروشات زادت بنسبة 70% حيث بلغت وارداته نحو 79 مليون دولار خلال النصف الأول من 2018، مقابل 46 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، إضافة إلى قطاع المنتجات الجلدية ارتفعت نسبة وارداته 40.9% حيث بلغت 117 مليون دولار، مقابل 83 مليون دولار، وقطاع الصناعات اليدوية بنسبة 35.5% ليبلغ 202 مليون دولار بالمقارنة بـ 149 مليون دولار، وقطاع مواد البناء والذي ارتفعت وارداته بنسبة 29% ليبلغ 6 مليارات و410 ملايين دولار بالمقارنة بـ4 مليار و971 مليون دولار، فضلاً عن قطاع الملابس الجاهزة بنسبة 34.6% حيث ارتفع إلى 301 مليون دولار مقابل 224 مليون دولار، فهل من حلول لمواجهة هذه الزيادة فى الواردات دون اللجوء إلى قرارات تحرج مصر عند المراجعات الدورية بمنظمة التجارة العالمية؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة